أين سنُقدّم التعازي بوفاة ديمقراطية "إسرائيل"؟
كتب: عنان العجاوي
قال العضو العربي في الكنيست، أحمد الطيبي، ردًا على إقرار الكنيست لقانون القومية العنصري: "الديمقراطية ماتت".
استخدم الطيبي في تعليقه صيغة الفعل المضارع، يعني الديمقراطية ماتت الآن! أي أنها كانت حيّة! ولذلك نُعزّي الطيبي شخصيًا بموتها، بصفته أحد البنائين لصرح الديمقراطية الإسرائيلية، الذي أُنشىء على أكتاف الطيبي وإخوانه رهبان الكنيست العرب، ممن استخدمت إسرائيل حناجرهم كصوت داعم لصورتها "الديمقراطية"، وتمثيلهم المبتذل لدور المعارضة. حيث كانت إسرائيل تجلب الضيوف الأجانب إلى الكنيست فقط للفُرجة على الطيبي وإخوانه وهم يشتمون ويصرخون.
-"لا تقولوا أبرتهايد ولا نكبة.. يوجد تمثيل قوي للعرب في البرلمان!".
فيقوم أعضاؤنا الأكابر -ولك أن تتخيل!- بتصويب "المطيطة" خلسة من تحت الطاولات وقذف الضيوف بكرات صغيرة من الورق، في تصرّف لا يليق إلّا بطلبة الابتدائي البلهاء ممن يجلسون في المقاعد الخلفية ولا يفتقد الأستاذ وجودهم إلّا في ملء دفتر الحضور والغياب! هكذا كانت تتنفس الديمقراطية الحية قبل أن يشيّعها الطيبي، بعدما تقاسموا غنائمها مع نظام الاحتلال؛ هم بالوجاهة والتمثيل القَبلي، والاحتلال بشرعنة قوانينه العنصرية التي تمر بطريقة ديمقراطية وشفّافة ما دام الأعضاء العرب يرفعون أيديهم للتصويت عليها.
لو كانت يد الطيبي وباقي الأيدي الناعمة لأعضاء الكتلة العربية، وغيرهم ممن قالوا "الحياة مفاوضات"، لو كانت أيديهم مشغولة بشيء آخر غير التصويت، وأجسادهم كانت في مكان آخر غير مبنى الكنيست وجلسات التفاوض، لكنّا قُدنا السيارة على الخط السريع بالسرعة القصوى، فقط من أجل الشغف، متناسين أننا عميان، ولكن عندما انخرطنا مع العدو في منظومة هدفها التعديل والإصلاح بدل الرّفض والعصيان، العدو أخبرنا بأننا عميان، ثم أقنعنا بأننا قلعنا أعيننا بأصابعنا!
بعض أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، حتى التي فازت بالانتخابات، ما زالت شرعيتها ناقصة، لأن المعارضات فيها تقاطع الديمقراطية الصورية والشراكة في إدارة حكم قمعي.. فما بالك بالمشاركة في مؤسسة لا تراك، ودولة تُقر بأن حق تقرير المصير فيها "يخص الشعب اليهودي فقط"؟!
الكتلة العربية (الديكور) وبعبعها الكبير أحمد الطيبي، التي توافق على مناقشة هكذا قوانين والتصويت عليها، يحق لها استقبال التعازي بوفاة تلك الديمقراطية وانتحار من يؤمن بها. فحتى استقبال المعزين هو نوع من الوجاهة في العرف القَبلي ويلزمه عباءة!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء