خالد بطراوي يكتب لـوطن: الشيطان لم يعد غريبا

23.07.2018 01:47 PM

" ما غريب الا الشيطان " عبارة كنا وما زلنا نسمعها من ابائنا وامهاتنا واجدادنا وجداتنا وحتى من أبناء جيلنا بل ومن الابناء والأحفاد.

تأتي هذه العبارة دوما بعد أن يستغرب المرء منا أمرا ما فيقول " غريب" فيرد عليه جليسه بالقول " ما غريب الا الشيطان".

ربما كان االشيطان غريبا في الماضي، ولا أريد الترحم على " أيام زمان" ولا التبجح بها بالقول مغنيا " ايمتى الزمان يرجع يا جميل" ... لكن الشيطان أيها ألأحبة لم يعد غريبا بل على العكس تماما إنه يستوطن بنا جميعا وكما يقول الشاعر مظفر النواب " لا أستثني منكم أحدا".

الساكت عن الحق .. شيطان أخرس كما يقولون، وجميعنا نسكت عن الحق، بل وعلى العكس "نهز الذنب" ونتملق عند " الظل العالي". جميعنا إن تحركنا لنصرة أهلنا في غزة، نعود الى بيوتنا لنستمتع بمراوح الكهرباء على مختلف أنواعها ومسمياتها صيفا وأجهزة التدفئة الكهربائية ( كل بلقبه وصفته واسمه) ونلعن " سنسفيل سنسفيل " شركة الكهرباء اذا إنقطع التيار الكهربائي لدقائق قليلة في العام وليس في اليوم وإن خرجنا في مسيرة .. نعتبر أنفسنا أننا " عملنا شيئا" ويطبلون لنا على المنابر بالتذرع بأن ذلك أضعف الايمان.

زميلي المهندس قال كلمة حق فاتهموه بأنه يناصر " طائفة" ضد أخرى. صديقتي المحاسبة كشفت خلالا ماليا قد يرتقي لشبهة فساد في مؤسسة مجتمع مدني تجاهلها مجلس الادارة على امتداد أكثر من أسبوع رغم أنها أرسلت لهم رسالة مسهبة، ومن يدري ربما يلفقون لها تهمة.

" موت الغني وتعريص الفقير " مع الاعتذار للكلمة .. لكن هل سمعتم بهذا المثل؟ جنازة الغني يعملولها "هليلة" وفضيحة الفقير أيضا يعملولها هليلة، هل سمعتم يوما أن العكس قد جرى؟ هل رأيتم يوما جنازة "هليلة" لفقير وسمعتم عن فضيحة "هليلة" لغني حتى لو ضبط متلبسا وبالصوت والصورة.

تعديات على المال العام والخاص، تغول قطاع الخدمات على حساب قطاع الانتاج، غطرسة البنوك، سطوة السلطة، تعديات السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية، أباطرة العمل الأهلي الفلسطيني يخلقون طبقة جديدة هي طبقة الـ (NGO's)، رأسمالية الدولة الاحتكارية على السلع الأساسية، الأحزاب السياسية وقيادات السوبر مان الذي أو التي ينطبق عليه أو عليها أغنية عبد الحليم حافظ " كامل الأوصاف"، وفوق ذلك كله "الرويبضة" الذين يتحدثون في أمور العامة ... وتقولون لي " ما غريب الا الشيطان؟".

مظاهرات تخرج لتهتف " يا يهودي طق موت"، أخرون يتفذلكون بالقول " عليكم باطاعة أولي الأمر منكم" ويردد كثيرون جملة يطربون لها هي " البطانة الصالحة".

لا ينفع أيها ألأحبة مع ذلك كله أن نقف في صفوف الصلاة ليردد علينا الامام " إعتدلوا ... تراصوا .. ساووا الصفوف .. إن مساواة الصفوف من تمام الصلاة .... سدوأ الفرج ، لا تدعوا فرجة للشيطان" .. فينبري الواحد منا الى الصاق كتفه بكتف المصلي الى جانبه والصاق قدمه أيضا ظانا أنه بذلك لم يترك فرجة للشيطان.

بصراحة ... تبا لنا جميعا ... لا أستثني منا أحدا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير