خالد بطراوي يكتب لوطن: نحن والزلزال

30.07.2018 07:11 AM

 كثيرون يسألونني بحكم مهنتي كمهندس "هل الزلزال قادم؟"، " هل صحيح أن غدا سيحصل زلزال؟" بل وقال لي أحدهم " أنا خائف .. أنام بقلق .. واصحو بخوف ... أي حركة توقظني .. ولا أعلم كيف يواصل الناس حياتهم بشكل إعتيادي .. لم أجرؤ اليوم أن أستحم خشيت أن يحدث زلزال .. أدخن أكثر من المعتاد، كأني أريد الكسب من السجائر قبل فوات الاوان .. أن نسلم بالقدر شيء وأن ننتظر القدر شيء أصعب".

هل الزلزال قادم؟ سؤال كبير ..

الجواب أننا في حالة نشاط زلزالي حيث يتكرر حصول هزات بين خفيفة ومتوسطة في الصفيحة التي ترتكز بلادنا عليها لم  تتعد – حتى الان -  5 درجات ريختر .  تكرار الهزات الأرضية يؤدي الى إنبعاث طاقة وهذا يخفف من الزلزال الأكبر، الذي لا نعرف بالضبط متى سيحدث .... فالعلم عند الله سبحانه وتعالى.

لكن علينا أن نعلم أن الزلزال نفسه... لا يقتل ... أي أنسان يتواجد في العراء عند حدوث الزلزال يرقص مع الزلزال ( مش رقص كيكي) حيث لا يوجد أبنية تنهار ولا أعمدة ولا غير ذلك. الذي يقتل هو إنهيار بعض الأبنية جزئيا أو كليا وتطاير الأشياء وسقوط الأعمدة وإرتطام السيارات وحالات الخوف والهلع وغيرها من المعطيات الا الزلزال نفسه.

هل نحن جاهزون لاستقبال الزلزال؟

للاسف ... الجواب لا ... ربما نحن في وضع أفضل مما كنا عليه قبل عشرين عاما ( وربما أكثر) عندما بدأ سعادة نقيب المهندسين حاليا الدكتور جلال الدبيك جهده الفردي في المناداه (الى أن بح صوته) بأهمية العمل قبل حدوث الزلزال، ربما الآن الوضع أفضل بوجود جهود جماعية لكنها حتى هذه اللحظة لم تتكلل بتأطير ومأسسة إدارة الكوارث ( الطبيعية وغير الطبيعية) على نحو نكون معه على أتم الجاهزية لاستقبال أي زلزال أو أي كارثة لا سمح الله وتطويع المباني والبنية التحتية للتقليل من خطر الزلزال لشديد الأسف دون دون الطموح.

هل الوقت متأخرا؟

نعم ولا ... فقد تأخرنا كثيرا كثيرا تأخرنا أكثر من عشرة أعوام، لكن لا يعني ذلك أنه لا يمكن البدء  باستعدادات ما قبل الزلزال أو الكارثة، فكما يقول المثل الانكليزي " أن يأتي متأخرا .. خير من أن لا يأتي مطلقا" (Better later than never).

ما هو توصيف المرحلة؟

بكل تواضع أقول أن العلم يقول أن هناك  ثلاث مراحل للتعامل مع الزلزال أو أي كارثة .. ما قبل الكارثة .. وأثناء حدوث الكارثة .. وما بعد الكارثة.

بتصوري الشخصي ونظرا لتأخرنا فإننا الان في المرحلة الرمادية بين ما قبل وقوع الزلزال ولحظة حدوث الزلزال ... بمعنى لم يبق لدينا الوقت الكثير للشروع بكل أريحية ( وبتمديد أرجلنا) للتحضيرات لما قبل الزلزال، إذ ربما يحدث الزلزال في أية لحظة وربما لن يسعفكم الوقت لقراءة بقية هذه المقالة في المقابل ربما تعيشون الدهر كله دون حدوث زلزال كبير)  لكن المؤشرات تشير الى نشاط زلزالي كبير والوقت يداهمنا وبات من الضروري الشروع التطبيقي أولا باجراءات الحد الأدنى الممكنة للتخفيف من مخاطر الزلزال الأكبر دون ان يدب فينا أولا الهلع، وثانيا  وقف التعامل برد فعل موتور نتيجة لما يتناهي على مسمعنا من أخبار وبيانات ومعطيات تبثها وسائل الاعلام جزء كبير منه لا يتحرى الدقة ولا يقتبسها من المصادر الموثوقة.

على كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية الشروع باجراءات التخفيف من مخاطر الزلزال فورا ودعونا نعتبر أن مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل وغيرها من المراكز ونعتبر الدكتور جلال الدبيك بالدرجة الأولى وزملاءه المختصين بالدرجة الثانية وباقي المهندسين بالدرجة الثالثة مصدرا للمعلومة العلمية فيما يتعلق بتدعيم المباني القائمة والبنية التحتية بمتطلبات الحد الادنى والتشديد على البناء المقاوم للزلازل للأبنية التي يتم تشييدها حاليا.

ماذا نفعل كل على صعيد عائلته؟

على الأقل كأضعف الايمان بالامكان كل على صعيد عائلته ومنزله أن يقوم باجراءات للحد من تبعات الزلزال، كأن يقوم الواحد منا بتثبيت قطع الأثاث بشكل محكم وتثبيت اللوحات المعلقة على الجدران أيضا بشكل اكثر إحكاما، وإغلاق مصدر الغاز وإطفاء الكهربائيات أثناء النوم أو عند الخروج من المنزال وتوفير راديو يعمل بالبطارية لمتابعة الأخبار في حال إنقطاع التيار الكهربائي، وتوفير علبة إسعاف أولي وشاش رباط ومطهر وغيرها من المستلزمات الطبية الرئيسية وإختيار المكان الأكثر أمنا للتوجه اليه لحظة وقوع الزلزال ومكان التجمع في الحي بعد حدوث الزلزال وتدريب النفس على الهدوء وعدم الهلع وبالأخص الوالدين لما في ذلك من تطمين للأطفال وغيرها من الاجراءات البسيطة.

ما علاقة خسوف القمر بالزلزال الكبير؟

ذلك سؤال وجهه أكثر من شخص الى سعادة نقيب المهندسين الدكتور جلال الدبيك المتخصص في علوم الأرض وهندسة الزلازل حيث يعتقد البعض بوجود ربط بين خسوف القمر بحصول زلزال قوي، وكان إجابته اللطيفة بالقول " يرجى العلم بأن ذلك يدخل في إطار الاشاعات وأن العلم لا يمكن أن يحدد ساعة أو لحظة حدوث الزلازل فهي بعلم الغيب" .. أما إجابتي أنا الاضافية ( غير اللطيفة) فهي تقول أنه يكفينا التعلق بخزعبلات وتماما كما أنه لا يوجد علاقة مطلقا بين " القهوة السادة والصراع الطبقي" فلا يوجد علاقة لخسوف القمر بالزلزال أو البركان أو الفيضان أو حتى بكارثة غير طبيعية من صنع البشر، لقد وصلت البشرية من العلم مبلغه وما زلنا نحلق في فلك الخرافات.
حماكم الله جميعا ... ولصديقي الذي يخاف الاستحمام تحسبا من الزلزال أقول ... إستحم يا سيدي بدلا من أن تبقى " معفن" ....  ومن يعرف فربما تكون أرخميدس الثاني وتدخل التاريخ من ابوابه الواسعة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير