خالد بطراوي يكتب لـ"وطن":سلطة الفواكه

06.08.2018 07:03 AM

في سبعينات القرن المنصرم كان هناك معتقلا مدنيا في سجون الاحتلال يقدّم "سلطة فواكه" ظانا منه أنه بذلك يستدرج المناضلين لفعل الفاحشة. أتذكرونه... أوتذكرون كيف كانت نهايته؟

ما طار طير وإرتفع .. إلا كما وقع .. كانت والدتي رحمها الله تردد هذا المثل كلمة سمعت بتولي هذا أو ذاك منصبا أو بترقيته الى منصب أعلى وكان والدي أيضا يزيد من عنده بالقول " أسيادكم في الجاهلية ... أسيادكم في الاسلام".
كان الاحتلال الاسرائيلي في منظومته التشريعية الاحتلالية يصدر تشريعاته ضمن عنوان " مناشير .. أوامر .. تعينات" وكانت هي الأساس لإرساء الاحتلال في الضفة الغربية ( عبر قائد المنطقة الوسطى) أو في قطاغ غزة ( عبر قائد المنطقة الجنوبية). الأوامر العسكرية هي التي نالت منا جميعا في الاقامة الجبرية، الإعتقال الإداري، الابعاد، هدم وإغلاق المنازل، إغلاق المؤسسات والنقابات والمؤسسات التعليمية ومن منا ينسى أو لم يتأذى من قرارات الجنرال عمرام متسناع أو يوم توف سميا أو جادي زوهر أو داني روتشيلد أو أيهودا براك أو موشية ديان أو غيرهم.

من منى ينسى نص قرار إبعاده أو إعتقالة إداريا حيث كان قائد المنطقة العسكري يصدر الأمر لأنه يعتقد أن ذلك ضروريا " لأمن وسلامة الجمهور" بمعنى أن إبعاد كل المبعدين وإعتقال كل المعتقلين الاداريين كان ضروريا "لأمن وسلامة الجمهور" .... الله أكبر ... كيف يكون ذلك ونحن نرى بأمهات أعيننا كيف يتم إستقبال كل من يتحرر من سجون الاحتلال.
ذلك أن الاحتلال قام بتطويع المادة (43) من أنظمة لاهاي لعام 1907 التي تقول " إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة الاحتلال، يتعين على هذه الأخيرة، قدر الإمكان، تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه، مع احترام القوانين السارية في البلاد، إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك". أما كيف أحفظ رقم المادة من أنظمة لاهاي لعام 1907 ذلك ببساطة أنها تحمل ذات رقم قياس حذائي.

فهل إختلف الحال عما كنا عليه فيما مضى؟
كيف سيختلف الحال ونحن نفقد يوما بعد يوما أداة من أدواتنا النضالية المقاومة للاحتلال، كيف سيختلف الحال ونحن نكرس حالة الفرقة إما بدعم ومؤازرة هذه الطائفة أو تلك أو بالسكوت والصمت؟
كيف سيختلف الحال وفصائلنا الوطنية تبحث عن الخاص الضيق على حساب العام الشامل؟ 
كيف سيختلف الحال وجلّ إهتمام كوادرنا هو الترقيات الوظيفية حتى لو تطلب الأمر "هز الذنب"؟
كيف سيختلف الحال ونحن جميعا نغذي ثقافة التحشيد و" معاهم معاهم .. عليهم عليهم" ومنها مؤخرا ما تطالبنا به إحدى الشركات الخدماتية بعد أن " لعنت أبونا في عزا أمنا" على إمتداد أكثر من مائة عام وتطالبنا الان بالوقوف الى جانبها جراء قرار مرجعية رسمية عليا بحل مجلس إدارتها لتصويب أوضاعها، تقول لنا هذه الشركة " لعنا أبوكم في الماضي ... تعالوا تضامنوا معنا الان" .... قدموا لنا معطيات وحقائق ونحن من نقرر مواقفنا، وفي النهاية هناك مرجعيات رسمية لكم ويدكم ليست هي اليد العليا خاصة في موضوع حياتي يمس عامة الناس. تفرعنت كثير من الشركات على إمتداد أعوام وأعوام وربما لأنه لم يكن هناك من يوقفها فإنطبق المثل " قالوا يا فرعون مين فرعنك .. قال ما لقيتش حدا يردني" إذا ربما جاء اليوم "بوقف فرعنة" قطاع الخدمات وخاصة الخدمات الحياتية وقد يشكل ذلك مقدمة لباقي شركات الخدمات.

وبالمحصلة العامة، سلطة الفواكه لا تجذبنا وهي لم تكن ولن تكون وسيلة جذب لفعل الفاحشة لا كما يرغب الاحتلال ولا كما يرغب الأباطرة من بيننا.
والحدق ..... يفهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير