الحياة في غزة: بين الحرب والسلام والحياة اليومية

14.08.2018 03:56 PM

ترجمة خاصة- وطن: يحذر مسؤولون ونشطاء وسكان في قطاع غزة من أن الوضع في قطاع يتأرجح على شفا "كارثة إنسانية" حقيقية، في الوقت الذي لم تثمر فيه الجهود الدولية في التوصل إلى حالة طويلة الأمد من وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال وحركة حماس.

وقال مازن صافي، المحلل السياسي من غزة، في غزة: "يذهب أهل غزة للنوم كل ليلة وهم على أمل بحلول السلام والاستقرار في قطاعهم، غير انهم يستيقظون كل صباح التالي على أصوات طبول الحرب والترقب والقلق. وبالتالي، من الواضح ان الوضع في القطاع يتأرجح بين التوسط في هدنات هشة وقصيرة الامد، والوقوع في نزاع حاد، يؤدي الى المزيد من التدهور في الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في القطاع". واضاف، "نحن نشهد معضلة كبيرة جدا تشوه حاضر قطاع غزة، وتهدد مستقبله بشكل جدي على كل الاصعدة، من الفقر إلى البطالة إلى انخفاض معدلات الزواج، وهي جملة مشكلات لا يمكن معالجتها الا ضمن جو من الاستقرار، ولا يمكن حلها وسط نوبات متوالية من العنف.

"بينما قال بسام مناصرة ، المتحدث باسم الحركة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار في غزة: "ان الوضع قاس وصعب للغاية، وقد اعتدنا أن يكون لدينا نحو (780) شاحنة مليئة بالبضائع تدخل الى القطاع بشكل يومي".

واضاف، "كما أن الوضع الصحي صعب جدا وحالات المرضى لا يتم شفاؤها بسهولة في غزة، بسبب نقص الادوية، التي تفتقد في العيادات والمستشفيات والمراكز الصحية، حيث وصل الحد الى ان يضطر الأطباء بتأجيل او الغاء عمليات جراحية هامة بسبب نقص الادوية".

وفي هذا الصدد، أعلنت وزارة الصحة في غزة قبل يومين أن العلاج الكيميائي لم يعد بالإمكان تقديمه لمرضى السرطان في القطاع، مما يعرض حياة المئات من المرضى للخطر الحقيقي، علما ان العلاج الكيميائي لا يتم تقديمه الا في مستشفى واحد في القطاع.

وذكر المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أشرف القدرة، في بيان صحفي، ان العلاج الكيميائي لمرضى السرطان توقف تماما بسبب نضوب العقاقير اللازمة له، بالإضافة إلى نفاذ مادة النيوجين التي تستخدم لتحسين المناعة لدى المرضى".

وبدوره، قال إياد البزم، الناطق باسم قوات الأمن في غزة، أن الجولة الأخيرة من القتال تسببت بحدوث زيادة في حالات الذعر بين الناس، وانهم يقومون بالتعامل مع مئات الحالات كلما قام الاحتلال باستهداف المناطق السكنية في القطاع.

هذا وقد تعرض قطاع غزة الى الكثير من القيود منذ أوائل التسعينات، ولكن الاحتلال قام بتوسيعها بشكل كبير منذ سيطرة حركة حماس على القطاع في العام 2007، حيث فرض الاحتلال منذ ذلك الحين حصارا بريا وبحريا وجويا على القطاع.

ومنذ ذلك الحين، تفاقمت العزلة الاقتصادية على قطاع غزة بشكل مضاعف بسبب القيود التي تفرضها الحكومة المصرية على معبر رفح. وفي الآونة الأخيرة، قامت السلطة الفلسطينية بفرض عقوبات اضافية من طرفها، بما في ذلك الاقتطاع من رواتب ومزايا موظفين تابعين لها في القطاع.

وقال حازم قاسم، أحد المتحدثين باسم حركة حماس ان الحقيقة الواضحة امام الجميع هي أن الوضع الاقتصادي والإنساني في قطاع غزة هو الأسوأ منذ عقود، وان ما نسبته (99%) من مياه القطاع لا تصلح للشرب. اما الكهرباء فلا تتوفر الا لمدة (4) ساعات في اليوم فقط. واضاف قاسم: "لقد انهارت جميع الخدمات الأساسية تقريبا".

واضاف، "لقد فشلت (95%) من الشركات الخاصة في غزة، بسبب الإغلاق المنتظم للحدود مع مصر، مما يجعل الوضع العام غير مقبول تماما".

وأضاف، "لا يمكن أن تتحقق هناك هدنة الا عندما تتوقف إسرائيل عن تصعيدها العنيف، وتنهي حصارها المشدد على القطاع، وحماس لا تسعى إلى الدخول في مواجهة، أو الانخراط في حرب مع الاحتلال، وان العنف يندلع في كل مرة لان الاحتلال يسعى دوما الى الوصول الى "الهدوء من أجل الهدوء" فقط.

كانت الايام الاخيرة قد شهدت قيام الاحتلال بتوجيه نحو (150) ضربة استهدفت البنية التحتية لحركة حماس، بينما قامت حماس بإطلاق نحو (200) قذيفة من غزة على الاحتلال، وفق الكاتب.

ومنذ فرض الحصار على غزة، يرفض الاحتلال رفع الحصار او تخفيف القيود على القطاع قبل ان تلقي حركة حماس أسلحتها. ومن بين الأفكار التي طرحت سابقا لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة، يدور الحديث عن خطط لبناء جزيرة اصطناعية قبالة ساحل القطاع بحيث يضم ميناء ومرفأ للبضائع ومطار. كما يدور الحديث عن توسيع معبر "إيريز" الذي يستخدم حاليا كممر للناس فقط. كما يدور الحديث عن انشاء منطقة صناعية مشتركة. ومؤخرا، ذكر تلفزيون الاحتلال أن وزير جيش الاحتلال، ليبرمان، اقترح بناء ميناء في قبرص ليكون بمثابة مركز لنقل البضائع إلى غزة.

كما أوصى جيش الاحتلال بإصدار آلاف التصاريح لسكان غزة لتمكينهم من العمل في إسرائيل. وقام مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بالترويج لفكرة تحسين البنية التحتية في شبه جزيرة سيناء لتعزيز الاقتصاد الغزي.

ويقوم دبلوماسيون من الأمم المتحدة بالتردد على الأراضي الفلسطينية منذ أيام في محاولة للدفع باتجاه التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، على الرغم من وعي جميع الأطراف أن العوائق امام حل كهذا أكثر بكثير من الفرص.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"

تصميم وتطوير