بلغ السيل الزبى

28.08.2018 09:43 AM

كتبت: سميرة سلامة

أمسكت بالقلم .. كي أكتب ما جال فى خاطري ... خجلت ... كيف أكتب عن نفسي، وهناك شعب بأكمله ... هم أهلى وابناء وطنى واحبابي، يعيشون تحت وطأة ظروف لاانسانية ... هم شعبي واهلي فى غزة المنكوبة.

ليس انسانا ولا فلسطينيا من يحاول ان يحيا بنفسه لنفسه ضاربا بعرض الحائط حال شعب يتألم ... يعيش على الفتات ... ضحية قرارات خطت على ورق ... تتحكم بمصير أهلنا في غزة .. وتنخفض من المستوى المعيشي لديهم الى الدرك الاسفل.

لا اعتقد ان ما يسمى هذه الأيام (بصفقة القرن) هي سبب ذلك كله بل يجري استخدامها كشماعة نعلق عليها جميعنا أخطائنا وسلبياتنا.

كم مرة نرددها يوميا وعلى من تقع المسؤولية فى وجود هذا المسمى الوهمى.... تلك الفزاعة المسماخ "صفقة القرن"؟

كم هو عدد المرات التي سعينا بانفسنا - عن قصد وعن غير قصد- الى تكريس افكار صفقة القرن الهلامية الفضفاضة وغيرها من المخططات الهادفة الى انهاء قضية الشعب العربي الفلسطيني؟

كيف فكرت القيادة الفلسطينية و"بطانتها" الصالحة في تكريس حالة الحصار المفروض على قطاع غزة... من خلال وقف الرواتب بهدف الضغط لوقف حالة الانقسام الداخلي حتى ولو تأتى ذلك على حساب القوت اليومي لاهلنا هناك؟

بدأت كرة الثلج ... تتدحرج من فكرة لدى القيادة الفلسطينية الى رغبة سلبية بحته ( لشديد الأسف) لربما لتصفية حسابات وتغيير ميزان القوى ... على مرأى ومسمع وسكوت اعضاء المجلس الوطنى الفلسطيني المنتخب وببيانات رافضة خجولة من الفصائل او بعض الشخصيات الفلسطينية. كان اهلنا في قطاع غزة ضحية ذلك كله. في نيسان 2018 جرى الاعلان عن التراجع عن مسألة قطع الرواتب والشروع الفوري بصرفها .. وها نحن نودع شهر اب دون ان نلمس تنفيذا فعليا على ارض الواقع .مع قرب بدء العام الدراسي الجديد وحلم أطفال غزة بحقيبة مدرسية مكتملة.

لقد شكلت هذه الارهاصات اساسا ممهدا لتحويل "صفقة القرن" من الوهم الى الواقع وشروع كل من الولايات المتحدة وكيان الاحتلال وجمهورية مصر الى زيادة "النشاط" تحت عنوان المصالحة الفلسطينية وترتيب البيت الداخلي بل .. وادخال مصطلح جديد الا وهو مصطلح التهدئة.

كل ذلك اعطى لغير المطلع او المتفحص في ثنايا التفاصيل الانطباع اولا بمساواة الجلاد والضحية .. إذ أن مصطلح التهدئة يوحي وكأن الموضوع هو موضوع قوى عسكرية متكافئة وليس

خضوع شعب برمته تحت نير احتلال توسعي شرس، وثانيا بدأ المجتمع الدولي يستشعر مدى ضعف القرار الفلسطينى ومدى تفكك النسيج الفلسطينى مما سهل عمليات الاختراق بل والتدخل السافر بكل صغيرة وكبيرة تخص قضيتنا ومشروعنا الوطنى، حيث تعالت أصوات تنادي بتجريد اللاجئين من حق العود.

اليوم... لقد طفح الكيل ... وبلغ السيل الزبى كما يقولون .. فقد بدأ صبر "الوسطاء" ينفذ لاتمام وانجاح المصالحة .. وبدلا من أن صطاد نحن الارنب المتأسد فى منطقتنا ... تم إصطيادضنا نحن حيث تشدنا دوامة الاحداث شيئا فشيئا نحو الحضيض ... ومع هذا فإننا نقول ما غنته أم كلثوم قبل سنوات وسنوات ... انما للصبر حدود... على القيادة الفلسطينية و" البطانة الصالحة" ان تعي مدى علو درجة المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها قبل انهيار المشروع الوطني والحلم الفلسطينى .. ذلك يتطلب التوقف ازاء كل ما يجري من مؤامرات بثبات وتحدى ووفاء للعهد والتاريخ والشهداء والاسرى .. ما يستدعي التوجه الفوري الى قطاع غزة .. تلك القطعة من قلب فلسطين ونبضه ... وليكن لهذه القيادة الشجاعة للوقوف "وجها لوجه" وعلى أرض غزة هاشم مع "قادة حماس" ... إن كنا حقا نريد أن نحفظ ماء الوجه وقبل فوات الاوان ونعلن بملء الفم ... اننا سنرتب البيت الفلسطيني الداخلي بانفسنا قبل وساطة غيرنا ... ففلسطين اسمى من كل شىء ... وفوق كل شىء.

ان لم نفعل ذلك وعلى جناح السرعة ... فثمة فساد في الارض ... وسفر التاريخ يرصد ذلك كله ويسجل ... والأجيال لا ترحم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير