لنعود الى المربع الأول...

02.09.2018 11:17 AM

كتب: رامي مهداوي

استمعت يوم الأربعاء الماضي لما يقارب 35 متحدث و40 مداخلة من شخصيات وقيادات فلسطينية من مختلف الأطياف الفكرية الوطنية والإسلامية من الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني، ذلك من خلال مشاركتي في مؤتمر "الرزمة الشاملة طريق الوحدة الوطنية" الذي نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية_مسارات، وأيضاً من خلال ورشة عمل نظمها ملتقى فلسطين الثقافي بعنوان" إسرائيل والدولة القومية للشعب اليهودي".

بعد هذا الكم الهائل من الآراء المتنوعة، ومشاهدة النزاعات وتسجيل المواقف بين المتحدثين وهم يتحدثون عن المصالحة!! والدخول في متاهات رفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة والشروع في حوار وطني، وضياع مفهوم المواطنة لفلسطينيي الداخل، ثم النظر الى الذات الفلسطينية أين تقف الآن من مواجهة الكيان الصهيوني الإستعماري؟  فنحن لا نمتلك برنامج وطني في مواجهة الإحتلال من أجل إنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية، بطبيعة الحال لا نمتلك أسس الشراكة الواقعية التي تتلاءم مع قواعد العمل لمرحلة التحرر الوطني، هذه اللوحة البشعة للحالة الفلسطينية التي وصلنا لها تجعلني أسأل السؤال التالي: لماذا لا نعود الى جذور"الملهاة"_ القضية الفلسطينية_ وما هو المانع للعودة الى المربع الأول؟

والمربع الأول هو أن فلسطين التاريخية تخضع لإحتلال صهيوني منذ عام 1948، بالتالي يجب الحديث مع العالم بلغة التحرر من الإستعمار، وتحمل الدول الغربية مسؤوليتها التي ساهمت في انشاء هذا الكيان من أجل التخلص من القضية "اليهودية" في مجتمعاتهم الغربية  وإنشاء وطن قومي لهم على حساب الشعب الفلسطيني.

قد يقول قائل ما هذ الجنون؟! لكن بإعتقادي نحن الآن في أفضل وقت للعودة الى المربع الأول وليتحمل الكل مسؤولياته، لتتحمل "الأونوروا" مسؤوليتها، ولتتحمل الأمم المتحدة تطبيق قراراتها، وليتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الكثيرة وأهمها ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من عربدة دولية ليست فقط على القضية الفلسطينية وإنما على العالم!
أيضاً لتتحمل إسرائيل مسؤليتها عن أعمالها التي تقوم بها بإسم القانون!! وهي بعيدة كل البعد عن المواثيق والقوانين والشرعية الدولية، لهذا هي دولة عنصرية" الرايخ الثالث" بمعنى انها تتحول الى نازية  بما تحمله الكلمة من معنى كما حدث في المانيا بالفترة بين 1933 إلى 1945.

نجد القوانين العنصرية التي تُشرعها دولة الإحتلال وآخرها كان ضد فلسطيني الداخل المحتل، نجد أيضاً اللاإنسانية في قطاع غزة وقتل أكثر من 2 مليون فلسطيني بذرائع مختلفة، نجد الإستيطان الإستعماري الكولونيالي الذي يفتك الضفة الغربية بشكل يومي ووجود ما يقارب 220 الف قطعة سلاح بيد المستوطنين، نجد القرصنة الإستعمارية على الأموال المستحقة للفلسطينيين في مختلف القطاعات، والكثير الكثير من المشاهدات التي بإمكانكم إضافتها.

أما نحن كفلسطينيين وقعنا في فخ تقسيم تطلعاتنا الوطنية والإنسانية، هناك من يناضل وحده من أجل حقوق المواطنة، وهناك من يناضل لأجل الإستقلال وإنشاء الدولة، وهناك من يناضل وحده من أجل حق العودة وتقرير المصير، والأخطر بأننا جميعاً لا ندرك مخاطر النضال الفردي من حيث النظرة الشمولية للقضية الفلسطينية.

أنا مؤمن بأن قانون القومية اليهودي له أضرار ليس على فلسطينيي الداخل فقط، وإنما على الكل الفلسطيني، على ابن مخيم عين الحلوة وعلى ابن خان يونس وعلى ابن قلقيلية...ألخ. أيضاً ما يحدث و/أو سيحدث في ما يسمى "الهدنة" بين حماس وإسرائيل يؤثر بشكل كبير على الضفة الغربية وعلى اللجوء والشتات الفلسطيني. وما يحدث أيضاً في الضفة الغربية بمختلف جوانب الحياة إقتصادية وسياسية واستعمارية له أثر ملموس على الكينونة الفلسطينية.

تلك المعادلات والتصورات التي ذكرتها بحاجة الى صياغة المعادلة للعودة الى المربع الأول والى جذور الحكاية، وهذا يتطلب أفكار جديدة وأدوات عصرية وهدم "التابوهات" الفلسطينية، وأن لا تتم صياغته كأنه شعار تكتيكي للمرحلة الحالية، بقدر ما إنه فعل لقلب الطاولة دولياً وليتحمل الكل مسؤوليته التاريخية اتجاه الشعب الفلسطيني المحتل.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير