نادية حرحش تكتب لوطن: افتتاح مدرسة "العلا" ورشق البيض على المرشحين الفلسطينيين عند مبنى البلدية

07.09.2018 01:30 PM

 أعتذر للقراء قبل البدء ... فهذا مقال سوداوي آخر!

لكن لا أكثر من المقالات المتعبة للنفوس، أجد نفسي أجمع المواضيع. والحقيقة الأهم هي تكاثف المواضيع التي تنهال علينا . مصابنا في هذا الوطن بات كمن طفحت في بيته البلاعة ( المجاري- الصرف الصحي...الخ من مصطلحات قد يجدها القاريء أكثر تناسبا مع ذوقه السمعي).

هاجت الجموع وماجت عندما تم تأجير أحد المباني في القدس والذي خدم كمدرسة على مدار أكثر من خمسة او ستة عقود على الأقل لبلدية احتلال القدس، فالذاكرة الجمعية للإنسان المقدسي على حسب العمر تتذكر المدرسة كالمدرسة الابراهيمية أو مدرسة الفتاة اللاجئة.

-كم من المباني مؤجرة لبلدية الاحتلال ومؤسساته المختلفة؟

-الكثير الكثير 

-كم من الأراضي والبيوت تم بيعها للاحتلال بجمعياته ومؤسساته؟

-الكثير الكثير..... وما خفي هو الأعظم

-ما الذي فعله المجتمع في هذا الصدد، سواء على المستوى الشخصي او الحكومي او المؤسساتي؟

-لا شيء أكثر من صوت باهت مر به البعض عبر مكبر صوت قديم.

-لماذا هذا الصمت والخنوع الأقرب الى الرضى عما تقوم به بلدية الاحتلال ومؤسساته المختلفة؟

هناك أجوبة مباشرة كثيرة: غياب السلطة الفلسطينية عن القدس وتركها بين فكي الاحتلال على مدار العقود الثلاثة المنصرمة، وترك القدس في معزل عن باقي المجتمع الفلسطيني.

تفرد الاحتلال في أدوات القمع والاستيلاء والاستبداد، وترك المواطن المقدسي في معزل وسط وسائل قمع ممؤسسة.

الفساد في السلطة وتجربة السلطة نفسها جعلت الانسان المقدسي يفكر بأنه من الأفضل الا يصبح جزء من هذا النسيج المهترئ.

إسرائيل تقدم بالمقابل خدمات لا نراها في مناطق السلطة من تعليم وصحة ومرافق عامة.

لا يوجد ضرورة للتمحيص والخوض أكثر ... فهناك قاعدة واحدة بسيطة وجلية: ما تقدمه إسرائيل في اليمين تأخذه منا في المقابل مئات المرات في الشمال، وقد نعتب على السلطة ونلومها وهي مقصرة بلا شك، ولكن اذا نظرنا الى حال المواطن العادي في مدن السلطة فهو في حال أفضل من حال ابن القدس.

المواطن في القدس يعيش وراء لهاث الابتعاد عن مصائب الضرائب والمصاعب والانتهاكات، مقابل انتعاش واضح لمواطني الضفة. وهنا أتكلم عن الانسان العادي وليس الانسان المعدم. فالفقير مسحوق في كلا المكانين وبنفس القدر.. بل في القدس أكثر. لأن المواطن في القدس لا يمكن له التخلص من عبء الاحتلال وقمعه ومحاولاته غير المنقطعة عن تهجير الفلسطيني.

شاهدت فيديو شاركه رئيس بلدية الاحتلال نير بركات متفاخرا في افتتاح المدرسة، التي تحول اسمها الى العلا.

نستطيع القول ان ما تقوم به البلدية هو جزء بديهي من متطلبات عملها، فنحن ندفع الضرائب وتحت سلطة هذا الكيان فواجبه تقديم الخدمات. ولكن.. لا يحتاج حتى طفل مميز ان يفهم ما يراد من هذه الخطوة. ولن الوم البلدية ولا رئيسها ولا من أجر العقار، ولكن هناك جيش كامل شكل ما قامت به البلدية. الفلسطينيون المرافقون لرئيس البلدية هم المعضلة الحقيقية في هذا الموضوع.

التكلم باللغة العبرية وكأنها لغة الام. يعلم الله ان من كانت تتكلم العبرية الى جانبه لا يفرقها الإسرائيلي في لكنتها عن الرجل اليهودي الى جانبها. اللغة العبرية المكتوبة في الاستقبال بدء من اسم المدرسة والأطفال الصغار الملقنين للغناء بالعبري، والطفلة التي القت كلمة باللغة العبرية. تسابق من كان متواجدا بالكلام بالعبري والتودد الى الرجل كان مثيرا للاشمئزاز.

تساءلت لوهلة من هم هؤلاء الاهل الذين يرسلون ابناءهم لهذه المدرسة، ثم فكرت انهم لا بد ان يكونوا من اولئك المسحوقين في هذه الأرض. فرسوم المدرسة 200 شيكل شاملة للمواصلات.

لم تنجح إسرائيل على مدار العقود بأسرلة المناهج، حتى تقف مسؤولة ما بالمعارف الإسرائيلية عربية الأصل متأسرلة ومديرة ربما ومعلم ولا اعرف من، أولئك في طوابير الوظيفة التي يطمحون بالحفاظ عليها او يترقون.

المشكلة تبدأ هنا، بالأفراد في مواقع السلطة ما بين الانسان الفلسطيني المحتاج للخدمات وأولئك المتملقون للسلطة الإسرائيلية من اجل مناصب واموال. لا يختلفون هؤلاء عن فاسدي السلطة الفلسطينية. الفرق ان إسرائيل تخضعهم كما تخضع الكلاب المسعورة فتروضهم.

لم أستطع الا تخيل عملية تدريب الأطفال على الغناء بالعبرية. كيف استطاعت معلمة مخلصة لوطنها فعل هذا؟ ليس لأني ضد تعليم العبرية، ولكن من اجل هدف استخدام اللغة في تلك اللحظة. تخيلت كيف سيكون هؤلاء الأطفال هم أنفسهم في المظاهرات ضد الاحتلال وقد يكونوا شهداء في لحظات التفجر الكثيرة في هذا الوطن الدامي.

تخيلت كيف يقف من هرول لالتقاط الصور مع رئيس البلدية ويدله على الطريق ويشرح له عن الإنجاز العظيم، وهو يبكي صنيع الاحتلال عند قصف غزة او هدم بيت جيرانه او استشهاد فلسطيني قد يكون بعمر ابنه. تخيلت الشعارات الوطنية والتغني بالهوية من هؤلاء في مواقف أخرى.

المشكلة هنا في هؤلاء.... ليست المشكلة في صاحب العقار الذي سيعرف الاحتلال كيف يسقيه ثمن المأجور من ضرائب ستخرج تباعا. ولكنه ربما أغرم لتحسين حال قامع لا يمكن تحمله.

المشكلة ليست بالأهل الذين يحاربون من اجل تثبيت هوياتهم ويعتش اربابهم على فتات اللقم وبالكاد دخلوا المدارس ويعرفون فك الكلمات.

المشكلة بالمتعلمين المتنفذين الذين يركبون ركب الفرص فينتهزوها ...فخسئا لهؤلاء.

هؤلاء أنفسهم قد يقاوموا ويعترضوا بشدة على نية بعض المقدسيين الترشح لانتخابات البلدية. اكاد اجزم ان المعترضين من حملة جوازات السفر الإسرائيلية الذين ينددون بالاحتلال وينعمون بمزاياه. ولسخرية القدر رمى أحدهم البيض على المتحدثين وكان أحد عمال البلدية.

لا الوم العامل في هذا، وربما افهم من قرر ترشيح نفسه في ظل الاسرلة الممنهجة والقمع المفرط على السكان. فقد يرى هؤلاء الحاجة الى هكذا خطوة، خصوصا في ظل الانصياع والاندماج المطلق مع ما تقدمه البلدية من خدمات. فلماذا لا يكون هناك من يمثل الحقوق التي ندفع ونعاني من اجل الحصول عليها؟

ولكن أهكذا نحصل على الحقوق؟ هل الشعب في حالة ضياع من الحلول وجاء هؤلاء بالعصا السحرية الغائبة عن الاذهان لسنوات؟ هل غياب السلطة الفلسطينية يعني بالفعل الالتحام مع السلطات الإسرائيلية؟

ما يميز بين المقاومة والمساومة حرف يعترض الكلمتين. وما يميز العمالة عن تقديم الخدمات حب لوطن يراد له الحرية عن طريق التحرر. ولا تحرر يقوده احتلال !

ولكن المشكلة هنا تأخذ ابعادا اخرى، المشكلة استغلال من لهم مآرب أخرى. المشكلة في غياب السلطة التشريعية والسياسية التي ألقت بالمواطن المقدسي بالنيران وقالت له تظلل!!!

وللحديث بقية...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير