المسؤولية أخلاق والأخلاق مسؤولية

11.09.2018 12:42 PM

كتب- المحامي أمجد الشلة :

ما قبل مجيء و قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية الى الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاقية أوسلو كانت قد اندلعت انتفاضة الحجارة الفلسطينية في العام 87 من القرن الماضي انتفاضة الطفولة انتفاضة المحرومين انتفاضة الحرية و الامل بالتحرر سقط الشهيد من الرجال و الشيوخ و الاطفال و النساء و الطلاب و الطالبات و امتلأت المعتقلات الصهيونية الفاشية و النازية بأبناء الشعب الفلسطيني .

حاولت اسرائيل سياسيا خلق اجسام بديلة لملىء ما كانت تسميه فراغا في تلك الآونة على اعتبار ان منظمة التحرير من وجهة نظرهم كانت ضعيفة و بعيدة حاول الاحتلال بحاكمه العسكرية في كل منطقة و مدينة ان يأخذ دور الموجه و المحاور و المحافظ لتلك المنطقة او المدينة و فشل، حاول الاحتلال من خلال شرطته الاسرائيلية التي كان يعتبرها مدنية، التغلغل و التقرب من الناس و المواطنين و فشل، كان من خلال عملائه يعمل فشل و فشلوا ، لم يكن فشل الاحتلال و فشل كل أدواته محض صدفة، بل كان دليل وعي وطني شعبي فلسطيني منقطع النظير و كان دليل قوة وحدة وطنية و كان دليل تمايز اخلاقي مجتمعي عالٍ جدا.

اليوم و بعد ظهور وتطور وسائل التكنولوجيا و العلوم الالكترونية و البرمجية و الاتصالات و العالم الذي اضحى قرية صغيرة بعد انتشار الفيس بوك و التويتر و السناب شات و الواتس آب و الفايبر و انستغرام و غيرهم من الأسماء لهذه الوسائل التي حقيقة لا اعرفها بدأت تظهر مظاهر جديدة من الجريمة والتي قد تكون اقرب او أشبه بالجريمة المنظمة و الأدهى و الأمّر بشاعة بعض الجرائم التي لم يعد بمقدورنا ان نسمع عنها او نتحدث بها و أصبحت الوسائل الأمنية لمواجهتها تعاني و تعاني و لم يعد من السهولة بهذه الأجهزة مكافحتها قبل وقوعها.

اعود قليلا الى المقدمة قد يقول قائل ان في تلك الفترة لم تكن هناك وسائل متطورة و حديثة كالتي هي اليوم وهذا صحيح و لكن كانت نسبة الوعي اعلى و نسبة الالتزام اعلى و الحذر و التحذير من الوقوع في الخطأ ايضا اعلى و كانت حالة وطنية سائدة و مسيطرة و كان المشهد الوطني عالي و دارج و كان التمايز بيننا فيمن هو الوطني اكثر بالرغم من ان الكثير الكثير من الجرائم كانت تقع ولكن كان هناك العقاب و كان هناك ما تسميه التنظيمات الفلسطينية الرادع و كان هناك المحاسبة و درجة المسؤولية اعلى و اكبر .

مالذي حدث اليوم او ما الذي يحدث اليوم ؟ هل الفيس بوك او التويتر او غيره هو السبب لكونه فيس بوك او تويتر او واتس ؟؟؟ ام كاميرا الهاتف الجوال ؟ ام كاميرا اللاب توب ؟ ام الحديث المتبادل بين طرفين ؟ بالسابق كان هناك الرسائل الورقية ؟؟ اذا ما الذي اختلف ؟؟؟

من وجهة نظري الأخلاق هي الأخلاق ، من يتحلى بالاخلاق في المدرسة و الجامعة و مكان العمل هو ذات الشخص الذي يتحلى بذات الأخلاق على الفيس بوك و التويتر و الواتس و الفايبر و غيرها .

التربية الأبوية ودور الام ودور المدرسة ودور الحزب و المؤسسة و النادي كل هؤلاء كانوا سببا ولو غير مباشر و ولو عن غير قصد بالطبع لضياع الكثير من ابنائنا لوقوعهم كضحايا للتكنولوجيا و وسائل الاتصال و وقوعهم في براثين جريمة المخدرات و الوصول لارتكاب البعض لجرائم لها علاقة بالشرف ..

" من أمن العقاب أساء الأدب " فالأخلاق مسؤولية وتربية وواجب وثقافة ودين ومبدأ و لكن حتى الأخلاق بحاجة الى مراقبة و متابعة يعني بحاجة الى مسؤولية على ان تكون هذه المسؤولية تتحلى و تمتاز بالاخلاق  و أعي تماما ان ما اتحدث به و موضوع هذا المقال لا يكفي ان نتحدث عنه من خلال سطور او بضعة كلمات و انا على يقين ان هذا الموضوع بحاجة الى برنامج عمل و خطة مطلوب العمل عليها ممن لهم عمل و اتصال مباشر بالعمل المجتمعي و الجماهيري ومطلوب من كل المؤسسات و الوزارات و الأحزاب و التنظيمات ان تخرج من بوتقة العمل الرسمي و ان تخرج للشارع للنادي للمقهى للمطعم للمسجد للكنيسة للمدارس الاساسية اولا و الثانوية و الجامعات و المعاهد و الكليات لنرفع شعار الأخلاق عاليا و رفعة الأخلاق و التربية على الاخلاق فإن تمايزنا بين الأمم و الشعوب فقط يكون بما نتحلى به من أخلاق قويمة ورفيعة ولا يمكن أن نصل الى مجتمع خال من الجريمة الكترونية او غيرها الا بالاخلاق والتربية عليها وإنشاء و تربية ابنائنا على القيم المجيدة والاخلاق القويمة الحميدة و دمتم بحفظ الله و رعايته .
‏‫

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير