بسيسو: أي حراك ثقافي لا ينسجم مع الشرعية الدولية مرفوض ويخدم الاحتلال

17.09.2018 03:02 PM

البيرة- وطن: شدد وزير الثقافة  إيهاب بسيسو، على أن "أي حراك ثقافي لا ينسجم مع التشريعات والقرارات والمرجعيات الدولية، حراك مرفوض بالنسبة لنا، ويساعد، بشكل أو بآخر، الاحتلال على المضي قدماً بسياساته القائمة على انتهاك الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولا يخدم إلا سياسة الاضطهاد التي يمارسها الاحتلال".

بسيسو، وفي مؤتمر صحفي نظمته نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في مقر وزارة الثقافة بمدينة البيرة اليوم، تحت عنوان "فلسطين والاتحاد الأوروبي .. الثقافة والحقوق الوطنية"، وجه دعوة إلى "مختلف الفعاليات والمؤسسات الثقافية، وخاصة الأوروبية منها، بضرورة الانتباه إلى أهمية أن تكون الثقافة جسراً نحو العدالة، وليست جسراً نحو مزيد من الاضطهاد بحق شعبنا".

وأضاف بسيسو: نحن منفتحون في علاقتنا الثقافية على مختلف الدول، عبر المرجعيات الدولية المتمثلة بالقرارات والمعاهدات التي تنظم العلاقات بين الدول، والتي تنظم المساحات الثقافية التي من شأنها أن تكون الجسر نحو مستقبل البشرية.

وتابع: دورنا هنا في وزارة الثقافة، وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وعبر أصدقاء فلسطين في العالم، العمل على التنبيه إلى مخاطر سياسات الاحتلال التي لا تخدم أي من الجهود الثقافية المحلية والدولية في هذا السياق، متحدثاً عن الدور الثقافي الفلسطيني على مستوى المشاركة في التظاهرات الثقافية والفنية الدولية وآخرها مشاركة دولة فلسطين في جناح رسمي بمهرجان كان السينمائي، مؤكداً تطلع فلسطين إلى شراكة أكثر عمقاً واستدامة مع الاتحاد الأوروبي وكافة الدول الصديقة حول العالم، مع التنبيه إلى أن الثقافة والاضطهاد لا يلتقيان، كما هو حال الثقافة والاحتلال.

"اليوروفيجين"

وتحدثت وزير الثقافة عن مسابقة "اليوروفيجين" الأوروبية بنسخة العام 2019 .. وقال: تمثل هذه المسابقة إحدى واجهات الفن في أوروبا، وحالة من حالات الحراك والتفاعل الثقافي بين دول الاتحاد الأوروبي، ومن شأنها أن يكون لها دور في دعم مسارات الاستقرار والعدالة والسلام، وهي بالنسبة لنا مسابقة ننظر دائماً باهتمام إلى تفاعلاتها ودورها في تنمية الثقافة والفنون، والتعريف بثقافات الشعوب، وما ينطبق على سائر الفعاليات الثقافية ينطبق على "اليوروفيجين"، فإن كان تنظيمها في العام 2019 لا ينسجم وقرارات الشرعية الدولية التي تنص بشكل واضح على أن القدس العاصمة محتلة بالاستنداد إلى القرارات 242 و338، فهي تسيس بشكل لا يخدم الجهود الدولية، ولا حتى السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي الواضحة في هذا السياق.

وأضاف: نثمن جميع الجهود التي تواصلت في الفترة الماضية في هذا الاتجاه، وعبرت عنها أصوات المثقفين والمبدعين في فلسطين والعالم، عبر عرائض للتنديد بسياسات الاحتلال من جهة، وللتأكيد على الحقوق الوطنية الفلسطينية.

وخاطب بسيسو المشاركين في الدورة المقبلة من المسابقة، بالقول: نود منكم الالتفاف إلى معاناة شعبنا الفلسطيني، فحيث تكون المسابقة وحيث موقعها، هناك شعب لا يبعد إلا كيلومترات معدودات عن مكان الاحتفال، يعاني من انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لحقوقه الإنسانية والوطنية، وضرورة الانتباه إلى خطورة ما يقوم به الاحتلال من انتهاكات على المستوى الثقافي.

وأكد بسيسو مجدداً: أي مشروع ثقافي فني، سواء أكان "اليوروفيجين" أو غيره لا يأتي منسجماً مع قرارات الشرعية الدولية، يمثل خدمة لسياسات الاحتلال القائمة على الاضطهاد، فلا يمكن أن تتساوق الثقافة مع الاحتلال أو مع الاضطهاد، ولا يمكن للمبدع أن يتجرد من البعد الإنساني القائم على الانتصار للعدالة، وشعبنا الفلسطيني في أمس الحاجة للانتصار لعدالة قضيته، وعبر بوابة الثقافة والفعل الثقافي".

وأوضح أن "رسالة الدعم التي وقع عليها الكثير من المبدعين الأوروبيين وحول العالم تؤكد أن فلسطين ليست وحدها، والأمر ذاته ينطبق على جهود جامعة الدول العربية وأمينها العام أحمد أبو الغيط، وتؤكد بأن الفعل الثقافي الفلسطيني ببعده الإنساني والدولي ضرورة من أجل تحقيق العدالة، فنحن لا نتدخل في طبيعة العلاقات الثنائية للدول، ولا في سياساتها الداخلية والخارجية، وطبيعة الاتفاقيات في الشأن الثقافي وغيره وعمل المؤسسات الثقافية الدولية وتلك التي تتبع الدول، ولا نطلب أكثر من تحقيق العدالة لشعبنا الفلسطيني، واحترام المواثيق وقرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بفلسطين وشعبها القابع تحت الاحتلال .. سواء أقيمت مسابقة "اليوروفيجين" في القدس أو غيرها، فإنه لا يمكن فصل ذلك عن سياسات الاحتلال وما يقوم به، فلا نريد للثقافة أن تتحول إلى أداة اضطهاد بل نريدها جسراً نحو العدالة".

علاقة شراكة

وكان بسيسو أشاد بالعلاقات الفلسطينية الأوروبية في مختلف المجالات، والتي تتواصل منذ إنشاء السلطة الفلسطينية، واصفاً إياها بالشراكة ذات الطابع التنموي، والتي تدفع باتجاه إيجاد حلول سياسية قائمة على الاستقرار، وصون الحقوق الوطنية الفلسطينية بمرجعية قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، لافتاً إلى الدور الحيوي للدعم الأوروبي لجهود القيادة الفلسطينية باتجاه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال بسيسو: هذا الدور الذي تقوم فيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لصالح إرساء دعائم العدالة والاستقرار، وحفظ الحقوق الوطنية دور مهم للغاية.

ولفت بسيسو إلى أن الاتحاد الأوروبي، قام على مدار السنوات الماضية بدعم العديد من الفعاليات الثقافية، على مستوى البنى التحية الثقافية في فلسطين، وعلى مستوى الفعاليات والإنتاج الثقافي.

وقال: هذا الدعم وهذه الشراكة خلقت حالة تفاعلية سمحت للرواية الفلسطينية بالانتشار دولياً، وعززت من الحضور الثقافي الفلسطيني على مستوى العالم، عبر التمثيل الثقافي الفلسطيني في الفعاليات المختلفة، أو عبر المهرجانات التي تشارك وشاركت فيها فلسطين على المستوى الدولي، وهذه الشراكة بالنسبة لنا إحدى أهم المفاتيح لتحقيق الاستقرار القائم على صون الحقوق الوطنية الفلسطينية، ونحن بدورنا سنستمر بالعمل على دعم البنى التحتية الثقافية، وتهيئة المناخات الثقافية التي من شأنها التعريف بالإبداع الفلسطيني، وبالتراث والهوية الفلسطينية، عبر تطوير منظومة التشريعات الوطنية الفلسطينية، ففلسطين كدولة تحت الاحتلال تعاني من سياسات وإجراءات هذا الاحتلال بحث الثقافة الفلسطينية، وبحق تراثنا، وموروثنا الوطني الفلسطيني على صعيد التراث المادي وغير المادي، وبالتالي فالدور المهم للاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية وعلى رأسها "اليونسكو" مهم وحيوي في دعم جهودنا الوطنية من أجل صون وحماية تراثنا الوطني لاسيما في القدس عاصمة دولة فلسطين، وبالتالي فإن التهديدات التي تمس هذا التراث الوطني بسبب سياسات الاحتلال هي بالنسبة لنا ناقوس خطر لا يمس فلسطين فحسب بل الثقافة الإنسانية ببعدها الكوني.

وشدد بسيسو على أن "القدس عاصمة دولة فلسطين، هي بالنسبة لنا إحدى المراجع الأساسية التي ننطلق من خلالها لأجل تثبيت حقوقنا الوطنية، ومن بينها حق العودة بالاستناد إلى القرار الدولي 194، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران .. ندرك تماماً أن هذا الانسجام بيننا وبين سياسة الاتحاد الأوروبي في هذا السياق محل اعتزاز وتقدير، وهي كما علاقتنا مع الدول الصديقة، تساهم في تحقيق أفضل الفرص من أجل المستقبل، ومن أجل الاستقرار في المنطقة القائم على صون الحقوق الوطنية الفلسطينية".

تحديات ثقافية

وتحدث بسيسو عن التحديات التي تعاني منها فلسطين على المستوى الثقافي، وقال: على رأس هذه التحديات الانتهاكات الإسرائيلية بحق الثقافة والمثقفين، كمداهمة المؤسسات والمراكز الثقافية والفنية، والعبث بالتراث الوطني الفلسطيني، والتهديد المباشر لتاريخنا وإرثنا، وعرقلة المساعي الفلسطينية على المستوى الدولي لتسجيل هذا التراث وحماية من سياسات الاحتلال، وهنا لابد من الإشارة إلى انتهاكات المستوطنين في الضفة الغربية، والتي تهدد الاستقرار والحلول السياسية القائمة على حل الدولتين، إضافة إلى منع الحركة وإعاقة تنقل المثقفين والمبدعين والمبدعات، وخلق آليات تعطيلية أمام مسار الثقافة الفلسطينية وحركة الإبداع الفلسطيني، فهناك طوق حول القدس العاصمة ما يحد من التفاعل بين المؤسسات الثقافية والمبدعين والمبدعات، كما أن الحصار لا يزال مفروضاً  على قطاع غزة ما يحد من حركة المبدعين والمبدعات للخروج من قطاع غزة، والمشاركة في الفعاليات الثقافية داخل الوطن وخارجه، إضافة إلى عرقلة الاحتلال لوصول الكتب من الخارج إلى فلسطين، وكذلك الاعتداء على المؤسسات الثقافية وإغلاق بعضها، والتهديد المباشر للمثقفين والمثقفات وتعرض بعضهم للاعتقال.

تصميم وتطوير