نادية حرحش تكتب لوطن: حيونة الإنسانية ما بين قتل خاشقجي ومذابح اليمن وضياع القدس

25.10.2018 08:43 AM

 تعيش البشرية في كل يوم حوادث وجرائم مختلفة، تثبت لنا غياب للإنسانية بداخلها بما ثمثله الانشانية من قيم واخلاق. حوادث أبرزت الكثير من حيونة الإنسان فينا.  

جرائم قتل، سفك للدماء، مشاجرات، مشاحنات، شتائم، خروقات، جحد، تنكر، حقد، كراهية....قبلية حيوانية الطابع تغيب منها معالم الإنسانية مع غياب الاخلاق، كيف لا، والإنسانية صفة لا ترتبط بالضرورة بجنس البشر، او بالأحرى لا تلازمه كصفة تكوينية.

لقد ضج العالم بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وانقلبت الدنيا رأسا على عقب بعد معرفة تفاصيل الحادث الاجرامي المروع الذي وقع في قنصلية بلاده في اسطنبول. جريمة حَركت العالم والدول وهزت العروش، لكن في المقابل تُشن حربا على اليمن منذ سنوات وسط غفلة وتواطئ من الجميع. حرب يشنها دعاة الإنسانية على أهل اليمن من أطفال وابرياء وحضارة تحت ذرائع واهية لا تقل عن ذريعة قتل خاشقجي، وهو الصحفي الذي لم يرى من تلك الحرب انتهاكا للإنسانية، بل كان يشيد بحكم حكام بلاده الرشيد.

الإنسانية نفسها كانت داعشية الطابع وقاعدية الأساس، عندما لم ترى عينيه (خاشقجي) القتل الوحشي للأبرياء في سوريا والعراق، وعندما كان حكام بلاده يتبعون الحكم الصالح والبناء، وقع خاشقجي ضحية لأنه أمنهم، فعاش كمن يستطيع الأمن في وكر العقارب، لأنه كان يُشبع حاجة تلك العقارب بزج سمومها بضحايا آخرين.

ان إنسانية الخاشقجي المحدودة أودت بحياته على يد من أنسن جرائمهم، ولذلك فأن انسانيتنا نحن البُلهاء من المتفرجين حول العالم، هي محط سؤالنا.

ما الذي يدفعنا لنرى الأمور بمنظار من عين واحدة موجه نحو ما يقال لنا، ولا نرى بأم اعيننا ما هو جلي وندافع عنه؟

لماذا هفتت الأصوات امام الاجرام السعودي في اليمن، وعلت عندما قُتل خاشقجي؟

هل نحتاج لمنشار وكتيبة مأجورين لنشعر بأن الخطر قد اقترب الينا؟

ما يجري باليمن مجازر بكل معنى الكلمة، فهم يطلقون الصواريخ والمدافع للقتل، ويوجهون مأجوريهم من مركبات الطائرات الحربية نحو القتل المنهجي لأبرياء اليمن.

وما يُقاس على خاشقجي واليمن، يُقاس على ما يجري في فلسطين، من تداعيات مريبة في انهيار القضية الفلسطينية من احتلال دائم الى مصالح خاصة، فتقوم قيامة الشعب بسبب قانون قد يمس بعض الشواقل من دخله، ونمسك في تسريب الأراضي والعقارات في القدس وكأن ما يجري من مصاب له إثر مؤقت والفعل فيه شخصي، ونتناسى بوعي ان تسريب عقار لا يختلف عن استباحة العرض وهي قضية تخص المجمل لا الشخص، فالعقار المسرب يفقدنا جزء من شرفنا، من انسانيتنا حتى، نترك العار والاستباحة وكأنه فعل عادي.

في حالة الحيونة الإنسانية هذه، تغيب القيم وتضيع الروح من فحوى الانسان، وننتهي لنكون قُطعانا بشرية تسعى لقوت يومها على حساب كل من يعترض طريقها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير