عاصم عطياني على بعد خطوة من ابتكار "صديقٍ للبيئة" يعيد فتح مفاحم يعبد

وطن- حسناء الرنتيسي:  "المهندس "عاصم عطياني" ابن العشرين عاما من قرية عنزة في جنين، متفوق في دراسته ويسير بخطى واثقة نحو حلمه الذي يصرُّ على تحقيقه على أرض الوطن.

يصر عطياني على نسب لقب "المهندس" لإسمه قبل تخرجه، فهو حالياً في السنة الرابعة في تخصص الهندسة المدنية، ويقول أنه ينسب اللقب له منذ نجاحه في امتحان الثانوية العامة، لتحفيز نفسه على تحقيق حلم والده الذي حُرم من دراسة الهندسة لعدم تفرغه وارتباطه بعمل آخر يعيل به أسرته بعد وفاة والده. حلم الأب تلقفه الإبن عطياني، ورفض بسببه عرضاً لدراسة الطب في ألمانيا.

الحلم القائد

جملة والده "أتمنى لو يدرس أحد أبنائي الهندسة" رسخت في ذاكرته منذ الصغر، وفي سبيل ذلك أخذ يمهد الطريق نحو التخصص منذ طفولته، يفكك الألعاب، والأجهزة ويركبها، ثم يشترك في مسابقات وبرامج للعلوم والتكنولوجيا.

في عام 2016 شارك مع الشبكة العربية للابتكار، ودخل معهم كعضو مشارك في نشاطاتهم وممثل لهم عن جامعة بيرزيت في عمّان، وهناك التقى برئيسة الجمعية المغربية للنبوغ ليمازحها قائلاً: "نريد فرعاً للجمعية في فلسطين"، وعندما عرفت المسؤولة أنه فلسطيني اهتمت بأمره، فشرح لها مشروعه، وحظي بإعجابها لتخبره أن تأسيس جمعية للنبوغ في فلسطين هو أمر ممكن وليس مستحيلاً، بل وعدته بإتمام ذلك على أن يكون هو رئيس هذه الجمعية، ومنذ ذلك الحين وهو على تواصل معها لتسجيل الجمعية والتي سيتم وضع اللمسات الأخيرة على خطة تأسيسها ومباشرة العمل بها قريباً. وسيمثل عطياني الجمعية في مؤتمر دولي (SwitchMed Connect 2018) في مدينة برشلونة، وقد شارك سابقاً في (Future City Summit 2018) الذي عقد في الصين.

يتحدث عطياني عن أحلامه بشغف وكأنه مهندس ممارس لمهنته منذ سنوات وليس طالب جامعة ما زال على مقاعد الدراسة، لكن مشروعه الحالي حول تحويل مفاحم يعبد لأماكن صديقة للبيئة يحتل مساحة واسعة من اهتماماته، وهو في بداياته، يقول: "أنا عند كلمتي، أول نموذج تطبيقي للمشروع سأقوم بالتبرع به، لا أريد أي مقابل مادي سوى أن يعود سكان يعبد للعمل في محارق الفحم، والتي تمثل مصدر رزقهم الذي تآمر عليه الاحتلال، وألزمهم بتركه ليعملوا في المستوطنات والداخل المحتل بحجة الغازات السامة الصادرة عن المفاحم."

وتعتبر يعبد عاصمة الفحم النباتي في فلسطين فجودة الفحم عالية فيها، إضافةً إلى أن 60% من سكان يعبد يعملون في المفاحم التي كانت تمثل قوة اقتصادية لمحافظة جنين برمّتها.

فكرة المشروع

فكرة مشروع عطياني قائمة على استغلال الغازات السامة الناتجة عن إنتاج الفحم بالطريقة التقليدية، حيث ينتج عن هذه العملية أكثر من 4 آلاف نوع من الغازات منها أكاسيد الكربون والكبريت، ويتم إنتاج الفحم بطريقة "المكمرة"، حيث تجمع الأخشاب هرمياً لمدة 40 يوماً ثم تحول بشكل كامل إلى الفحم، بهذا يحدث التلوث البيئي والذي يسبب الأمراض المختلفة ويلوث البيئة.

يؤكد عطياني أن الجانب البيئي وحمايته يعد على راس أولوياته، إضافةً إلى ذلك، يرى أن هناك ضرورة لإعادة فتح المفاحم بطريقة صديقة للبيئة بعد إغلاقها عام 2010، والتي بلغ عددها حينذاك نحو 200 مفحمة.

آلية العمل

آلية عمل النظام الهندسي الذي يسعى عطياني لابتكاره قائم على تحويل الغازات الصادرة عن المفحمة لمادة أخرى، فبجانب عملية الحرق والتي تتم عبرclosing system ، فإن الغازات المتصاعدة يتم سحبها وتجميعها ومعالجتها وتحويل جزء منها إلى مادة طباشيرية. وبناءً على تلك العملية، يكون قد تم إنتاج الفحم بذات الجودة إضافة إلى إنتاج الطباشير.

وحتى يحصل صاحب المفحمة على هذا النظام وما يتبعه من إشراف وصيانة دائمة، فإن التكلفة تقدّر بـ 15 ألف دولار.

ما يميز المشروع

يعرب عطياني عن أسفه لعدم إيجاد من يساعده في تنفيذ مشروعه بتوفير الدعم المادي له، كونه طالب وليس لديه دخل مستقل يمكنه من تنفيذ المشروع كاملاً، وقال: "يؤسفني أن كل المواد التي أعمل بها هي تمويل ذاتي، رغم أني فزت في عدة مسابقات، ولكن إن لم أجد من يمول التجربة سأحصل على قرض لإتمام مشروعي، ولن أبيعه لأي مستثمر. فمشروعي هام على مستوى العالم، ويكفي أن أكون طالباً بعمر 20 سنة وأقترب من الحصول على براءة اختراع، كما أنني لن أخذل من وضع أمله بي، ويتابع خطواتي ويشجعني (أبي) حفظه الله"

المشروع أيضا، وفق عطياني، يمكن تطبيقه ليس فقط على المفاحم، إنما أيضاً في المنطقة الصناعية التي ستقام في جنين، فالمبدأ هو تقليل ضرر الغازات السامة عبر تركيب النظام الهندسي وإنتاج مخلفات طباشيرية.

وفي مراحل متقدمة ينوي عطياني تصغير النظام وتركيبه على السيارة، وقد يحتاج المشروع سنوات، لكنه على قائمة اهتماماته.

حتى يكتمل المشروع، بقي لعطياني خطوة تجريبية تبلغ تكلفتها نحو 5 آلاف دولار، وذلك ليحصل على براءة الاختراع التي يريدها، وليس فقط تسجيل اختراعه كفكرة في وزارة الاقتصاد.

 

"خاص بآفاق البيئة والتنمية"