ثقة حماس يجب أن تُقلق الجيش

14.11.2018 04:20 PM

كتب امير بوخبوط: احتفالات حماس في قطاع غزة لا تعكس وضع ذراعها العسكرية، التي تلقت إهانة إثر العملية الخاصة التي قتل فيها المقدم "م" قبل حوالي ثلاثة أيام. ليس فقط أن القوة السرية للجيش نجحت بالتحرك بحرية في شوارع المدينة؛ بل أيضًا أدارت معركة عن بعد قصير، قتلت قائدًا رفيع المستوى في المنطقة، نجحت بالتملص والفرار بطائرة نحو إسرائيل؛ الحديث عن تسلل يقوض أسس أمن حماس.

في جهاز الاستخبارات قرأوا الخريطة جيدًا، وقدروا بأن حماس لن تكتفي بمقتل المقدم "م" وبرشقات الصواريخ، وستبحث عن انتقام آخر. الإهانة والرغبة بقول الكلمة الأخيرة لعبت هنا دورًا مركزيًا بسلوكيات التنظيم؛ في اللحظة الأخيرة قرر البحث عن الفرصة العملية لاستعادة كرامته.

خلال أيامه كقائد كتيبة غزة، قال العقيد يوسي بشار أيام التصعيد "أنا أطالب بعدم وجود أي أهداف على الحدود"، لقد اعتاد على تعزيز التأمين حول نقاط الضعف القريبة من السياج لمنع استهدافها بالصواريخ والقناصة؛ ليس فقط الجنود العسكريين شاركوا في المهمة خلال فترته (2010-2012)، بل أيضًا المقاتلين.

لكن قبل يومين عثرت حماس على نقطة كهذه؛ تلة "السهم الأسود" في القسم الشمالي لفرقة غزة، وجهت خلية نحو باص صاروخ "كورنيت"، أحد الصواريخ الأكثر تطورًا في العالم، والذي يمكن إطلاقه من بعد 5 كيلومتر. حسب تصوير الفيديو الذي تم نشره لاحقًا، يمكن إدراك أن الخلية أظهرت ضبط النفس والكثير من التفكير قبل أن تطلق الصاروخ نحو الباص. الجندي الذي أصيب بجروح خطيرة من قوة الانفجار فتح عينيه فقط أمس.

لم تكن هذه معجزة؛ فقد اختار نشطاء حماس عدم قتل عشرات الجنود، هذه ليست مسألة ردع، بل اعتبارات داخلية للتنظيم. لقد قدرت حماس بأن إطلاق صاروخ متطور تحت أعين الجيش المفتوحة نحو قوة عسكرية كبيرة جدًا في وضح النهار هو أمر في حدود اللعبة، ليس ما سيدعو شخص ما في المؤسسة الدفاعية لكسر القواعد، فكرت بذلك وفعلًا كانت محقة. نشاطاتها الواضحة تثبت أن حماس لا تُقاد، بل تقود، وحتى أنها تنجح بجر الجيش والقيادة السياسية وراءها، وكذلك أيضًا التظاهرات على السياج - التي رغم الشعور بالسيطرة عليها من قبل الجيش - إلا أنها تضعف الشعور بالأمن لدى الجمهور الإسرائيلي.

حادثة إطلاق النار نحو الحافلة ليست حدثًا فريدًا، في قطاع غزة للحظة يظهرون روح مبادرة ومهنية عالية تُذكرنا بمستوى القتال لدى حزب الله. مؤخرًا نُشر فيديو آخر يظهر فيه ضابط للجيش أصيب بهجوم على السياج الحدودي قبل عدة أشهر، الكاميرات تابعت ووثقت الضابط وهو يقترب نحو السياج، يفحص علمًا فلسطينيًا مفخخًا، يحمله من السياج ويسير به نحو الجنود وحينها انفجر؛ كلا التسجيليْن المصوريْن يُفترض أن يُثيرا أسئلة صعبة للغاية حول التصرف حول السياج، ومستوى الثقة بالنفس لدى الفلسطينيين.

بعد إطلاق "الكورنيت" جاءت القصف الكثيف. حماس لم تعد تطلق صواريخ فردية، بل رشقات؛ لقد فعلت ذلك بوتيرة سريعة ونحو عدة اتجاهات في الوقت نفسه، وبطريقة تتحدى بها القبة الحديدية. منظومة الدفاع الجوية تعمل حسب سياسات غير اقتصادية بهدف إصابة الصواريخ التي تهدد بضرب المناطق المأهولة بالسكان، لكن رغم ذلك تسبب الأمر بإصابة مبانٍ، لقد وضعت حماس معيارًا جديدًا ونجحت بإطلاق أكثر من 400 صاروخ، دون أن ينجح سلاح الجو بالحد من النيران.

خلال الـ 48 ساعة، خرج سلاح الجو لعدة جولات من الهجمات، بعد كل سلسلة تم تنفيذ تقديرات وضع لفهم ماذا يدور برؤوس قادة حماس، ما مدى قصر الطريق نحو وقف إطلاق النار وما مدى شدة الضرر في الجانب الفلسطيني؟ أكثر من 120 هجومًا لسلاح الجو تسببت بسحب غبار ثقيلة في القطاع، ضغط في شوارع غزة وانتقادات حادة ضد حماس على الشبكات الاجتماعية، لكن التنظيم لم يسارع لإعلان استسلامه. في هذه المرحلة كشف الجيش عن البطاقة الجديدة "أهداف قوة"، أي مبانٍ مكونة من 6-7 طوابق تقيم بها حماس قياداتها ومقراتها، لقد هاجم سلاح الجو بصورة خاصة وأكثر مهنية أربعة مبانٍ حتى تدميرها.

ضباط في القيادة الجنوبية صرّح بأن "الضرر كان في مبنى متعدد الطوابق في الرمال، حي الأثرياء. تتمركز في هذه المنطقة القوة الاقتصادية لغزة، التي تحولت لورقة ضغط على قيادة حماس؛ هذا ما شجع لعملية وقف إطلاق النار".

اطلس للدراسات الاسرائيلية

تصميم وتطوير