حل المجلس التشريعي وفخ الانتخابات

23.12.2018 09:37 AM

كتب: ماجد العاروري

 

قرار المحكمة الدستورية بحل التشريعي قرار سياسي بإمتياز وليس قانوني،  لا علاقة له بالقانون الأساسي، لكنه قرار بدا مخادعاً كأنه سيعيد جزأً من الحياة الدستورية للبلاد. 
فالذي أشار على الدستورية  ان تلغي التشريعي وان تربط ذلك باإجراء لإنتخابات  كان شخصياً ذكياً وواعياً لخارطة  ردود الفعل الفلسطينية على ذلك.، بل كان يعي  ما سيدلي به كل فلسطيني سياسياً كان أم قانونياً.

كان يعي أن هناك اصوات شديدة سياسية وقانونية ستقف ضد هذا القرار، هذه الاصوات و بعضها نقي، لم تتمكن على مدار اثنى عشرة عاماً مضت من وقف تعطيل المجلس التشريعي، ولن تستطيع مستقبلاً ان تلغي قرار المحكمة الدستورية أيضاً، لكنها ستكون قوية ومؤثرة وستسجل نجاحاً كبيراً في افشال فكرة الانتخابات لما تحتويه من نواقص وعيوب، وبذلك سيستجيب النظام السياسي الى هذه المطالبات العادلة، وسيلغي الإنتخابات لكنه لن يعيد المجلس التشريعي للعمل ولن تعود الحياة الدستورية، وبالتالي يكون القانون الاساسي الفلسطيني قد شل في نصه المتعلق يتولي رئيس المجلس التشريعي منصب الرئيس في حال فراغ المنصب، فالمجلس التشريعي لم يكن مقلقاً للنظام السياسي طوال اثنى عشرة عاماً بشيء سوى بهذه.

النظام السياسي لم يفاجأ احد بقراره حل المجلس التشريعي، فقد أعلن توجهاته من قبل، ولم يسمع أية ردود فعل حقيقية رافضة لفكرة الحل الا بعض الردود الخجولة التي كانت تصدر هنا او هناك، وكان متوقعاُ أن يصدر قرار الحل في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الأخير، ولم يصدر أبة ردود غاضبة محذرة من الحل، ولم يكن مفاجئاً قرار الدستورية، فالكل يعلم أنها خلقت لمثل هذه الغاية. والكل يعلم أن حل المجلس التشريعي يشكل انتهاكاً للقانون الأساسي الفلسطيني، لكن الأإنتهاك الأقدم والخطر كان قد تم حين حرم الفلسطينيون من اختيار ممثليهم منذ ثمانية سنوات، وحين عطلت الحياة الدستورية ومبدأ الفصل بين السلطات منذ اثنى عشرة عاماً، بل انتهك القانون الاساسي حين تربع الانقسام السياسي في صدورنا منذ احد عشر عاماً.

المفاجئة لم تكن بقرار حل المجلس التشريعي، بل كانت بربط هذا الحل بإنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني فقط، وهي بذلك  حشدت أكبر قوة من السياسيين والاحزاب والقانونيين ضد اجراء الإنتخابات، وهي  تعي ان الضغط سيفشل اجراء الإنتخابات لكنه لن يعيد المجلس التشريعي للعمل،وبذلك تكون كل هذه الأصوات قد وقعت بالفخ، وتصدت لفكرة الإنتخابات المنقوصة دون ان تعيد الحياة للقانون الأساسي الذي اغتصبت كل اركانه في شتى البنود.

اعتقد ان الفرصة تسمح هذه المرة أن نطالب بإجراء الإنتخابات، وان تكون عامة تشريعية ورئاسية، وان تكون نزيهة، وان تكون تشمل الضفة الغربية وقطاع وغزة، وان يتحول ذلك الى مطلب شعبي، لا ان نبحث عن الفرص التي من شأنها أن تفشل فكرة الإنتخابات، فالبحث عنها سهل،  وهي مليئة بفرص الفشل، لكنها ان فشلت هذه المرة ستكون قد دفنت الى عقود قادمة أية فرصة للعودة للحياة الدستورية، وستصبح القوة على الأرض (العسكر) هي مصدر كل الشرعيات، وهذا ما ستؤول اليه الامور ان اضعنا فرصة  يتيمة منقوصة ضعيفة قد لا تتكرر  بان يكون الحل من خلال الإنتخابات.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير