في ذكرى رحيل القائد الوطني د.حيدر عبد الشافي بقلم صلاح الخواجا

18.09.2011 05:36 PM

خير ما يقال ونستذكره في ذكرى رحيل القائد الوطني د.حيدر عبد الشافي ، استذكار مواقفه ورؤيته الوطنية ومعرفته الواعية لطبيعة الاحتلال والحركة الصهيونية وسياستها الاستيطانية التوسعية ، حينما أعطي الثقة ليترأس الوفد الفلسطيني في مفاوضات وحوارات مدريد ، أكد الشهيد بأن (لا مفاوضات في ظل الاستيطان), اعتبر البعض بأن ذلك غير ممكن ورؤية تعطل وتمنع من أي تقدم في ولادة عملية تفاوضية مع حكومة الاحتلال ، فصائل ومجموعات من المثقفين والاكاديمين الذين حذروا من التسرع في قطف الثمار السياسي للانتفاضة الشعبية الباسلة بشكل متسرع ، ولطبيعة واقع المنظمة وقيادتها أخذت القيادة المتنفذة في المنظمه حينها         هذه الوجه ,وتجاوزت الوفد الفلسطيني ورئيسه دحيدر عبد الشافي الذي اعتبرته ممثلا لها في حوارات مدريد ، دون الأخذ برائيهم وتوصياتهم ومحاذيرهم ,وثم الهندسة والتعتيم والكتمان بالمفاوضات حتى اعلن عن  اتفاق أوسلو.

جاء توقيع الاتفاق ودعمته القيادة المتنفذة ممثلة بفصائل وشخصيات لهذا الاتفاق رغم الانتقادات والعيوب ونواقصه ,  حالمين           موقعيه بأن سنغافورة نموذجا جديدا سيبنى في فلسطين بعد المرحلة الانتقالية التي بدأت بالقطاع وأريحا لتنتشر لاحقا ولى الأبد الا ماسمي بمناطق A وفق الاتفاق .

 هذه  التجمعات السكانية التي تشكل العبء والثقل على الاحتلال وجنوده إذا بقي ، محتفظا ومسيطرا ومحتلا لها بشكل مباشر، واختار جيش الاحتلال إستراتيجية إعادة التحكم والاحتلال والسيطرة على الفلسطينيين الشعب والأرض والمقدرات من خلال خطة إعادة الانتشار –اتفاق أوسلو- ليخلص من كاهل المسؤليه الحقوقيه والقانونيه  والاعباء الماليه للصحه والتعليم ويحول اعباءه للمجتمع الدولي  لشعب بقي تحت الاحتلال وليكون ارخص احتلال في العالم يحتل بدون تكلفه سياسيه او ماديه بل المستفيد من جباية الضرائب   والصادر والوارد وهم المتحكم  وفق اتفاق اوسلو ولاحقا اتفاق باريس  وحتى القضيه الاخلاقيه للمناضلين الذين اوهبوا انفسهم للقضيه وكافحوا وناضلو واعتقلوا  أريد أن اذكر الأخوة والرفاق المناضلين ونحن معا في  سجون الاحتلال حينما توهم البعض إن مع كل اشراقة شمس خلال أيام ستفتح أبواب السجن والمعتقلات والزنازين ، وتبين حينها إننا لم نكن بوارد الموقعين على اتفاق أوسلو ، وأخذت العملية سنتين حتى 1995 وجاؤا  باتفاق القاهرة للإفراج عن بعض الأسرى والمعتقلين بشروط قاسية يوقع الأسير على نبذ العنف والإرهاب مقابل الإفراج ، وتباينت الآراء واختلفت القوى حتى أنا البعض منا رفض قرارات حزبة وحركته ومنظماته بالتوقيع وبقينا شهور طويلة حتى تحررنا بشرف بعد انقضاء  الاحكام الجائره بحقنا لسنوات   والمئات من أبناء شعبنا ولكن هذا  حيض من فيض                    حينها ، واليوم في ذكرى الشهيد الراحل نستعيد الذاكره  لما هو جوهري ويشكل أساسا يوضح استراتيجيه الاحتلال ، حينما رفض البحث والنقاش والدراسة بعدم إجراء أية  اتفاق أو مفاوضات دون وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

منذ اتفاق أوسلو حتى اليوم قدم الاحتلال الاختراع الجديد لتقسيم المناطق ا,ب,ج وإذا كانت أراضي الضفة مثلا بما فيها القدس المحتلة عام 1967 مساحتها 5661كم2 أي أكثر من خمسة ملايين دونم فكانت منطقة (أ) لن تزيد عن مليون دونم أي ما يقارب 20% من أراضي الضفة الغربية بجانبها بلدات من القدس وبمساحة عمرانية اقل من 10% في  منطقة(أ)... وان تجاهل البعض هذا الواقع وأراد أن يقوم بعملية تجريبية ويستخدم الدهاء التفاوضي ويتسلح بموقف المرجعيات للعملية التفاوضية الولايات المتحدة ، والاتحاد الأوروبي وغيرهم ، بعد عشرة سنوات واقل من التفاوض قدم الاحتلال مشروع جديد ليس لتوسعة  حدود السلطة وإدارتها الأمنية لمناطق(أ) ، بل قلص من هذه الأراضي ، ببناء جدار الفصل العنصري وإقامة الحواجز العسكرية وسط مدينة بيت لحم ,الخليل, طولكرم, جنين, ونابلس واستولى على كل شبر من أراضي القدس والضواحي حتى قام بعمليات هدم بيوت واستيلاء على أراضي وبناء مستوطنات جديدة زادت أكثر من 300%  ما بعد الاتفاق وأكثر من 150% زاد المستعمرين والمستوطنين ، وأقام الاحتلال أكثر من 700 حاجز عسكري أو بوابات ، أو حواجز إسمنتية ، وأبراج مراقبة ، وحواجز ترابية ، وبوابات على الجدار,,,, وخلا ل 18 عام بني نظام فصل عنصري وأقام 72 معزل وبانتوستانت ،  في مناطق الضفة الغربية والقدس وعزل الضفة عن القدس بالكامل ، وسيطرة على 1/5 أراضي الضفة الأغوار بما تشكله من مخزون زراعي استراتيجي  يكفي لكل مناطق الضفه الغربيه  وعزلها الاخرى بالكامل ومنع حرية التنقل والحركة  للفلسطينيين من الضفة للدخول والتواصل مع الأغوار .

السؤال هنا هل رحمه الله د.حيدر عبد الشافي الوحيد الذي كان يعرف بأنه لدى الشعب مرجعيات وقوانين وقرارات أهم وأقوى من مرجعيات أوسلو  والذي تسبب في وضع قيادة المنظمة والمفاوض الفلسطيني في مأزق  ونفق مظلم لا حول له ولا قوة بموافقتهم وأصبح قيادة المفاوضات لاوسلو  مكبله ومقيده  وضعيفه ومثقله باعباء حملتها عن الاحتلال  ومسؤليته وغير قادر على التحلل أو التراجع والإصابة بالشلل التام وأسس لحالة من الانقسام بأنواعها وأشكالها والتي تتبدل من حين لأخر ، انتهت ما نحن علية بالانقسام السياسي والوطني والجغرافي,,, وحتى المصالحة التي جرت منذ شهور نحن الفلسطينيين فصائل ونشطاء تتباين الآراء في إمكانية التطبيق ، والاحتلال الوحيد الذي يحسم خياراته  ويلتف المستوطنين وحكومات الاحتلال  وجيش وكل اجهزته  نحو إستراتيجية موحدة للاحتلال تهويد الأراضي الفلسطينية والسيطره على الفلسطينين والتحكم بهم وبكل مصادر ومقدرات وخيرات الشعب  بالكامل .

وخلال مرحلة أوسلو وما قبل ، قيل في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي( بأن السياسة الإسرائيلية الخاصة بالمستوطنات تنتهك القانون الإنساني الدولي ، وأعلنت الأمم المتحدة بالتحديد بان المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تنتهك المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة) ، بالإضافة إلى ذلك اصدر مؤتمر الدول الموقعة على اتفاقية جنيف  الرابعة (المنعقدة في العام 2001) بيانا قال فيه "أن الدول الموقعة المشاركة..... تعيد تأكيد عدم شرعية المستوطنات في المناطق المذكورة وتوسيعها الآني".

تقول الفقرة السادسة من المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة بأنه "يتعين على دول الاحتلال ألا تقوم بترحيل أو نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتله.

وتنتهك المستوطنات أربع قرارات للأمم المتحدة عدى عن القرارات التي أخذت في مجلس الأمن والجمعية العامة التي تبطل إجراءات الاحتلال في القدس ، وان سياسة الاحتلال والاستيطان في الضفة والقدس هي إضافة لانتهاكها القانون الإنساني الدولي وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة ، بل هو أيضا خرقا خطيرا للبرتوكول الإضافي الأول لعام77 لاتفاقية جنيف

وقد أدرج هذا العمل اي  الاستيطان ( كجريمة  حرب في المادة (2) من قانون محكمة الجنايات الدوليه.

إن هذا الواقع القانوني والإنساني إضافة  لمؤتمرات دولية  وصفت الاحتلال بالعنصري مؤتمر ديربن وفتوى لاهاي التي أكدت من جديد عدم شرعية الاستيطان والجدار والتهويد في القدس ، وأكدت بان الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67 بالكامل هي أراضي فلسطينية .

في ذكرى الشهيد د.حيدر الذي أشاد الجميع من قوى ومؤسسات ورئاسة السلطة باعتباره القائد والمعلم والوطني ، ونال جائزة الشرف والنزاهة من رئاسة السلطة ، ألا يعقل أن نستجيب لدعوته في هذه المرحلة  من المواجه والتحدي للاحتلال  واضافه من سموا  بمرجعية التفاوض  اي الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل من جهة ، والشعب الفلسطيني وبرنامجه من جهه أخرى ,, وهل يمكن أن نراكم  على ما يتحقق من تقدم في إطار الدبلوماسية المقاومة  والكفاح الشعبي على الأرض وما يمثل ذلك من تأييد شعبي متزايد لا يستحق من القيادة أن تستفيد العبر وتعيد تقييم التجربة التفاوضية العقيمة ، وإدارتها ونتائجها التي أعادة الشعب والقضية للوراء ، نحن في ذكرى  شهيدنا الراحل القائد والمعلم والمؤسس لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية ، وعضوالمؤسس لاول  مجلس وطني الأول لمنظمة التحرير والذي عقد في القدس ، ومؤسس جمعية الهلال الأحمر في القطاع,,, والحائز على أعلى الأصوات في المجلس التشريعي عام 1996، وأول من استقال منه احتجاجا على الواقع الاداري  داخل المجلس التشريعي.

اليوم والشعب بأغلب فئاته يبحث عن الإستراتيجية البديلة وعن انهاء  عقم وعدم جدوى العملية التفاوضية في ظل موازين القوى التي بالكامل كانت ومازالت ، تخدم مصالح وسياسات حكومة المستوطنين ، وحتى نغير معا في ميزان القوى يتطلب منا الفلسطينيين أن نبحث موحدين  عن الإستراتيجية الوطنية التي تحمي المشروع الوطني وحق المقاومة والدفاع عن مصالح شعبنا وتكف وتضمن تحقيق الحقوق الوطنيه لشعبنا  دون اية انتقاص ، وهذا ما دعي له د.حيدر عبد الشافي وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية التي نؤكد عليها دائما ، تتبناها وتدعوا لها وهي  والإستراتيجية المكونة من أربعة عناصر:

1.     الوحدة الوطنية وبناء قيادة ومرجعية موحدة للشعب الفلسطيني.

2.     المقاومة الشعبية الواسعه والتي تسمح لكل أبناء وفئات الشعب الفلسطيني بحقه في المقاومة المشاركة  والاكثر فعاله  ضد الاحتلال والاستيطان .

3.     إسناد صمود الناس والدفاع عن مصالحهم وتبني سياسات صحية وتعليمية وتنموية تعزز تصديهم لإجراءات الاحتلال والمستوطنين .

4.     توسيع اكبر حملة تضامن دولي وعربي لمقاطعة إسرائيل وحكوماتها ومنتوجاتها وتحويل ارخص احتلال في العالم ، لاحتلال وحكومة محاصرة ومعزولة وملاحقة ومعاقبة  قادتها  لارتكابها جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني .

*في ذكرى الشهيد وبعد 18 عام على اتفاق أوسلو ,آن الأوان للمراجعة الشاملة لسياسة المنظمة بكل ما تمثله ، وان يتوحد شعبنا على إستراتيجية ورؤية وطنية موحدة وهي اقصر الطرق نحو الحرية والاستقلال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير