أمر نتن ... بقلم: درور أتكس/ هأرتس

13.07.2011 12:35 PM

إن مشروع الاستيطان كما تعلمون تعبير عن "الحق التاريخي" للشعب اليهودي في أصغر أرض صخرية من أرض اسرائيل. طورت دولة اسرائيل في نطاق تحقيق هذا الحق عددا من فروع التصدير المتميزة، زيادة على التصدير المربح جدا للمنتوج الزراعي والصناعي الى الضفة، بقدر يقدر بـ 15 مليار شيكل كل سنة. المعروف بين فروع التصدير هذه هو بالطبع تصدير مواطنين اسرائيليين: فقد صدرت اسرائيل أكثر من نصف مليون انسان الى الضفة وشرقي القدس. وثمّ فرع تصدير آخر طورته اسرائيل في نطاق نظام العلاقات المتميز الذي انشأته مع الساحة الخلفية في الضفة وهو تصدير القمامة. من أجل هذا صادر الجيش في 1977 منطقة عند ظاهر بلدة أبو ديس الفلسطينية التي تقع على مبعدة عدة كيلومترات عن شرقي القدس. الحديث عن 770 دونما خصصت لتستعمل المزبلة البلدية للقدس. بيد أنه انشأت بعد ذلك مستوطنة معاليه ادوميم فوق جزء من الارض التي صودرت. فنشأت الحاجة الى مصادرة أرض اخرى تكون بعيدة بعدا كافيا عن بيوت المستوطنة التي بدأ يتدفق عليها اسرائيليون بسبب جودة الحياة التي وعدوا بها في الاساس.

صودرت لاجل ذلك منطقة اخرى أبعد من معاليه ادوميم لكنها اقرب الى بيوت أبو ديس – مساحتها 465 دونما – أصبحت أكبر مزبلة في الضفة. فالمقاولون الذين بنوا معاليه ادوميم لم يعدوا سكان أبو ديس بحياة مرفهة.

وهكذا فانه منذ عقود وفي كل يوم تبتلع مزبلة أبو ديس مئات الشاحنات المحملة بقمامة منزلية خام، يأتي أكثرها من القدس. الحديث في رأي خبراء وزارة حماية البيئة عن واحد من أشد الادواء الصحية الموجودة اليوم "في البلاد" ولذلك تطلب الوزارة الى بلدية القدس أن تستعد لتغيير أساسي في كل ما يتعلق بعلاج القمامة البلدية. سيوجب هذا التغيير على بلدية القدس ان تحمل القمامة التي ينتجها 780 الف من سكانها الى النقب. لكن هذا التحميل يكلف مالا كثيرا ولا يريد رئيس البلدية، نير بركات "أن يهدر" مالا على تحميل القمامة في حين يستطيع ان يطرح القمامة بسعر زهيد قرب العرب الذين يعيشون شرقيه.

يعلم بركات ان فلسطينيي أبو ديس لن يشاركوا في الانتخابات البلدية. ولهذا يسمح لنفسه بان يكتب لوزير حماية البيئة، جلعاد أردان، ردا على طلب مكتبه: "لا يخطر بالبال أن ينفق سكان افقر مدينة في اسرائيل من جيوبهم على نقل القمامة من القدس الى جنوب البلاد في شاحنات من غير أن تتحمل الحكومة هذه التكاليف". يجب أن نقرأ هذه الكلمات أكثر من مرة واحدة لنتغلغل الى عمق الوقاحة الكامنة فيها: فبحسب ما يرى بركات لا يجب على القدس "الفقيرة" ان تدفع مالا عن اخلاء القمامة التي تنتجها. فمن الذي يفترض أن يدفع؟ الامر واضح لبركات: انهم أصحاب الملايين من أبو ديس!

يثبت هذا الامر مرة اخرى للمرة التي لا يعلم أحد كم هي، مبلغ تشوه الوهم المسمى "القدس الموحدة" التي يعيش حولها مئات الالاف من الناس الذين يُمنعون من دخولها. ربما لا حاجة الى هذا بالنسبة اليهم لان قافلة من المدينة وروائحها تأتيهم كل يوم. فلماذا يدخلون المدينة؟ ان المنتخبين من القدس الذين يدبرون امورها وكأنها بلدة في أمريكا اللاتينية تتولى عائلة أمرها، ينظرون الى المناطق والى الناس الذين يعيشون حولهم وكأنهم منتوجات لمرة واحدة يستعملونها ويرمون بها.

كما في حال السطو المنظم على مقالع الحجارة الذي تقوم به اسرائيل في الضفة والذي يحدث كل يوم بواسطة شركة اسرائيلية فازت بامتيازات سمينة باستعمال المقالع، وتفسد المنظر الطبيعي المقدس؛ كذلك الامر في حال تصدير القمامة: إن "المزاعم الامنية التي تصدر عن حزب العمل و "مجد جابوتنسكي" الذي يطلب السيادة على ضفتي الاردن وعقيدة زيت الزيتون الصافي عند غوش ايمونيم، كل ذلك ليس أكثر من أغطية خطابية ترمي الى التغطية على شح اليد وقسوة القلب والعيون العمياء عن الرؤية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تصميم وتطوير