تقمص دور الضحية ..دون ضحية ...بقلم ربى مهداوي

14.05.2014 11:58 AM

زوجة قتلت على يد زوجها في قلنديا، فتاة اغتصبت من قبل والدها ، زوجة قتلت على يد زوجها امام اعين المحكمة الشرعية، ليبدأ  مشوار الحراك الجماعي للمطالبة  بتعديل قانون  العقوبات وسن قانون الاعدام ، وكأن قضيتنا هو فقط القانون ومن يدعم سنها، والكارثة ان هذا الاسبوع احتفل بالعديد من جرائم القتل المتنوعة بحق الرجال والنساء ولكن مجتمعنا لم يجد امام عينيه الا المطالبة والمناداة بحماية المراة ، لماذا نسينا ما حدث للشاب في الخليل عندما اختطف وتعرض للضرب المبرح ثم حرق جسده ، لماذا نسينا  ذاك الشاب الذي قيل انه  منتحر علنا امام نظر مجتمعه رغم وجود ثغرات واقاويل وحكايات حول موته ، لماذا  نسينا ما حدث مع الفتاة التي تعرضت لمحاولة الخطف وهي عائدة من مدرستها ولولا رعاية الله تعالى لما نجت منها، لماذا نسينا ما حدث مع الشاب الذي انتحر قبل اسبوع وقيل انه يعان من مرض نفسي .

من الواضح ان المجتمع بشكل عام اصبح يستمتع بان يتقمص او يُلبِس غيره دور الضحية دون ان يحاول ان يبحث عن الاسباب الذي اوقع مجتمع باكمله في وباء يدعى القتل والاغتصاب والانتحار والتغني به بدلا من البحث عن الحقيقة، لماذا نحاول ان نخرج من عباءة الحقيقة ونقول ان مجتمعنا اصبح يعاني من خطر شديد وان شبابنا ضحيتها ، لماذا لا نصارح انفسنا ونبحث عن المعضلة.

الرجل والمراة اصبحا يواجهان مشاكل حقيقية وهو فقد السيطرة على الذات او الاخر والعيش بدور الضحية المستدامة، من الواضح ان الاحتلال قد نجح بان يحاربنا بالغزو  الفكري والتفكك المجتمعي والخلل الذهني نتيجة البحث عن انفسنا والذي ارهقنا سنين طويلة بين الواقع والبحث عن الامل.

نحن بحاجة الى اعادة تأهيل قبل ان نطالب بسن قوانين في مجتمع يعشق بان ترتكز حلوله على العطوة والقبائل والعشائر .  لان افراد مجتمعنا اصبح يعاني من مرض تقمص دور الضحية وهو لا وجود له في ظل مجتمع يحارب نفسه حتى يقف ساكنا دون حراك امام تغير ايجابي مستقبلي تحت مبرر هواجس الخوف والتردد الذاتي والعيش بالشك السيء وفقد السيطرة على حياته الذي اتى به الى الهاوية.

يجب ان نطالب بمعالجة نفسية لمجتمع بأكمله لإعادة الثقة له داخليا بانه انسان يحق له العيش بكرامة مثل باق الشعوب، حتى يصبح قادر على مواجهة نفسه قبل غيره  بدلا من تقمص دور الضحايا مما يكون نتاجها قتل الاخر بالجسد او بالروح .

عداوة الذات من المشاكل النفسية التي حذر منها علم النفس وتخوف في دراساته من تفاقمها لما فيها نتاج سيء بحق الفرد في داخل محيطه ، فكيف لنا ان نعالجها في ظل مجتمع اصبح يعاني منها بشكل مباشر دون التفكير بالعلاج وانما تأييد سلوك التقمص والعيش بعالم الضحية في كل افعالنا وحياتنا .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير