حكومة الاستغلال....بقلم: روتي سيناي/ معاريف

17.07.2011 04:31 PM

باستثناء السكن في أحد السجون المنتشرة في أرجاء البلاد، فان خيمة في جادة روتشيلد في تل ابيب هي على ما يبدو أحد الحلول المعيشية زهيدة الثمن في اسرائيل. فكيف يحصل أن في اقتصاد حديث "معافى" و"نامٍ"، فان الكثيرين من اولئك الذين مداخيلهم أعلى من المتوسط لا يمكنهم أن يسمحوا لأنفسهم بمأوى مستأجر، فما بالك شراء مأوى؟ المذنبة الأساسية هي الحكومة التي من مهمتها حماية سكان الدولة من الاستغلال، ولكنها تتصرف في السنوات الاخيرة كآخر المبتزين.

الخيمة نفسها تكلف بضع مئات من الشواقل، تقريبا كعشرين لوح كراميكا في شقة: فلا يوجد ربط للكهرباء بحيث أن الرفع المخطط له  بمعدل 20 في المائة في تعرفة الكهرباء لن يؤثر على السكان؛ لا يوجد ربط للمياه بحيث لا حاجة الى دفع السعر العالي الذي تجبيه التجمعات التجارية للمياه وضريبة القيمة المضافة اليه؛ لا كهرباء بحيث لا يوجد تبريد وعليه فلا حاجة لشراء منتجات حليب، التي رغم احتجاج الكوتج أغلى منها في العديد من الدول؛ والموقع في مركز المدينة يجعل غير ضرورية الحاجة الى سيارة بحيث أن السكان يوفرون السعر الفضائي للوقود. ماذا يحصل هنا؟ كيف يحتمل أن يكون في اقتصاد يعتبر معافى ونام، يفقع موظفون في عواصم حوض البحر المتوسط حسدا منه في ضوء أدائه، لا ينجح سكان مثقفون ونشطاء في انهاء الشهر؟ كيف يحصل أن الكثير من هؤلاء ممن مداخيلهم أعلى من المتوسط لا يمكنهم أن يسمحوا لأنفسهم بمأوى مستأجر، فما بالك مأوى مملوك؟.

من المذنب؟ المقاولون، اسماك القرش العقاريون، شركات الوقود، شركات انتاج الغذاء، شبكات التسويق وباقي الطماعين الذين يعصرون الجمهور فقط لأنه بوسعهم ذلك؟ بقدر ما، نعم. ولكن الذنب الأساس هو ذنب الحكومة، ذاك الذراع السلطوي الذي من مهمته حماية سكان الدولة ضد الاستغلال، تلك الحكومة التي تتصرف في السنوات الاخيرة مثل آخر المبتزين. المعطيات التي تنشرها المالية ذاتها تعكس ذلك جيدا. مثلا، في غضون خمس سنوات ارتفعت مداخيل الدولة من الضرائب على الاراضي والسكن بـ 35 في المائة. بتعبير آخر، للدولة مصلحة في أن ترتفع أسعار السكن.

في السنوات الخمس الاخيرة ارتفعت مداخيل الدولة من الوقود بـ 70 في المائة. الضريبة على الوقود تعتبر ضريبة غير مباشرة، خلافا لضريبة الدخل التي تجبى كجزء معين من مداخيل الانسان. ضريبة القيمة المضافة هي الاخرى ضريبة غير مباشرة. في السنوات الخمس الاخيرة ارتفع دخل الدولة من الضرائب غير المباشرة بـ 40 في المائة. اليوم، الضريبة غير المباشرة في اسرائيل هي بين الأعلى في دول منظمة الـ OECD التي هي عضو فيها. بالمقابل، فان الضريبة المباشرة في اسرائيل هي بين الأدنى. وماذا يعني هذا بالنسبة للاسرائيليين الذين يجدون صعوبة في انهاء الشهر رغم انهم تعلموا في الجامعة أو أنهوا الثانوية العامة ورغم أن الزوجين يعملان؟ لأن الضرائب غير المباشرة موحدة – مدير يكسب 70 ألف شيكل في الشهر، وطبيب يكسب 7 آلاف شيكل في مستشفى عام، كلاهما يدفعان ذات ضريبة القيمة المضافة وذات الضريبة على الوقود. كلاهما ايضا يدفعان ضريبة قيمة مضافة على الماء، اضافة الى الاسعار التي قفزت بأكثر من 30 في المائة منذ قيام الشركات التي تزود الماء لمعظم سكان الدولة. ولماذا هي الاسعار على هذا القدر من الارتفاع؟ ولماذا تُدفع ضريبة على المياه؟ ضمن امور اخرى لأن في نية الدولة أن تبيع اقتصاد المياه لشركات تجارية. اذا ما سُمح لمجمعات المياه التجارية بتضخيم الاسعار، سيكون هناك الكثير من هؤلاء ممن يقفزون لأخذ اللُقية. ولماذا يوشكون على رفع اسعار الكهرباء؟ أساسا بسبب التشويش في توريد الغاز من مصر، الذي يلزم شركة الكهرباء باستخدام السولار الذي الضرائب عليه عالية. وكان يمكن للمالية أن تخفض الضريبة على السولار، ولكنها ستخسر 2 مليار شيكل.

صندوق الدولة يمكنه أن يسمح لنفسه بالخسارة. فائض الجباية يغطي هذه الخسارة. الفائض حتى يغطي الغاء ضريبة القيمة المضافة على الغذاء، مثلما فعلت دول اخرى، ألغت أو خفضت هذه الضريبة. الاقتصاد المنزلي في العشرية الدنيا ينفق 64 في المائة من دخله على الغذاء. توفير 16 في المائة سيساعد جدا.

تصميم وتطوير