فلسطين لم تكن حاضرة في الثورات العربية - بقلم: خالد كراجة

10.07.2014 07:54 PM

وطن انطلقت الثورات العربية في العواصم العربية الثائرة، ورفعت شعارات أظهرت فلسطين والقضية الفلسطينية وكأنها حاضرة وبقوة في تلك الثورات ، وعبر الثائرون العرب عن سخطهم على أنظمتهم بسبب عدم ايلائهم القضية الفلسطينية الاهتمام المطلوب.

لكن للاسف تبين أن هذه الشعارات كذبة كبيرة، وأثبت الثوار العرب أن استخدام القضية الفلسطينية وادعائات العداء لاسرائيل ما هي الا للاستهلاك وجذب التعاطف ليس الا، وتبين أيضا أنه ليس فقط المجموعات الدينية المسلحة تستخدم القضية الفلسطينية لجذب التعاطف والتأييد، وانما كل من أراد أن يكسب معركته يتاجر بالدم الفلسطيني ، هذا ما فعله بن لادن، وتفعله المجموعات المسلحة في سوريا، وليبيا ، وتونس، ومصر، وهذا للاسف ما فعله الثوار العرب.

توقع الفلسطينيون أن الوضع العربي بعد الثورات العربية قد تحسن، وان القضية الفلسطينية أصبحت في قلب العواصم العربية وخاصة بعد تغيير رؤساء الانظمة التي كانت جاثمة على صدور المواطنين ومنعتهم التحرك طوال السنين الماضية، واستبشر الفلسطينيون بهذا التغيير ودخول حركات سياسية واجتماعية ونقابية الى دائرة الفعل السياسي.

وكانت المفاجئة أن التغيير الذي حصل في البلدان العربية لم يغيير شيء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية على العكس ، ما نراه من مصر اليوم لم نره زمن مبارك ، عولج الجرحى في مستشفيات مصر، وادخلت المساعدات الطبية، وجاء طاقم طبي من عدد من البلدان العربية لحظة العدوان السابق على غزة ، واذا كان السيسي يتذرع بأن حماس هي امتداد للاخوان المسلمين وحاربت معهم، فليعلم ان الذي يقصف ليس حماس وانما الشعب الفلسطيني باكمله وغزة ليست كلها حماس، وان كان كذلك لم نسمع عن أي تحرك لما ارتكبته وترتكبه اسرائيل من جرائم حرب وعقاب جماعي بحق الشعب الفلسطيني الاعزل في الضفة الغربية.

 ولو افترضنا أن الانظمة العربية مهما كان شكلها مغلوبا على أمرها ولا تستطيع التحرك لانها مكبلة بمعادلات دولية ومصالح اقليمية، فأين المعارضة ، أين حمدين صباحي وجماعته، أين النقابات ، أين حركة النهضة في تونس، وأين الاخوان المسلمون في الاردن، أي الشباب العربي الثائر، ام انها كانت ثورات وهمية.

اكثر من شهر والشعب الفلسطيني يعاني من عدوان اسرائيلي طال الشجر والحجر، من قتل للاطفال والنساء وترويع للمدنين ، ولم تحرك الشعوب العربية ساكنا، على ما يبدو أنه كان لا بد للشعوب العربية ان تثور على نفسها قبل ان تثور على أنظمتها .

اعتقد الفلسطينيون أن اسرائيل ستعمل حسابا كبيرا للعرب بعد الثورات، وان الوضع تغير لصالحهم ولو قليلا ، ليجدوا أنفسهم في المعركة وحدهم، وليتبين لهم ان الكرامة العربية التي ثاروا من اجلها ديست أكثر من السابق ، فالانحدار ما زال سيد الموقف.

اذا لم تحركهم صور الاطفال والنساء تحت الركام ، ولم تحركهم صيحات الثكالا ، فما الذي يمكن ان يحركهم؟ دولا غير عربية تحركت وتتحرك ويخرج الناس فيها تضامنا مع الشعب الفلسطيني ، واسكتلندا تعلن عن استعدادها لاستقبال الجرحى والصمت العربي مطبق تماما.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير