العدوان على غزة والتداعيات الصحية؟ - بقلم: عقل أبو قرع

23.07.2014 12:14 PM

وطنمع دخول العدوان على قطاع غزة الاسبوع الثالث، من القصف والدمار والقتل، ومع وجود اكثر من 600 شهيد والالاف من الجرحى، ومع انهيار المنازل وحتى احياء سكنية على من فيها من بشر، من اطفال ونساء وشيوخ، ومع انتشار جثث وحتى بقاؤها تحت الانقاض لايام او لاكثر، ومع ما شاهدناة ونشاهدة من الدماء في الشوارع وعلى الحيطان وحتى في مداخل المستشفيات والعيادات، مع نزوح عشرات الالاف من منازلهم بالتالي تراكمهم في المباني العامة وفي المدارس وفي تجمعات السكن المختلفة التي لا تتوفر فيها الحدود الدنيا من الشروط الصحيىة والبيئية،  ومع النقص المتواصل في الادوية والمعدات والضمادات وربما الامصال والطعم في قطاع غزة، ومع كل ذلك وبالاضافة الى المأساة البشرية والدمار الهائل والخسائر الاقتصادية وتدمير البنية التحتية من شبكات مياة وجاري وكهرباء ، فأن التداعيات الصحية قصيرة وبعيدة المدى لهذا العدوان قد تكون وخيمة، وبالتالي من المفترض ان تحتل الاولوية، ليس فقط للجهات الصحية الرسمية، ولكن للمنظمات الصحية غير الحكومية وكذلك للمنظمات الصحية الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية.

وفي ظل الظروف الحالية التي يحياها الناس في قطاع غزة، وفي ظل شح الامكانيات من كل نوع، وفي ظل الاولويات الاخرى لمناحي الحياة هناك، من توفير الطعام والشراب والملجا الامن، فانة من الممكن ان لا تحتل الجوانب الصحية الاولويات، على الاقل في الوقت الحاضر، وبالتحديد امكانية تفشي امراض سارية، قد تشجعها على ذلك الظروف الصحية والبيئية التي يحياها الناس في غزة، وتراكم الدماء في الاماكن المفتوحة وحتى احتمال بقاء الجثث تحت الانقاض او في الاماكن المفتوحة لفترة وذلك لتعذر انتشالها بسبب القصف والمعارك، وبالتالي امكانية تحللها، حيث يمكن ان يؤدي ذلك وكما ادى في اماكن اخرى في العالم عاشت ظروف مشابهة من الحروب والقتال والتهجير، الى انتشار جراثيم وفيروسات معدية لامراض مثل الكوليرا والتفوئيد وغيرهما، والذي السبيل الامثل لمنع انتشارهما هو الوقاية من خلال التطعيم او من خلال القضاء على البيئة التي من الممكن ان تشجع على هذا الانتشار.

ومن الامراض السارية الاخرى، والتي من الممكن ان تشجع ظروف غزة الحالية على انتشارها او تصاعد انتشارها، هو مر" السل" او ما يعرف بمرض "الدرن"، ومعروف ان في بلادنا حالات محدودة من هذا المرض، لا تتعدى الثلاثين حالة سنويا، في الضفة وفي غزة، وان العلاج او الادوية متوفر لهذا المرض في عيادات وزارة الصحة الفلسطينية، وكذلك الفحوصات المخبرية للتعرف على جرثومة المرض ومدى انتشارة، ولكن معروف ان من الظروف او العوامل التي تساعد على انتشار مرض " السل" هي الظروف البيئية غير الصحية من تراكم النفايات وانتشار المجاري او مياة الصرف الصحي، ومن الظروف غير الصحية في المنازل من عدم النظافة ومن قلة التهوية، والاهم من كل ذلك هو اكتظاظ الناس، سواء في المنازل او في التجمعات العامة المختلفة، لان بكتيريا السل تنتقل من خلال الرذاذ اي العطس او الاختلاط او من خلال اللعاب وما الى ذلك، وكل هذه الظروف اصبحت الان ملائمة او تشجع على امكانية انتقال مرض السل في قطاع غزة، وذلك مع التهجير وانتقال الناس الى السكن في تجمعات كبيرة ومع ارتفاع درجات الحرارة وقلة التهوية والاختلاط الكثيف، وحتى مع تدمير عيادات ومختبرات صحية بفعل القصف والعدوان.

ومع تراكم اعداد الجرحى وتعديهم الاربعة الاف، وبالتالي الحاجة الماسة الى اجراء العمليات الجراحية ومن ثم نقل الدماء، وبسرعة وبكثافة، وبالتالي فان امكانية ان يكون الدم المنقول ملوث تزداد، سواء خلال عملية الحصول على الدم او خلال تخزينة او نقلة، ولذا فأنة يجب اخذ الحذر الشديد من امكانية انتشار مرض الايدز، ومعروف ان الدم الملوث سواء من خلال نقلة الى الناس مباشرة، او من خلال استخدام الحقن الملوثة بالدم، هو من ضمن الاسباب او الظروف التي تساعد على انتقال ومن ثم انتشار فيروس مرض الايدز، والخطورة في انتشار فيروس الايدز او العدوى بة، ان اثار هذا المرض يمكن ان لا تظهر الا بعد فترة طويلة قد تصل الى عدة اشهر او سنوات، ويكون المصاب بالفيروس خلال هذه الفترة ينقل الفيروس الى الاخرين وبالاخص من الزوج الى الزوجة او بالعكس، لان الفيروس ينتقل من خلال علاقات جنسية، او من المرأة الحامل المصابة بالفيروس الى جنينها، وبالتالي فأنة من المفترض ان تقوم الجهات الصحية في غزة بأجراء فحوصات فيروس الايدز لكل من تم نقل الدماء اليهم خلال العمليات، او لمن تعرض الى دماء بشكل مباشر او غيرماشر من خلال الحقن ، ربما كانت ملوثة، ومن المعروف ان فحوصات وجود او التعرف على فيروس الايدز متوفرة عند وزارة الصحة الفلسطينية، سواء اكانت في غزة او في الضفة.

ومن الامور الصحية المهمة الاخرى في ظل الظروف المأساوية التي تعيشها المستشفيات والعيادات في غزة، هو امكانية انتقال العدوى داخل المستثفيات نفسها، وخاصة العدوى بالبكتيريا وانواعها، خاصة مع الاختلاط وتراكم الجرحى ونكدس النفايت الطبية وغيرها في المستشفيات، ومع اكتظاظ الاسرة والغرف، ومعروف ان عدوى المستشفبات تسبب وفاة مئات الالاف من الناس كل سنة في العالم، ومعروف ان الكثير من ادوية المضادات الحيوية التي نعرفها او نستخدمها اصبحت لا تجدي مع مقاومة البكتيريا لهذه الادوية، وبالاخص داخل المستشفيات، وان كل ما تم زيادة الجرعة من المضادات الحيوية نقوم نشجيع المزيد من مقاومة البكتيريا، وللاسف فان الادوية الحديثة من المضادات الحيوية التي انتجتها شركات الادوية العالمية، والتي في العادة يتم اعطاؤها من خلال الحقن، لا اعتقد انها موجودة او سوف تكون متوفرة لاهالي غزة، وبالاخص في ظل النقص في ادوية او مستلزمات طبية اساسية اخرى.

ومع هذه الصورة القاتمة، ومع تواصل القتل والشهداء والجرحى والدماء، ومع تواصل تدمير البنية التحتية وانتشار المجاري والنفايات وتلوث المياة، ومع تواصل نزوح الناس والاكتظاظ والعيش في ظروف صحية وبيئية لا يعلمها الا اللة سبحانة وتعالى، ومع حتى تواصل نقص الادوية العادية والاساسيةـ فأننا ومع الدعوة لايلاء التداعيات الصحية للعدوان على غزة الاهمية القصوى، فأننا نقول كان اللة في عون غزة واهالي غزة؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير