شهيد الإنتفاضة الأول محمد الأعرج

25.07.2014 06:51 AM

وطن - كتب:شريف موسى:محمد الأعرج أعلم أنك اندفعت معنا وأنت تحمل قلبك حجراً تلقيه عليهم. كما أعلم أن الظلام أخافك، ولكنك رجمته، ورجمت الجندي الذي يختبئ فيه. أعلم أنك كنت تنسل بين الجمع لتكون في الصف الأمامي. وأعلم أنك شعرت نفسك في فيلم، حيث كل من فيه أبطال.

فالظلام يحجب عنك العدو، وقنابله المضيئة تكشفك له، وقنابل الغاز تحاول خنقك قبل أن تضرب حجراً آخر. ورصاصهم  يرتطم في الجدار جانبك، فتنبطح أرضاً، تحبو إلى الأمام حيث العدو، ثم تنهض من جديد حين تعلو الصرخات، وتضرب.

كنت تعلم تماماً أن رصاصة ما قد تطرحك أرضاً، ولكنك كنت تصمم أن تكون نداً للجندي، وأن يكون حجرك نداً لرصاصته. أعلم أنه من بين الآلاف التي شاركت في مظاهرة البارحة، اخترق الرصاص صدور العشرات، وأرجل العشرات، ولكن حين رأك القناص بمنظار البندقية، طفح كيله، وأراد رأسك هدفاً لرصاصته، رأسك حيث الفكرة بأنك ند، وأنك الأقوى، وصاحب الحق، وأنك تستطيع أن تكون.

محمد الأعرج لا أعلم أيضاً، أكنت الفتى الذي وضع في راحتي حجراً، حين صرخت أريد حجراً؟ هل كنت الفتى الذي مرر لي قنينة الماء، لأروي عطشي، وأكمل المواجهة؟ هل كنت الفتى الذي دفعته خلفي لأحميه من الرصاص؟ أم الفتى الذي دفعني خلفه ليحميني من الرصاص؟ هل أنت الذي حملتني إلى سيارة الإسعاف، أم أنا الذي حملتك؟ هل أنت ذاك الفتى الذي أشعل علبة المفرقعات النارية وركض نحو الحاجز وهو يمسكها بيده، يتمنى أن يجعلها الله رصاصاً، ولكن رصاصهم سبق أمنيته، فأرداه أرضاً، أكنت أنت؟ أكنت الفتى الذي لا أراه، لكن صوته يخرج من عمق الظلام الذي يلفنا، فيشظيه: "لا ترجعوا، لا تخافوا، اتقدموا اتقدموا، بالروح بالدم نفديك يا غزة" فنتقدم ونردد خلفك. أكنت أنت صاحب ذاك الصوت؟ هل كنت الشاب الذي علا صوته على صوتي، فرحاً بإطلاق النار على الجنود؟

لا أعلم كنت أيّنا، وأعلم أنك كنت كلنا.
سنذكرك أبداً يا محمد، ولن ننساك، ولن نسامح العدو الذي أرداك. نعلم أن روحك ستبقى عالقةً أمام الحاجز، سنرديهم، ونزيله، وتكمل روحك الطريق الذي لم يكمله جسدك، الطريق إلى القدس.
أعلم أن تقول لي:
لو كنتَ الشهيد
وكنتُ الشاهد، ما قتلت ذكراك
وإن صار القلق سريري
فمن يبقيك حياً سواي؟
ولأني الشهيدُ
لا يبقيني حياً سواك.
لا توراي الذكرى
كما الجسد، مثلما فعلت
الغربان
كن وفياً واجعلني عصياً
على النسيان
فالميت حيٌ  بذكراه،
والميت ميتٌ حين ننساه،
سلام عليك
ما أبقيتي حيّا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير