غزة ....ألم وأمل

25.07.2014 04:05 PM

وطن - كتب جهاد حرب: اعادت غزة بمقاومتها، في مواجهة للعدوان الاسرائيلي الاخير وصده، للفلسطينيين الثقة بالنفس، والاعتبار للذات، ومنحت الفلسطينيين جميعا على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وأحزابهم  الامل في الخلاص من غطرسة الاحتلال وحصاره والمعاناة اليومية التي يتكبدها تحديدا في قطاع غزة. وكذلك القدرة على مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.

ندرك جميعا مدى المأساة التي حلت على قطاع غزة جراء العدوان الاسرائيلي من سفكٍ للدماء وقتل للأطفال وفقدان للآباء والأبناء والأعزاء، وتشريد للأهالي وتدمير للمنازل، وخوف في قلوب الاطفال والنساء والشيوخ، وتدمير للانجاز الشخصي في كل بيت، ومسح تاريخ كل العائلة بفرحها ولعبها وصورها وذكرياتها الصغيرة، ومحو لحظات السعادة التي قضوها معا في أوقات عصيبة زمنَ الحصار وقبله. لكن غزة اعادت أيضا العزة لقلوب الفلسطينيين بانتصاراتها "الجزئية" ومقاومتها الحية؛ أذهلت الفلسطينيين، وعذبت الاحتلال، وأيقظت دول العالم من سُباتها على بشاعة اسرائيل.

غزة المقاومة... أحيّت فينا الكرامة، وأعادت الاعتبار لكل فلسطيني، ومنحتنا الوحدة من جديد على طريق الحرية، وعلمتنا أن بقدر ما يدفع الاحتلال من ثمن بقدر ما يقربنا من يوم الانتصار. وكأن غزة تقول للفلسطينيين "وفر قرشك الابيض ليومك الاسود" واستعد لقادم يومك لتستعيد مجدكُ من جديد، أو أنها تتبنى قول أبنها الامام الشافعي " ما حَكَّ جِلدَكَ مِثلُ ظُفرِكَ.... فَتَوَلَّ أَنتَ جَميعَ أَمرِكَ" فلم تعد عواصم العالم تنفك دون سندك وقوتك.

غزة في يومها كفصول السنة متقلبة... تُصبحُ على حزن وألم وجريمة ومجزرة "حي الشجاعية"، وتبهرك في  صمودها نهارا، وجبروت مقاتليها مساءً، وتنام على فرحة أَسْرِ جندي في معركتها ليلا. وتدمعك بشاعة صور الضحايا والأشلاء والدمار كأنك تموت مع كل طفل وامرأة، وفي كل زاوية في غزة قصة ألم ومعاناة. كما تدمع عيونك فرحا في كل "انتصار" ومفاجأة وقصة صمود وعناد لأهل غزة.

وكأن غزة تعشق الدموع مع الهزيع الأول من يومها، وسطوع شمسها وسطَ نهارها، ورطوبة الجو فيها عصرَ يومها، ونسمات بحرها مساء يومها، وظلمة ليلها إلا من نور قمرها البعيد.. فغزة تمنحك كل مشاعرها في يوم واحد فالحزن ممتزج بالفرح، والدمعة فيهما حارقة كما هي غالية. وحال غزة كأحرف عنوان المقال واحدة " أ م ل" لكنها على طرف نقيض؛ فالتذهب الأولى "ألم" لتحل بدلا منها الثانية "أمل".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير