عن المقاطعة ونحن في فلسطين الـ ٤٨

09/10/2016

كتبت: فلسطين إسماعيل

يمكنك ان تتفهّم ماذا يعني اننا في فلسطين الـ ٤٨ نحمل الهوية الإسرائيلية، لكن فهمها وفهم تناقضاتها لا يفهمها الا حاملوها.

في بيوتنا الوطنية تعلمنا منذ الصغر ان فلسطين هي وطننا والأرض ارضنا ، تعلمنا ايضا لغتنا وثقافتنا العربية في بيوتنا وفي مدارسنا.

رغم الضغوطات الأمنية والمحاولة الإسرائيلية لمحو تاريخنا وهويتنا، حاول مدرسونا ادخال الوعي السياسي والامتداد العربي الى منهاجنا الذي كان ولا زال صهيونيا بامتياز.

مدرس للغة العربية كسر قالب التعليم النمطي في حينه، حين أجبرنا على الاستماع لمسرحيات وأغاني زياد الرحباني، ونسخها في دفاترنا ومناقشتها في الحصة، غنَّينا بلادي بلادي مع مدير مدرستنا الخوري في وسط "تل ابيب" والمارة من الإسرائيليين يلتفتون إلينا مستغربين "وقاحتنا".

كنّا نشعر في ذلك الزمن اننا منفيون في ارضنا، فنحن لا ننتمي لا للغة الرسمية ولا للعلم ولا للنشيد الوطني من وجهة، ومن جهة أخرى لا ننتمي لعالم عربي وضعنا في خانة الخونة 

كنّا وما زلنا ندفع ثمن هذه الهوية الزرقاء الملعونة، في حياتنا اليومية واينما كنّا وعشنا.

يدفع ثمن هذه الهوية العامل الذي قرر ان يضرب في يوم الارض، ويطرد من عمله جراء ذلك، يدفع ثمنها الأخ الذي يريد ان يزور اخاه في دولة عربية حدودها مغلقة أمامنا، يدفع ثمنها فنانونا ومبدعونا ان أرادوا عملا فلسطينيابامتياز.

ندفع ثمنها نحن المتواجدون في الغربة حين نرفض ان نحصل على جنسية دولة تطلب منا التنازل عن جنسيتنا الإسرائيلية.

اسكن في الدنمارك حيث كان القانون حتى السنة الماضية يقضي بانه لا يمكن ان تكون لديك جنسية مزدوجة، وعليه يجب التنازل عن الجنسية الآخرى، وحين كنت أسأل من الأصدقاء والمعارف متى سوف احصل على الجنسية الدانمركية كنت اجيب انني لن اطلب أصلا الحصول على جنسية الدانمركية لأنني "لا أستطيع التنازل عن الجواز الاسرائيلي لأسباب وطنية"، قمة التناقض أسباب وطنية لكن بالنسبة لي تعني محافظتي على حقي في الدخول والخروج من ارضي والسكن فيها ان أردت دون اعتراض.

أين موضوع المقاطعة من هذا كله:
أنتم أصدقائي وصديقاتي تسمعون عن معاناتنا وهنا لا اطلب عطفكم، اكيد بل أصف الامر فقط لكم لكي تحاولوا تصوره معي، تسمعون بذلك فقط اثناء المهرجانات، المهرجانات الغنائية ومهرجانات الأفلام على سبيل المثال.

لذلك اريد ان أعلمكم أنتم خارج فلسطين واذكر بهذه المناسبة ايضا صديقاتي وأصدقائي حملة الهوية الزرقاء (الجنسية الإسرائيلية) بأن من يدفع ثمن هذا التناقض ليس فقط طبقة المثقفين والفنانين وصانعات وصانعو الفن، من يدفع الثمن بامتياز ايضا هم الطبقة العاملة لدينا، فهم لا ظهر لهم ويأكلون الحصرم يوميا دون ان يكتب عنهم احد، يأكلون هذا الحصرم دون ان يطالبونا بشيء.

ما أردت قوله ان حياتنا خيارات، انا اخترت ونحن نتحمّل مسؤوليتنا، من يلعب على الحبلين يقع.
لذلك لا اشعر باي تأتأة او تحيز أمام او استغراب من مقاطعة فيلم لمخرجة صرّحت لوسائل الاعلام بأنها لا تمانع في كون الفيلم اسرائيليا، لأنه لا يمكن اللعب على الحبلين، خيارك واختيارك له ثمن ونحن ايضا ندفع هدا الثمن يوميا، لذلك لا شفقة على شخص اختار في فرنسا ان يكون فيلمه اسرائيلي وفي لبنان يريده فلسطيني بامتياز ويريد من لبنان التى عانت وما زالت تعاني من  الاحتلال الاسرائيلي احتضان فيلم باسمه.