دونالد ترامب.. مسمارٌ في كعب الإمبراطورية الأمريكية

13/11/2016

كتب: محمد عطاالله التميمي - ناشط سياسي فلسطيني

مع وصول الرئيس الجديد المنتخب للولايات المتحدة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إثر إنتصاره المفاجيء للكثيرين على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، إرتفعت مستويات الجدل تجاه شخصيته المثيرة للجدل أصلا، لا سيما في ظل صراحته في طرح مواقفه تجاه قضايا الشأن الداخلي الأمريكي، والهجرة واللاجئين، واسرائيل، وملفات ما يسمى بالربيع العربي، وحلفاء الخليج، والأصدقاء الأوروبيين، والمنافس الروسي الصيني، وأمريكا اللاتينية إلى ما غير ذلك.

ويأتي نجاح دونالد ترامب في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تثبيت هيمنتها على العالم ومقاومة محاولات الإزاحة على الصعيدين العسكري والسياسي والتي تقودها إمبراطورية بوتين المتجددة في روسيا، بالاضافة الى الإشتباك الإقتصادي مع الصين التي إخترقت أسواق العالم وباتت منافساً لا يستهان به ليس فقط للمشروع الأمريكي، بل وأيضاً للغرب بمجمل مشاريعه الاقتصادية والصناعية الرأسمالية القائمة والمستقبلية.

ويدرك الرئيس الجديد أن تركات سلفه أوباما ثقيلة ومضنية للغاية، وهو الذي هاجم صراحةً تلك الإدارة التي إتهمها بإدخال الشرق الأوسط في جحيم من الحروب الأهلية والصراعات اللامتناهية والممتدة، والتي دفعته كثيراً للإشتباك سياسياً بحلفاء واشنطن التقليديين كالسعودية والشركاء في حلف شمال الأطلسي متهماً إياهم بالتخلف أو التخاذل في بعض الأحيان في أداء واجباتهم تجاه تقديم الدعم للدور الأمريكي في المنطقة.

وبما أن الساكن الجديد في جنبات البيت الأبيض سيكون أمام تحديات جسيمة لحماية مصالح بلاده  المتراجعة يوماً بعد يوم، فإنه لا شك سيكون مضطراً لخوض حالة من الإشتباك السياسي والإقتصادي، وربما العسكري، في مواجهة التوغل الروسي في شرق أوروبا والشرق الأوسط، والطموح الصيني المتنامي في مناطق لطالما كانت تعتبر أسواق إستهلاك للولايات المتحدة وحلفائها، تحديداً في أفريقيا والتي تصارع بكين على ترسيخ وجودها فيها رغماً عن الإرادة الأمريكية، ومما لا شك فيه أن ترامب لن يكون متساهلاً في التعامل مع هذه الملفات، وهو الذي لطالما إتهم أوباما بالتخاذل تجاهها.

ويبرز الخلاف الأمريكي – الأوروبي حول قضية اللاجئين ليزيد من واقع التوتر بين الطرفين، سيما إذا ما أقدمت إدارة ترامب الجديدة على تنفيذ تهديداته حول وقف أو تقليص إستقبال اللاجئين القادمين من مناطق الحرب المختلفة عبر العالم، أو المهاجرين القادمين من المكسيك ودول أمريكا اللاتينية، الأمر الذي سيجعل من أوروبا بوابة شبه وحيدة لإستقبال الأعداد الهائلة من اللاجئين والمهاجرين، مما سيزيد من الأعباء الإقتصادية والأمنية والسياسية على حكومات تلك الدول التي لا تزال تترنح بعد سنوات من الأزمة المالية العالمية، والتي وللمفارقة أن الحليف الأمريكي كان سبباً رئيسياً فيها، وسيعود ذلك الخلاف إذا ما تطور بالضرر على الإقتصاد والموقف السياسي الأمريكي أمام العالم.

أما على صعيد القضية الفلسطينية، فإنني لا أتوقع تغيراً نوعياً في الموقف الأمريكي من الصراع، خصوصا إذا ما علمنا أن ترامب قادم بفعل التحالف ما بين رأس المال ومراكز صناعة القرار، ، ولكني أتوقع زيادة الضغط على الجانب الفلسطيني ومنح الفرصة أكبر لإسرائيل في تعزيز الاستيطان وتكريس الاحتلال على الأرض الفلسطينية.
 
كل تلك الأمور إذا ما أقدم ترامب على العمل لإنجازها، فإنه وبلا أدنى شك سيضع واشنطن أمام مطبات خطيرة قد تهدد من قوة وسلامة هذا البلد خارجياً وداخلياً، خصوصاً إذا ما أدركنا حجم التفاقم في المشاكل الإجتماعية في المجتمع الأمريكي حيث يتعزز الخطاب الطبقي والعنصري الذي يمثل ترامب أحد أهم أركانه، والذي سينعكس أيضاً في مصير إمبراطورية العم سام.