الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي نموذجا

08/01/2017

كتب: د. مصطفى البرغوثي

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

أصبح المناضل نيلسون مانديلا أيقونة عالمية لأسرى الحرية بعد أن قضى سبعة وعشرين عاما في سجون النظام العنصري قبل أن ينال حريته.

في فلسطين مئات من الأسرى الذين يصلح اسم كل منهم ليكون أيقونة للنضال من أجل الحرية.

أحدهم هو نائل البرغوثي المناضل الفلسطيني الأسير الذي أصبح اليوم السجين السياسي الأطول اعتقالا في العالم، بعد أن قضى في سجون الاحتلال ما يزيد على ستة وثلاثين عاما، أي أكثر من نصف أعوام عمره التسعة والخمسين .

أعتقل في الرابع من نيسان عام 1978 وعمره لم يتجاوز عشرين عاما وأمضى ثلاثة وثلاثين عاما متتالية حتى أفرج عنه في 18 تشرين الأول 2011  ضمن صفقة " وفاء الأحرار" مع الأسرى الفلسطينيين الذين أفرج مقابل الإفراج عن الجندي الاسرائيلي شاليط.

لكنه أعتقل مجددا في الثامن من حزيران 2014 ، وحكم جورا بالسجن لعامين ونصف بتهمة القاء خطاب في جامعة بيرزيت. وكان يجب أن يفرج عنه قبل نهاية العام الماضي ولكن الاحتلال يماطل في محاولة لإعادة حكمه القديم بالسجن المؤبد.

تعرف نائل البرغوثي على من ستصبح زوجته أمان نافع عبر شاشة التلفزيون عندما أعتقلت عام 87 وزج بها في سجون الاحتلال لعشرة أعوام .

وعرض عليها فكرة الزواج بالرسائل وهو ما زال أسيرا عام 1997 ، وقبلت بعد تفكير طويل أن ترتبط به رغم استحالة اللقاء به بعد خمسة سنوات من عرضه وكان عليهما أن ينتظرا تسع سنوات  أخرى قبل أن يستطيعا اللقاء والزواج بعد شهر من الإفراج عنه عام 2011 .

وقبل أن يفلحا في بناء عائلتهم الصغيرة، عاد جيش الاحتلال لإعتقاله وأسره مجددا ، ولم يحظ بتنفس الحرية سوى 32 شهرا فرضت عليه خلالها الإقامة الجبرية في منطقة رام الله وكان عليه أن يثبت وجوده بانتظام لدى معسكر الاعتقال.

مات والده ووالدته وهو في الأسر ، ولم يستطع لا المشاركة في جنازتيهما ولا تقبل العزاء فيهما ، ويوم أفرج عنه في المرة الأولى، لم يجد سوى أخته في إنتظاره لأن أخيه عمر كان في الاعتقال الأداري المتواصل.

واليوم يمنعوا شقيقته وكل أسرته باستثناء زوجته من زيارته.

قالت لي زوجته أنه لم يتناول الطعام أو الماء لخمسين ساعة أثناء مثوله الاخير أمام المحكمة  ، لأنه كان طوال خمسين ساعة مقيد اليدين والرجلين بالسلاسل وممنوع من الوصول الى دورة المياه.

وإذا سمح بإعادة فرض الحكم المؤبد عليه فسيكون نائل البرغوثي واحدا من أثنين وأربعين اسيرا أعاد الاحتلال فرض عقوبة المؤبدات عليهم بعد ان أفرج عليهم في صفقة شاليط فيما يظهر مدى استخفاف حكومة نتنايهو بالاتفاقات التي تعقدها وبالدول التي رعت تلك الاتفاقات وضمنتها.

معمر الجعبري وبسام النتشة هم أثنان من ستة أسرى من القدس أعيد فرض الأحكام المؤبدة عليهم دون سبب سوى الإنتقام من الشعب الفلسطيني الثائر على الاحتلال.

علاء البازيان أسير ضرير من القدس قضى أكثر من 27 عاما في السجون وعندما أطلق سراحه تزوج ورزق بأبنة ، وكانت زوجته حامل بابنته الثانية عندما أعادوا اسره فولدت ابنته الثانية بعد أن أعيد فرض الحكم المؤبد عليه.

بعض الأسرى مثل فخري البرغوثي ، وقد أمضى أيضا ثلاثة وثلاثين عاما في السجون لم يستطع معانقة طفليه الذي ولد أحدهم بعد اعتقاله، الا بعد ان كبرا واعتقلا وزج بهما في نفس السجن الذي كان محتجزا فيه. وعندما عانق أبناءه لم يستطع جميع الأسرى والسجانين الذين شاهدوا اللقاء أن يحبسوا الدموع في عيونهم.

أما كريم يونس فقد بدأ عامه الخامس و الثلاثين في سجون الاحتلال.

وهناك اليوم سبعة آلاف أسير وأسيره منهم عدة نواب منتخبين، في سجون الاحتلال ومن بينهم 480 طفل وبعضهم لم يتجاوز عمره 12 عاما ،وبينهم ثمان وستون مناضلة فلسطينية، و أربعة وعشرون أسيرا مصابين بالسرطان، وبعضهم مبتور الأرجل، وآخرون مهددة حياتهم بالموت بسبب أمراضهم ومحرومون من العلاج والرعاية اللائقة.

وهناك عشرة اسرى أمضوا في السجن أكثر من ثلاثين عاما و 35 اسيرا تجاوزوا عدد سنوات اعتقال نيلسون مانديلا.

أما أكثر الأمور وحشية وفظاظة فهو أن إسرائيل تعتقل حتى جثامين الشهداء لأشهر طويلة ورفات بعض الشهداء ما زال محتجزا منذ أربعين عاما.
بعد هذا كله أيحق لأي كان أن يلوم الفلسطينيين على مقاومة الإحتلال؟