جهاد حرب يكتب لوطن نميمة البلد: الجامعة والشباب والتفكير

14/04/2017

وطن للأنباء: جرت حادثتان الأسبوع الفارط تشيران الى تحول ذي دلالة غير مسبوقة في تاريخ الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية تتعلق بالمكان أكثر من أنها غير مسبوقة الحدوث، الأولى منع المفكر التونسي يوسف الصديق اكمال محاضرته في الجامعة الامريكية. قد يختلف البعض معه في تفسيراته أو أقواله، وهو حق لكل واحد منا لكن في إطار إعمال العقل لا تغييبه أو العضلات أو الاقتحام أو المنع أو محاولة تقويل الانسان ما لم يصرح به. قال لي صاحبي المطلع على محاضرة يوسف الصديق اليوم عند تناول هذا الحدث ان اختلاف المذاهب رحمة للمؤمنين، وكذلك قلت الاختلاف بين الطوائف رحمة للمؤمنين. فالأصل في الحكاية البشرية الاختلاف ليس فقط في الشكل بل بطرائق التفكير. وهذا لا يعني منع الاحتجاج لكن طريقة الاحتجاج بالمجادلة تتطلب احترام الاخرين لا المنع وعدم احترام عقول الاخرين. وكذلك محاججة الفكر الذي يحمله يوسف الصديق ان اختلفنا وحتى ان اتفقنا في جزء أو في جل كلامه تتطلب متسع أو أماكن متعددة ليس مكانها فقط المحاضرة.

والثانية محاولة بعض الطلبة في جامعة بيرزيت منع القيادي الفلسطيني العربي محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية من المشاركة في حفل التأبين للمناضل تيسير عاروري بداعي أنه إسرائيلي، فلا اسمه ولا فعله النضالي؛ في دحض الرواية الإسرائيلية، وفي مواجهة سياسات وإجراءات حكومة التمييز العنصري ضد شعبنا في الداخل ومناصرته اللامحدودة لقضايانا ونضالاتنا طوال السنوات الماضية تنطبق عليه. بل هو الفلسطيني الأصيل لبقائه في ارضه كشجرة زيتون ثابتة وصامدة وصابرة. هنا لا أتحدث عن جهات مدفوعة أو مأجورة، وهذا الامر ليست من طبعي، لكن اتحدث عن عقل شباب المستقبل وتفكيره وطريقة اتخاذه قراراته وتقدير الموقف لديه باختلاف انتماءاتهم السياسية. 

هذان الامران اعاداني الى أربعة سنوات خلت، بدأت محاضرتي في الجامعة بالحديث عن قتل النساء في فلسطين حينها قتلت امرأة فلسطينية اسمها ثمر في محافظة طولكرم بعد تحريض من عائلة والدها. لكن المفاجئ أن أحد الطلبة قال انها تستحق القتل دون ان تكون له معرفة مسبقة بها لكن لمجرد انها قتلت على يد والدها. الصدمة حينها لم تكن بسبب أن ذكرا قال ذلك، لكن الصدمة كانت ان ينطق طالب جامعي بحكم دون معرفة أو سؤال بتغييبٍ كامل للعقل في الوقت الذي نُعلمه أو المفترض ان تعلم طوال سنوات الدراسة في الجامعة وما قبلها منطق التفكير والتحليل والاستدلال والاستنباط لا تغييب العقل. وهي على العكس بالكامل لمنطق وفكرة الجامعة ذاتها وبكل تأكيد الجامعتان المذكورتان أعلاه.

الواضح أن رجال السياسية ورجال الدين، كذلك الخلط بينهما وفي أدوارهما، في بلادي لا ينطقون الا باتجاه واحد، وكل ذي عقل أو من يحاول إعمال عقله قد خرج عن الملة أو صنف بالعدو أو تم وصمه، مما أنتج ثقافة الشباب، طلاب الجامعات، التي لا تقبل الاخر أو تقوم بإعمال عقلها في المعارضة والتأييد ومحاكمة الأفعال.