"ارم ذات العماد" هي اعصار ايرما

11/09/2017

كتب: حمدي فراج

يكفي ان تفتح اليوم صفحة اي من "اصدقائك المتدينين" على الفيس بوك ، لتقرأ فيها ما يجعلك تشعر بالحزن المركب ، ازاء العواصف التي تضرب بعض مناطق الولايات المتحدة الامريكية المتاخمة للمحيط الاطلسي من جهته الشمالية ، ليس فقط من باب نزعات التشفي اللاانسانية ، بل من باب آخر اكثر بؤسا وحزنا ، من ان هذا عقاب الله لهم ، انظروا ماذا يقول هذا : "شهر سبتمبر ، شهر لن ينساه الأمريكان الصليبين  وسيظل محفوراً في عقولهم وأذهانهم ،  بالأمس جنود الرحمن – يقصد جماعة بن لادن - ثأروا منهم بالغارات ، واليوم جنوده تعالى يثأرون منهم بالأعاصير" ، ويعتبر آخر في تعقيبات الاعجاب على هكذا نص مريض ، ان الريح احد جنود الله المباركة والتي يعتمد عليها في ضرب الكفار .

وعلى فرض ان جميع سكان ولايتي فلوريدا وتكساس التي يناهز تعدادهما 50 مليون نسمة ، كفارا وصليبيين ، فكيف يفسر هؤلاء مقتل اضعاف اضعاف قتلى الاعاصير ، قتلى المسلمين في منى اثناء تطوافهم في الحج ، خلال التدافع وانهيار الانفاق ، الا اذا اعتبر البعض من هؤلاء "الاصدقاء المتدينين" ، ان الله اختارهم من بين ملايين الحجاج ، مأثرة تفوق مكرمة الملك ، التي رفضتها هذا العام والدة شهيد من مخيم عايدة ، ليس فقط من باب موقف المملكة مما يحدث في اليمن وسوريا ، بل من باب ان "المكرمة" تبطل الرمزية النقية لروح الحج الى الله التي قال فيها "من استطاع اليه سبيلا" ، "ناهيك ان ابني ما يزال معتقلا في ثلاجات العدو ، اولويتي استعادته ودفنه" .

من الناحية الدينية البحتة ، فإن الكرة الارضية كلها ، من شمالها الى جنوبها ، ومن شرقها الى غربها ، ومن بحرها ومحيطها ، الى سهلها وجبلها وصحرائها ، هي وحدة واحدة ، وان قاطينها من ابيض واسود واحمر واصفر ، مسلم ومسيحي ويهودي وبوذي وهندوسي وسني وشيعي ورومي وقبطي ولاتيني جميعهم من خلقه ، ولهذا خاطبهم بقوله " يَا أَيُّهَا النَّاسُ" دون اي تخصيص ، وانه جعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ، لا ليحتربوا ويقتتلوا ويلتهم قويهم ضعيفهم وغنيهم فقيرهم ، ويشمت بعضهم بمصائب بعض ، وان الاكثر إكراما عنده "أتقاكم".

أحدهم ، من هؤلاء "الاصدقاء المتدينين" ، وما هم بمتدينين ، وما هم بأصدقاء حقيقيين ، ساق آية كريمة لتوظيفها في الاعاصير الامريكية  "وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا" ، في حين وصل الامر بأحدهم ان قال عن آية "ارم ذات العماد" ، هي نفسها اعصار إرما ، لكنه لم يقل لنا عن اعصار خوسيه وهارفي وكاتيا وليديا شيئا.

عندما نجح اوباما في الانتخابات ، قال البعض من هؤلاء ان الله استجاب لدعائهم : اللهم سؤّد البيت الابيض .