نادية حرحش تكتب لـ"وطن" : هل على هذه الأرض من يستحق الحياة ؟

13/09/2017

وطن للأنباء- كتبت نادية حرحش: 

كيف لنا أن نعيش في أرض أرخص ما فيها هو الإنسان ؟

إلى متى نستمر بتقديم أجسادنا أضاحي لهذه الأرض، التي تسحق أرواحنا فتشرب من دمائنا بلا ارتواء وتتغذى على أجسادنا بلا شبع ؟

هل بعنا الأرض بالرخيص فاستباح ترابها أجسادنا ودماءنا ؟

كم من الأسئلة التي لا جواب عليها ستستمر في الطرح ؟ وإلى متى؟

عندما كتب درويش عبارته الشهيرة التي جعلنا منها شعارا لوجودنا، هل كان يهزأ بنا ؟ أم عرف أننا سنرددها كأعمى يتحسس طريقه في الظلام، لا يميز بين ظلمة او نور؟

إلى متى السكوت عن هذه الجرائم التي لا تكف ولا يتم المساءلة والمحاسبة عليها ؟

أخطاء طبية وإهمال مقيت أودى بضحية أخيرة . لم يعد للأسماء معاني فكلنا ضحايا في هذه الأرض التي يتربع على العيش فيها المفسدون.

لن أسأل متى سنصحو ، لأننا في ظلمة لا نميز فيها الليل من النهار . لأننا لو كنا نعيش في بلاد يتم فيها احترام الإنسان لما تكررت الأخطاء لتصبح مصائب وجرائم تعيد تكرار نفسها في كل مرة بقصة أكثر وحشية.

"كنان يوسف اصبيح ابو زر" ، لم تشبع منه أنفاس أمه بعد ، واشتاقت له هذه الأرض التي يقيم عليها الغربان. كنان روح ستلاحقنا لِصمتنا عن الفساد. لصمتنا عن مراكز صحية بلا طبيب وبلا تأهيل وبلا صحة..

جرائم قتل النساء لا تتوقف . نيفين العواودة روحها ترفض المبيت في سبات التراب وهي تلاحقنا . السكوت عن الحق شراكة في الجريمة ...تصرخ روحها بضمائرنا المستكينة.

دب يأكل يد طفل في حديقة حيوان ونلوم الدب المفترس.

مدينة ملاهي تتهاوى الألعاب فيها على رؤوس الأطفال ويدافع أصحاب المصالح عنها كأنها قضية الوطن أمام الاحتلال. طفلة تسقط من شرفة منزل ونقول "قضاء الله وقدره" . 

استخدام الأسلحة والشجار والاقتتال صار من سمة اليوم الحاضر، والفساد حاضر مهيمن يتم مكافأة الفاسد وترقيته .

في كل مرة يتم فيها فضيحة فساد مالي أو أخلاقي ، نتفاجأ بأن ذاك الفاسد يرقى ويزداد شأنا . والأمثلة لا تكاد تتوقف . فمسؤول تم مسكه بقضية فساد جنسي تمت ترقيته الى رتبة وزير.

ووزير يشكي منه الداني والقاصي بتحويل الوزارة الى احتكار شخصي يتم تنفيذه اكثر بمهام ابدية وعرش بقصر .

وامرأة تقتل وتستباح ويتم التستر على قتلها وعلينا ان نصدق ونسكت ونصفق اعجابا بانهيار منظومة الأمن واستباحة الحياة.
ومقاومة الاحتلال  السلمية حتى تصبح جريمة يتم اعتقال الناشطين فيها . والاحتجاج يؤدي بلا شك الى الاعتقال .

والطعام الفاسد والشراب ، وحوادث الطرق والموت في المستشفيات وانعدام السلامة العامة في المباني والطرقات مستمر مستمر.

والنظام التعليمي الذي يزداد سوءً وانهيار محكم بكل المعايير الاجتماعية والاخلاقية والانسانية. أخطاء في المناهج تزداد وما من اعتراض او اعتذار او محاولة تصحيح .

ثم نردد واثقين : على هذه الارض ما يستحق الحياة.

نحن شعب لا نستحق الحياة . لأن الحياة استحقاق لمن يريدها . وما نعيشه هو المستحق.

هذا الفساد المستفحل هو انعكاس لفسادنا الفردي. فالموضوع ليس موضوع حكومات محترمة بقدر ما هو موضوع شعوب تحترم نفسها .

ونحن شعب انحدرنا في تفردنا بقضايانا الشخصية فلم يعد بنا من الشعب الا اسمه ومن الوطن الا بعض تراب يأوينا اذا ما متنا .

شبابنا ينتحرون ونتساءل ؟
لا نذكر ابناءنا الا عندما يرحلون او عندما تقدرهم بلدان العالم المحترمة.

نرمي الكفاءات ونهشمها ، ونعمل بانتظام على وضع ما هو غير مناسب في المكان المناسب، ونجعل من المصالح الشخصية هي المصالح العامة ونجعل من شخوص حجم وطن.

نحوم تائهين في فضاء حدوده مؤسسة أمنية بمسميات ومسؤوليات جعلت من الأرض مجرد نهاية محتمة لمصيرنا تحت ترابها . لعل هذه الأرض لا تحتاج أن تتذكرنا . فالأرض كما قال رب هذه الأرض "يرثها عبادي الصالحين" . أين نحن من الصلاح ؟ وأين نحن من الحياة؟ فنحن شعب لا نستحق الحياة...فكيف نستحق الأرض؟