محمد مصطفى: نور فلسطين هو البرنامج الشامل الأول والأكبر من نوعه في الوطن لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية

13/09/2017

رام الله - وطن للانباء : تشكل الكهرباء عنصرا أساسيا في حياة الناس لا يمكن الاستغناء عنه، فهي تعتبر عنصرا محوريا لتشغيل قطاعات الحياة كالصناعة والزراعة والصحة وغيرها، كما أنها تشكل جزءا رئيسيا من تكاليفها التشغيلية وبالتالي عنصرا محوريا ومؤثرا في اقتصادات الدول. وقد تسابقت دول العالم على إعادة تنظيم وهيكلة قطاع الكهرباء بهدف الوصول الى أقل تكلفة للكهرباء على المستهلك النهائي وذلك لما له من اثر على اقتصادات هذه الدول.

الا أن حال قطاع الكهرباء في فلسطين يختلف عن باقي دول العالم، حيث يتم استيراد ما نسبته 92% من الكهرباء من الجانب الإسرائيلي ضمن سعر يتم فرضه دون وجود أي دور للجانب الفلسطيني بتحديد هذا السعر، وقد أدى ذلك الى جعل أسعار الكهرباء في فلسطين من أعلى الأسعار على المستوى العالمي.  ومن هنا، وللوصول الى تكلفة منخفضة للكهرباء في فلسطين على المستهلكين النهائيين في مختلف القطاعات أسوة بباقي دول العالم، وللمساهمة في استقلال قطاع الكهرباء عن إسرائيل، كان لا بد من وجود رؤيا واضحة واستراتيجية لإيجاد مصادر متعددة لإنتاج الكهرباء محليا وبأسعار منخفضة.

 

وكمؤسسة وطنية سيادية هدفها النهوض بالاقتصاد الفلسطيني في مختلف القطاعات، تبنى صندوق الاستثمار الفلسطيني رؤيا شاملة في قطاع الطاقة تساهم في استقلالية القطاع عن الجانب الإسرائيلي وتخفيض أسعار الكهرباء على المستهلكين المحليين في جميع القطاعات. ومن هذا المنطلق، قام الصندوق بتأسيس شركة مصادر كشركة متخصصة لتعمل على تطوير واستغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية. وتشكل "مصادر" الذراع الاستثماري للصندوق في تنفيذ استراتيجية استثمارية متكاملة تجمع ما بين موارد القطاع العام، وإمكانيات القطاع الخاص، والتي تشمل مجموعة من المشاريع في قطاع الطاقة بمصادرها التقليدية كالغاز والنفط، ومصادر الطاقة المتجددة كتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.

وقد قام الصندوق بإطلاق برنامج نور فلسطين لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، والذي يستهدف القطاعات المنزلية، التجارية، الصناعية، الزراعية، والقطاع العام، ويقوم على مبدأ تطوير أنظمة طاقة شمسية على الأسطح تتناسب مع حجم الاستهلاك، إلى جانب تطوير محطات طاقة شمسية في عدد من محافظات الوطن بحيث يتم استخدام الكهرباء المنتجة من هذه الأنظمة لتخفيض فواتير الكهرباء للمستفيدين النهائيين، حيث ستصل نسبة التوفير الى 50% من قيمة الفواتير خلال العمر الافتراضي للنظام والبالغ 25 سنة.  

وبالفعل، بدأت أولى الخطوات العملية لهذا البرنامج من خلال بناء حقول خلايا شمسية، لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، وذلك في محافظات أريحا وطوباس وجنين بقدرة اجمالية تصل إلى 23 ميغاواط.

وقد أعلن الصندوق قبل أسبوعين عن إطلاق محطة النويعمة للطاقة الشمسية في محافظة أريحا والأغوار والتي تعتبر باكورة مشاريع برنامج نور فلسطين للطاقة الشمسية. وبحجم استثماري بلغ عشرة ملايين دولار، وعلى مساحة تمتد على 100 دونم، ستقوم المحطة بإنتاج 7.5 ميغاوط من الكهرباء سيتم ضخها الى شبكة الكهرباء التابعة لشركة كهرباء محافظة القدس، ونقلها بالعبور لتغطية استهلاكات متعددة تابعة للمستفيدين النهائيين في محافظة رام الله والبيرة والقدس، وتشمل هذه الاستهلاكات إنارة شوارع ومضخات مياه لبعض البلديات وكذلك منشآت تجارية.

ويقول رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني، د. محمد مصطفى، إن برنامج نور فلسطين، يهدف لتحقيق عدة نقاط هامة في مجال الطاقة، وعلى رأسها المساهمة في تحقيق أمن الطاقة كقاعدة أساسية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي، على اعتبار أن هذا القطاع يشكل قطاعاً محورياً في تطوير كافة القطاعات الاقتصادية، ولقد آثرنا تركيز استثماراتنا في القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها قطاع الطاقة.

وأضاف د.مصطفى، أن "نور فلسطين"، هو أحد مشاريع الطاقة التي ينفذها ويشرف عليها الصندوق بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص، لتنويع مصادر الطاقة، وعدم الاكتفاء بمصادرالطاقة التقليدية كالنفط والغاز، والتوجه نحو المصادر غير التقليدية (المتجددة) على اعتبار أنها متوفرة، كالطاقة الشمسية التي تعتبر متاحة على مدار العام تقريباً في فلسطين، والاستفادة من التقدم الحاصل على مستوى العالم في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.

وزاد: "الأهم بالنسبة لنا، هو البدء تدريجياً بتنفيذ خطة نحو إحراز استقلال مواردنا عن إسرائيل، وخاصة الطاقة، بحيث أن كل كيلواط ينتج محلياً يوفر علينا شراءه من إسرائيل ومصادر أخرى، بالإضافة إلى أن استراتيجية الصندوق تستند على التحول قدر الإمكان إلى الإنتاج، والاستقلال عن التبعيىة الاقتصادية لإسرائيل".

وفي هذا السياق قال مدير عام شركة مصادر، السيد عازم بشارة "إنه تم الانتهاء من الأعمال المدنية والهندسية اللازمة لبناء المحطات في كل من طوباس والأغوار، والاتفاقيات اللازمة لشبكها على شبكات توزيع الكهرباء. كما تم الانتهاء من تقييم العطاءات الخاصة ببناء تلك المحطات وسيتم البدء بتوقيع اتفاقيات مع عدد من الشركات للبدء بتركيب الأجهزة والمعدات الخاصة وربطها مع شبكات الكهرباء خلال شهرين من الآن.

وأضاف بشارة: "يتوقع أن يتم تشغيل أول محطة من هذه المحطات خلال الربع الثاني من عام 2018 على أبعد تقدير. وبالإضافة الى الفائدة المباشرة على القطاعات المشتركة في هذه المحطة بتحقيق توفير في فواتير الكهرباء تصل الى 50% على مدار 25 سنة، ستساهم هذه المحطات في استقلالية قطاع الكهرباء عن إسرائيل وفي خلق فرص عمل والمساهمة في تطوير قطاع الطاقة المتجددة في فلسطين.

وفيما يتعلق بتمويل هذه المحطات، أشار بشارة إلى أن شركة مصادر ستقوم بتمويل بناء المحطات بشكل كامل وستقوم بمساعدة المستفيدين النهائيين في الحصول على تمويل من البنوك المحلية لتمويل حصصهم في تلك المحطات. وفي هذا السياق، فقد أبدى عدد من البنوك المحلية ارتياحهم لنموذج العمل المعتمد في برنامج نور فلسطين للطاقة الشمسية بسبب وجود شركة مصادر في جميع مراحل تطوير المشروع من بدايته حتى التشغيل الفعلي سواء كان ذلك في الحصول على الأراضي المناسبة، او من خلال إجراء التقييمات الفنية للمواقع، وطرح العطاءات والتعاقد مع المقاولين، وتوقيع الاتفاقيات التجارية والفنية مع جميع الأطراف كشركات توزيع الكهرباء المحلية.

وتهدف فلسطين بحلول عام 2020 من الحصول على 10% من الطاقة الكهربائية عبر مصادر الطاقة المتجددة، بقدرة تبلغ 130 ميجاواط. و يبلغ استهلاك الضفة الغربية وقطاع غزة من الطاقة الكهربائية، نحو 1300 ميجاواط، موزعة بين 500 ميجاواط لقطاع غزة، و800 ميجاواط في الضفة الغربية.

وفي خطوة نوعية أخرى، تم تركيب نظام توليد الكهرباء من  الطاقة الشمسية على أسطح المباني التابعة لمقر الرئاسة في مدينة بيت لحم وذلك ضمن برنامج نور فلسطين، وتبلغ قدرة هذا النظام 100 كيلو واط ويهدف إلى تلبية جزء من احتياجات تلك المباني من الطاقة الكهربائية، وبالتالي توفير فاتورة الكهرباء الشهرية الخاصة بالمقر، بحيث سيتم تشغيل هذا النظام خلال الشهر المقبل.

ووقع الصندوق خلال وقت سابق من العامين الجاري والماضي، مذكرات تفاهم مع بلديات رام الله والبيرة وقلقيلية وجنين وطوباس، لتلبية احتياجاتها لإنارة الشوارع والمباني التابعة للبلديات وتشغيل محطات تكرير المياه العادمة وضخ المياه. وتهدف هذه الاتفاقيات كذلك إلى تنويع مصادر الكهرباء، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، بالإضافة إلى أهميتها للاقتصاد الوطني بشكل عام، بحيث ستقلل الاعتماد على استيراد الكهرباء من إسرائيل من جهة، وستساهم في تقليل قيمة فاتورة الكهرباء من جهة ثانية.

جزء من الحل

ويرى الدكتور محمد مصطفى أن استخدام الطاقة الشمسية هو جزء من الحل، "نحن نعمل على تطوير حقل غزة مارين في قطاع غزة، ونعمل على تجهيز الدراسات اللازمة للبدء بالتنقيب عن النفط في الضفة الغربية على مساحة امتياز تبلغ 420 كم، كما أنه تم وضع حجر الأساس لمحطة جنين لتوليد الطاقة الكهربائية بالشراكة مع عدد من الشركاء المحليين من القطاع الخاص الفلسطيني".

وقال مصطفى إن استخدام مصادر الطاقة (المتجددة والتقليدية)، "سيساهم بشكل كبير للوصول إلى تحقيق استقلال الطاقة في فلسطين، وهذا هدفنا في هذا المجال".وطن للأنباء: