قراءة اسرائيلية في المصالحة: حماس تضع عباس في الزاوية بعرضها المصالحة

20/09/2017

وطن للأنباء - ترجمة خاصة: في قرارها حل  اللجنة الإدارية في قطاع غزة، تمكنت حركة حماس من وضع الكرة في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وبالمقابل، في حال رفض عباس رفع العقوبات التي فرضها على القطاع منذ (5) أشهر، فإن ذلك سيضعه في موقف سلبي جدا، خصوصا في مواجهة مصر.

ومنذ أن بدأ الرئيس الفلسطيني بفرض العقوبات على قطاع غزة، أعلن مرارا وتكرارا أن حل اللجنة الإدارية الغزية، هو السبيل الوحيد لإنهاء العقوبات، وبالتالي تخفيف الضغط عن حماس. والآن، وبعد أن تم الإعلان عن حل اللجنة رسميا، فإنه يجب إعادة النظر وبشكل كلي في طبيعة وأهداف "حكومة الظل" التابعة لحماس في غزة.

من الجدير بالذكر أن اللجنة الإدارية لقطاع غزة تم تشكيلها في شهر آذار-2017، بعد أن قالت حماس أن حكومة الوحدة تتجاهل تماما قطاع غزة، وتستثمر معظم أنشطتها وجهودها وميزانياتها في الضفة الغربية دون القطاع.

هذا وتتألف اللجنة الإدارية من (7) أشخاص، يتولى كل منهم المسؤولية عن عدد من الوزارات الحكومية عبر مكاتب عدة في قطاع غزة. وبالتالي، فإن عضو اللجنة يعتبر بمثابة الوزير المسؤول كليا عن مكاتب الوزارة المعنية، وهذا هو السبب في أن اللجنة كانت بالفعل بمثابة حكومة ظل في غزة. أما رئيس اللجنة الإدارية في غزة فهو عبد السلام صيام، وكان قد شغل في وقت سابق عدد من المناصب العليا في حكومة حماس في قطاع غزة عندما كان إسماعيل هنية رئيسا للحكومة.

في ذات الوقت، شددت حماس على أنه لا يجب النظر إلى اللجنة الإدارية على أنها حكومة، وأنها ليست ببديل لحكومة الوحدة. كما أضافت أن أعضاءها ليسوا بوزراء، وأنها أصلا لم تنشأ إلا نتيجة لأوضاع اضطرارية مؤقتة. كما كانت مهمة اللجنة تنحصر في التنسيق بين وزارات الحكومة في غزة، بعد أن تم إهمالها من قبل حكومة الوحدة الوطنية في رام الله، وفق تعبير حماس.

ولكن، ومن الناحية العملية، فقد تصرفت اللجنة كحكومة، وقام أعضاؤها باتخاذ القرارات كوزراء. لقد كانت في الحقيقة صورة نسخة مصغرة لحكومة حماس التي حكمت قطاع غزة برئاسة إسماعيل هنية قبل سنوات، وتم حلها لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إثر اتفاق المصالحة بين فتح وحماس.

لقد كان رد عباس على تشكيل تلك اللجنة عدوانيا وحادا. حيث بدأ بفرض عقوبات جدية على القطاع: شمل ذلك التوقف عن دفع تكاليف إمدادات الكهرباء من إسرائيل إلى القطاع، كما ورفض دفع الضريبة على وقود "الديزل" المزود إلى محطة توليد الكهرباء في القطاع، مما أدى إلى انقطاعات متكررة وطويلة للتيار الكهربائي في القطاع، كما قام بقطع رواتب الموظفين العموميين هناك، فيما فرض خطة للتقاعد المبكر على موظفي الحكومة في غزة، وأوقف ضخ الأموال في بنوك القطاع، كما أوقف التحويلات الطبية للمرضى المصابين بأمراض خطيرة إلى المستشفيات في إسرائيل والضفة الغربية، وما إلى ذلك.

وقد أدت تلك العقوبات إلى إحداث أزمة كبيرة في تزويد الكهرباء إلى القطاع، مما وفر للسكان ساعتين فقط من الكهرباء يوميا على أبعد تقدير. وقد أمل عباس أن يدفع ضغط العقوبات سكان القطاع إلى التحرك ضد حكومة حماس، وربما إلى محاولة الإطاحة بها.
وإدراكا منها لخطورة الوضع، وقد كان على وشك الانفجار، قامت حماس باستيراد وقود الديزل من مصر من أجل إعادة تشغيل محطات الطاقة في القطاع. وبالتالي، فإن رغبة عباس الإطاحة بحماس من خلال عقوباته لم تتحقق، ولم يحتج سكان قطاع غزة على حماس. ورغم ذلك، فقد هدد بزيادة العقوبات أكثر من ذلك.

الجهود الرامية إلى استئناف محادثات المصالحة

لقد جاء الإعلان الدراماتيكي عن حل اللجنة الإدارية، في أعقاب مناقشات ماراثونية جرت بين قياديي حماس، إسماعيل هنية ويحيى السنوار من جهة ومسؤولين في المخابرات المصرية من ناحية أخرى.

وقد كان من المقرر أن يعود هنية وجماعته إلى قطاع غزة قبل عدة أيام، ولكنهم قبلوا دعوة مصر للبقاء في القاهرة ومناقشة الأزمة مع حركة فتح وسبل تحريك الجهود المبذولة لاستئناف محادثات المصالحة بين الطرفين. وبالفعل دعت مصر وفد من حركة فتح إلى القاهرة للمزيد من المباحثات، ومن ثم وصل القياديين في فتح، عزام الأحمد وحسين الشيخ إلى العاصمة المصرية قبل مغادرة وفد حماس.

من الواضح أن حماس، بقرارها حل اللجنة، قد وضعت الكرة في ملعب عباس. وهو أيضا بمثابة رسالة حمساوية إلى كل من الفلسطينيين والمصريين، وإلى كل من يهمه الأمر، بأن حماس تمد يدها إلى المصالحة، وأنها تفعل كل ما طلبته منها القاهرة. فضلا عن ذلك، فقد طالبت حماس بتنفيذ اتفاق المصالحة ودعت (مرة أخرى) إلى إجراء الانتخابات.

تشكل هذه الخطوة حرجا لعباس، وهو بالتالي يواجه الآن اختبارا هاما. حيث ينبغي عليه الآن إزالة العقوبات، والإمساك بزمام الأمور في غزة، الأمر الذي سيكلفه الكثير من الأموال. وبالمقابل، فإن رفضه رفع جميع العقوبات، في حال حصل ذلك، سيصوره على أنه رافض، وسيضعه في موقف سلبي جدا، خاصة في مواجهة مصر التي ترعى المحادثات، والتي تعتبر علاقاتها مع عباس غير مستقرة في الأصل.

وبما أن حماس، تؤكد مرارا وتكرار، على أنها ضحت من أجل الوحدة الوطنية، ومن أجل الشعب الفلسطيني، ومصر، ومن أجل الأخوة، فإن عباس يدرك تماما أن أي قرار آخر بخلاف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات بين القاهرة وحماس، على حساب علاقتها معه، ومع رام الله، وعلى حساب حركة فتح.

وربما يعتقد عباس أنه سيقضي هذه الأيام في أجواء دبلوماسية عالمية مرموقة ومريحة، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي أجواء محببة لديه. غير أنه من المرجح أن البنايات والأحياء المهملة في غزة سوف تطغى على ناطحات سحاب نيويورك هذه المرة قبيل استئناف الحوارات الفلسطينية.

إن من دواعي سرور قادة حماس هو التحدي الجاد الذي فرضوه على حركة فتح، حيث نجحوا بتوجيه كل العيون على فتح الان. وبالتالي فإن يد حماس تبدو ممدودة إلى المصالحة. ولكن، هل تقبل فتح هذا التحدي، وتضع يدها في يد حماس في اتفاق نهائي سواء رغبت أو كرهت؟

 

المصدر: موقع "واي نت" العبري- ترجمة: ناصر العيسة