باحتجازها للمصري، السعودية تضرب مفاصل الاقتصاد الفلسطيني والاردني، و تنفذ الخطة (ب) من تصفية القضية الفلسطينية

16/12/2017

المطلوب تحرك رسمي فلسطيني اردني مشترك

رام الله- وطن للأنباء: ما أن شاع نبأ احتجاز السعودية لأحد أهم رجال الأعمال الفلسطينيين والذي يحمل الجنسية السعودية والأردنية صبيح المصري، حتى توالت ردود الافعال الاقتصادية والشعبية المنددة باحتجازه، كونه يملك أهم المؤسسات الاقتصادية وأحد ركائز الاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني وكذلك الاردني، أهمها مجموعة شركات أسترا  التي تضم قطاعات اقتصادية وتنموية مختلفة مثل ، باديكو ، والاتصالات والطاقة والبنوك والبناء والتعدين والزراعة والتغذية".

زيارة عمل الى الرياض انتهت باحتجاز

تلقى رجل الأعمال الفلسطيني ورئيس مجلس ادارة البنك العربي صبيح المصري نصائح من بعض المقربين له، بعدم التوجه الى السعودية في ظل مسرحية ما يسمى،  مكافحة الفساد التي يلعب بن سلمان دور البطل فيها، ولكن المصري طمأن أصدقائه بأن زيارته للسعودية مجرد زيارة عمل قصيرة وخاصة، مشيراً في ذات الوقت أن مساهماته الاقتصادية في السعودية تتمثل في مصنع وشركة ومصالح محدودة في القطاع الخاص، نافياً ارتباطه بالقطاع العام السعودي، فلماذا احتجزته السعودية؟

السعودية تحاول زعزعة الاقتصاد الفلسطيني والاردني ضغطا للقبول بخطة ترامب التصفوية

وفي سياق الأحداث المتعاقبة على القضية الفلسطينية، والرامية الى تصفيتها بدء من اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القدس عاصمة اسرائيل وتوقيعه على قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس، وفي ظل الصمت العربي الرسمي ازاء ذلك، ومع اعلان الكونغرس الأمريكي تخفيض مساعداته المالية للسلطة الفلسطينية، يظهر احتجاز السعودية للمصري كضربة قوية للاقتصاد الفلسطيني والاردني على حد سواء، فما هدفها؟.

وليس بعيداً عن ما نشره موقع "ميدل ايست" أمس الجمعة، والذي يتحدث عن ضغوط مارسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الرئيس محمود عباس والملك عبد الله الثاني، لعدم المشاركة في القمة الاسلامية التي عقدت في تركيا الاربعاء المنصرم لبحث اعلان ترامب ازاء القدس، ما كان سيضعف القمة ويفرغها من جوهرها بغياب اهل القضية المباشرين،  ولكنهما رفضا. من حينها،  ظهرت وبصورة جليه، ً خطة السعودية – المدعومة، والمخططة اميركيا - ذات الطابع السياسي والاقتصادي للضغط على الفلسطينيين لقبول واقع سياسي مُذل، ولتركيع الشعب الفلسطيني والاردني، وهدم اقتصادهما عبر احتجاز أهم دعائم الاقتصاد والمستثمرين وأصحاب الشركات الاقتصادية التي يقوم الاقتصاد الفلسطيني والأردني عليها فاحتجزت رجل الاعمال الكبير، صبيح المصري.

هندسة واقع عربي جديد، بوجه سعودي وهيمنة اميركية مطلقة

وضمن جهود رامية الى هندسة واقع عربي جديد تسيطر عليه امريكا بسواعد سعودية، يشغل بن سلمان اليوم، أداة أمريكا في الوطن العربي لاعادة ترسيم الواقع وتكييفه ليتلائم و ما بات يعرف "بصفقة القرن"، حيث كشف تقرير صحفي أعده الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جيفري أرونسون، أن صفقة متداولة في أروقة أمريكا والسعودية تقضي بالضغط على الرئيس محمود عباس للتنازل عن القدس والضفة الغربية، مقابل 10 مليارات دولار وتكون غزة هي دولة الفلسطينيين ضمن ما بات يعرف بالخطة "ب".

الخطة (ب).. رفضها الرئيس عباس فردت السعودية باحتجاز المصري

وكشف التقرير الأمريكي عن أن بن سلمان قال للرئيس عباس إنه حان الوقت لطرح الخطة (ب)، والتي تتضمن إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، يتم تسمينها بعمليات نقل غير محددة للأراضي في شبه جزيرة سيناء، وعندما سأله الرئيس عباس عن مكان الضفة الغربية والقدس الشرقية في هذه الخطة، أجابه بن سلمان: "سنفاوض".
وأشار التقرير إلى ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز"، والتي تحدثت عن لقاء جمع بن سلمان والرئيس عباس جرى في الثالث من ديسمبر الجاري، وأن بن سلمان عرض على الرئيس عباس دعماً مالياً كبيراً او الدفع مباشر، غير أن الرئيس عباس رفض العرض السعودي، وأوضحت الصحيفة أن ما تم عرضه على عباس لم يكن أمامه سوى رفضه، حيث يتضمن دولة فلسطينية على مناطق مقطعة في  الضفة الغربية، واقتصار سيادتها على أراضي غزة، في حين تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على الغالبية العظمى من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والتي تعتبرها معظم دول العالم غير قانونية، والتنازل عن القدس وحق العودة.
وعقب رفض الرئيس عباس لما طرحه بن سلمان، بدأت محاربة الأخير للفلسطينيين عبر اقتصادهم، فكان احتجاز المصري أولى الضربات التي وجهتها السعودية لدعائم الاقتصاد الفلسطيني والاردني.

خطة (ترامب- بن سلمان)، اسرائيلية الصياغة والتوجه والاهداف

وأكد التقرير على أن هذه الفكرة من بن سلمان كان مصدرها إسرائيل، إذ إن إنشاء دولة فلسطينية في غزة، هو أمر منظور منذ فترة من قبل مسؤولين إسرائيليين، كوسيلة لإجبار العرب على الرضوخ، لضم إسرائيل كلا من الضفة الغربية والقدس الشرقية،  حيث أن مسؤولين اسرائيليين بارزين من بينهم عوزي أراد الذي يعتبر من المقربين جدا من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والجنرال جيورا إيلاند الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إلى جانب شخصيات إسرائيلية أخرى، خدموا في حكومات نتنياهو يتبنون هذا التوجه.

وأشار التقرير إلى أن بن سلمان نفسه، كتب رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تلخص التعهدات السعودية غير المسبوقة بالمشاركة مع مصر والولايات المتحدة في التمسك بالشروط الأمنية لمعاهدة السلام التاريخية بين مصر وإسرائيل، واحتوت على مؤشرات واضحة، فهمتها اسرائيل أنها تأييد سعودي للعمل معهم دون أي شرط مسبق كقيام  دولة فلسطينية، سواء في غزة أو في القدس أو في أي مكان آخر.

تصريحات جبير تُكمل المشهد وتروج لترامب! بعد موقفه العدواني من القدس

وضمن جوقة التصريحات التي يدلي بها السياسيون السعوديون  منذ بدء التحركات الامريكية السعودية لصنع واقع عربي جديد، خرج وزير خارجية السعودية عادل الجبير بتصريحات يطالب فيها الفلسطينيين بالتمهل، وإعطاء ترامب وصهره الوقت الكافي لإتمام خطة السلام، مضيفاً "الفلسطينون بصلتهم محروقة دايما ويستعجلون كل شيئ، ترامب هو خير من يقود عملية السلام، وهو الراعي الرسمي لها ولا داعي للبحث عن راعي جديد".
وتأتي تصريحات جبير هذه لتكمل المشهد الذي يعده بن سلمان لتصفية القضية الفلسطينية تحت شعار "عملية سلام جديدة تضمن استقرار وأمن المنطقة".

ما وراء احتجاز المصري

لم يكن احتجاز السعودية للمصري أمراً اعتباطياً، فهو يشغل  منصب رئيس مجلس ادارة البنك العربي، ونجح قبل نحو 3 اعوام  في تخليص البنك العربي من محاولة نقل مقره الرئيسي عبر مخطط سعودي -حريري مشترك،  الى خارج الاردن، وهو اي البنك يشكل دعامة للقطاع المصرفي الأردني، ولم تحتمل السعودية في خطة المصري بنقل فعاليات البنك العربي من الولايات المتحدة ، فحاربته السعودية وظهر ذلك جليا باحتجازه لتوجيه ضربة للاقتصاد الفلسطيني والاردني .
ويعد البنك العربي مؤسسة عالمية وهو أضخم مؤسسة مصرفية عربية ، وله فروغ في العالم موزعة على خمس قارات ، وبلغت أرباحه أكثر من 600 مليون دولار حتى أواخر عام 2016.

احتجاز المصري ليس مصادفة

يتضح مما سبق، ان احتجاز السعودية لرجل الأعمال الفلسطيني صبيح المصري لم يكن مصادفة، بل يبدو واضحاً للعيان أن بن سلمان بدأ يعاقب الرئيس عباس وملك الاردن على رفضهما عدم الذهاب الى قمة اسطنبول، وبعد محاولاته الفاشلة في ارغام الرئيس محمود عباس والملك عبد الله الثاني على قبول الخطة (ب)، فإنه بدأ بحرب على الاقتصاد الفلسطيني الاردني، تمثلت في احتجاز أحد أهم دعائم الاقتصاد الفلسطيني والاردني صبيح المصري، بهدف تركيع الشعب الفلسطيني وارغامه على قبول حلول استسلامية تسرق منه دولته، وتهدم اقتصاده، وتحاربه في لقمة عيشه.

المطلوب تحرك رسمي للافراج عن المصري، فهو ليس مجرد شخص، بل ركيزة اقتصادية اساسية

وبعد خروج بن سلمان من عقاله، واستمرار الصمت وانعدام الموقف الفلسطيني والاردني، فإن ما جرى يتطلب تحركاً رسمياً مشتركاً فلسطينيا واردنيا ، رفضاً لاحتجاز السعودية لرجل الاعمال صبيح المصري، والمطالبة بالافراج عنه والعمل على ذلك، والوقوف في وجه السعودية ومحاولاتها الرامية الى انهاء القضية الفلسطينية وتدمير الاقتصاد الفلسطيني والاردني، واذا لم تجد السعودية مَن يردعها ويقف أمام ممارساتها ضد القضية الفلسطينية، فإنها ستستكمل ما بدأته في اعلانها الحرب على الاقتصاد الفلسطيني والاردني بهدف تركيع الفلسطينيين واجبارهم على قبول ما لا يُعقل، وتخليهم عن حقوقهم عبر الضغط المتواصل عليهم سياسياً واقتصادياً، ولذلك ارتداد سلبي لا يُحمد عقباه.