خالد بطراوي يكتب لـ"وطن": فستق فاضي

08/01/2018

هناك أيها الأحبة الفستق " الفاضي" والفستق " الملان" اذ يذهب البعض منا ليبتاع الفستق المغلف بقشره، فيتناول واحد منه لاختباره "ويطلع" صدفة "ملان" فيبتاع كيلو ويذهب الى بيته فرحا، وتتحلق العائلة حول شاشة التلفاز تشاهد فيلما ربما هو " أبي فوق الشجرة" حيث يجلس الوالد "نافخا ريشه" متفاخرا بأنه اشترى الفستق من أفضل البائعين وهو طازج، وما ان يبدأون "بفعص" الفستق حتى يكتشوفون أنه " فستق فاضي" فينزل الوالد عن الشجرة وربما يطلب أصغر طفل في العائلة الانتقال لمشاهدة فيلم " الحضيض" بينما تكاد نظرات والده تقتله.

اذا، لا يمكنك بالمطلق أن تعرف اذا كان الفستق فاضي أو ملان الا من خلال كسر القشرة الخارجية أو خض حبه الفستق أو وزنها بيدك وذلك أضعف الايمان، ولا يمكن أن يكون بالمطلق كل ما تشتريه من فستق "فاضي" أو "ملان".
يقولون فلان " فستق فاضي" بمعنى أننا لو ازلنا قشوره المتمثلة في هندامه الحسن وربطة عنقه وحذاءه الملمع لوجدنا داخله العفن المتخلف، ولوجدنا الصادق ... كاذب، والأمين ... خائن، والنقي ... وسخ، والعارف ... جاهل والى غير ذلك من النقائض.
في عالمنا الدولي هناك الأمم المتحدة من أجود انواع الفستق الفاضي، وهناك بعض الدول الغنم التي تصوت كما تملي عليها حبة الفستق الفاضي الأمريكية أو الأوروبية وهناك بعض الرؤساء من الفستق الفاضي المعفن الذين يتنافخون شرفا ويدّعون استقلال قرار بلدانهم وهم تابعون من أعلى رؤوسهم حتى أخمص أقدامهم. وهناك الزعماء من الفستق الملان، يقودون بكل كبرياء وبوعي كامل للتوازنات ويقولون ليفعلون.

زعيم يظهر على الفضائيات يحمد الخالق المولى أن بلده تنعم " بالرخاء والاستخراء" دون أن يجرؤ أي من الحاضرين على تصحيحه بالقول " الرخاء والاسترخاء" ويطرب لمعرفته هذا المصطلح فيردده ويزداد ضحك المتواجدين حتى ولده.
رئيس حكومة يطرب أيضا لمصطلح "النأي بالنفس" ويظل يردده حتى يظن المرء منا أن هذا المصطلح من أبناء عمومته.
كبار أصحاب المليارات بسبب "التحميص" على نار هادئة، تحولوا من فستق اقتصادي ملان الى فستق اقتصادي جبان وفاضي  ويا "روح ما بعدك روح".

قائد يخاطب العالم بالقول "انظروا الى البارجة الاسرئيلية انها تحترق" وفي ذات اللحظة تبدأ بالاحتراق ... هو من الفستق الملان الملان، اتفقنا معه أم اختلفنا.
في اليمن فستق ملان كالحوثيين، يحاربون المشروع التدميري، في سوريا أيضا وفي ايران. أما كوريا فحدث ولا حرج حيث يمتلىء الفستق لديها ولا تأبة بالتهديدات المحيطة بها، وهناك " القيصر الروسي" من الفستق الملان الملان، أيضا اتفقنا معهم جميعا أم اختلفنا.

في فلسطيننا، هناك الكثير الكثير من الفستق الفاضي والقليل القليل من الفستق الملان، نبدأ بالفصائل وأكثرها تحولت "لفستق لفاضي" واطاحت بتاريخ مناضليها وتاريخها. في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وشبة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني هناك الكثير الكثير من الفستق الفاضي الذي لا يؤسس لمأسسة الكيان الوطني الفلسطيني بل يسعى الى المنفعة الذاتية ليس أكثر.
في فلسطيننا هناك مؤسسات المجتمع المدني التي تتغنى بالديمقراطية وحقوق الانسان والشفافية والمسائلة و"الجندر" وأغلبها " فستق فاضي" تبحث عن التمويل لتعتاش منه طبقة جديدة هي طبقة "الـ NGO’s".

في فلسطيننا هناك نماذج من الفستق الملان، منها أهلنا في القدس والداخل المرابطون في الأقصى، وأهلنا في كوبر بتجربة مقاومتهم الشعبية الجماهيرية ابان حصار القرية، هناك طفلة على العهد باقية عندما أستمع الى والدها أشبع في داخلي غذاءا يحمل  زخما فكريا وثوريا ورؤيا تدلني على تنشئة كفاحية لأفراد العائلة، في مقابل هذا الكم الهائل من أطنان الفستق المستورد من أمريكا وربيباتها ممن يرتدون ربطات العنق المزركشة والحمراء وينتعلون الأحذية الملمعة  ويبتسمون بضحكتهم الصفراوية ويظنون أنفسهم بأنهم قادة الشعب الفلسطيني.

في فلسطيننا هناك من الفستق الملان من رفض استقبال بطريرك باع أراض تخص الكنيسة الارثوذكسية وقام بتاجير ما تبقى منها.
في فلسطيننا أرباب قطاع اقتصادي خدماتي من الفستق الفاضي يبيعونك الهواء الذي تتنفسه ويغرقونك بقروض البنوك ويعززون ثقافة الاستهلاك ويضعفون عجلة الانتاج ويصفقون للبنك الدولي.
فستق فاضي .. فستق ملان ... لا يمكنك كشف حقيقته الا بازالة قشوره كأفضل وسيلة أو بوزنه بيديك كوسيلة أقل دقة أو بهزه قرب أذنك وذلك أضعف ايمان الاختبار. فستق فاضي يزداد في بلاد العالم، ينتعلون أحذية ملمعة وربطات عنق وكل يدعي ما يدع ويتشدق ويتنافخ شرفا، وهناك من الناس الفستق الملان ... يتواجدون .. لكنهم يتضاءلون.