إذا كنت تعتزم الضم والتوسع، فافعل ذلك بصمت

09/01/2018

ترجمة خاصة-وطن للأنباء:

نشر موقع واي نت بالإنجليزية مقالا ينتقد فيه القرار الأخير لليكود ضم الضفة الغربية، والغموض الذي يكتنف القرار، داعيا الى توضيح مقاصده، متسائلا ان كان يشمل تحقيق شعار الليكود "يوجد للأردن ضفتان: الأولى لنا، والثانية لنا ايضا". كما انه يُحاجج حكومة الليكود بانها لم تضم انشا واحد طيلة فترات حكم اليمين، رغم ادعاءاتها الكثيرة، والاّ ما مغزى الضم الأخير؟، الكاتب متسائلا:

يأتي الفشل أحيانا نتيجة للمبالغة والمغالاة. وقد شهدت سنوات التسعينات المثال الأبرز على هذا النوع من الفشل، وهو حال اتفاقيات اوسلو، التي استندت على مبالغات مفاهيمية كبيرة. فمثلا، الفكرة التي تقول بأن "إرهابي" متمرس، مثل ياسر عرفات-وفق زعم الكاتب-يمكن أن يتحول إلى شريك حقيقي من أجل السلام، هي ضرب من الخيال. والفكرة القائلة بانه بإمكاننا ان نسلح "الإرهابيين" بالأسلحة، وان نتوقع حدوث الأفضل فيما بعد، دون ان ترتد علينا النيران، هو عبارة عن تمنيات واحلام ليس أكثر. غير ان هذه الاقوال كانت طيلة الوقت امنيات متجذرة في فكر اليسار في إسرائيل، ولهذا سعوا الى تحقيقها. وفي الحقيقة، كان من الممكن منع سفك كل تلك الدماء، واحباط عشرات الهجمات "الإرهابية"، لو يتم استخدام أسلوب المبالغة ذاك. الا ان صناع القرار آنذاك أرادوا عقد تلك الاتفاقيات والتفاهمات والافعال التي تترتب عليها باي شكل، فأغمضوا عيونهم واندفعوا إلى الأمام دون حسابات.

يعتقد معظم الإسرائيليين أن هذا الصراع لا يمكن ان يحل خلال العام 2018، ولا بعد ذلك، وفق روح اتفاقيات أوسلو. بل ان اقصى ما يمكن عمله من خلال هذه الاتفاقية هو "إدارة الصراع". وما يحدث في الواقع هو: انه لا يوجد تقدم، وعندما لا يمكن إدارة الصراع نسير الى الامام ويبقى السيء سيئا، ويتم بناء أخطاء فوق أخطاء.

ومن ناحية أخرى، فإن قرار اللجنة المركزية لحزب الليكود بتطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية يعتريه عيبان رئيسيان: أولهما هو المبالغة، وثانيهما هو عدم الرغبة في إدارة الصراع، بل تبسيط الأمور، وتسيير الأمور كما هي عليه الان.

ومع كل ما يثيره القرار الليكودي من زوبعات احتفالية، الا انه يشير بصورة أكبر الى ما يشبه عملية تمويهية (يُشبهها الكاتب بانها ستار دخاني كالذي يستعمل للتغطية على العمليات العسكرية) على الحقيقة الماثلة بان الحكومات اليمينية المتعاقبة لم تقم فعلا بضم بوصة واحدة في الضفة الغربية. وبالتالي، فقد تعرضنا لعمية خداع طيلة هذا الوقت فقد كان اليمين يقوم بالتطبيل والتهويل من ناحية، دون ان ينجز أي ضم. بمعنى، أن حكومات الليكود لو كانت تقوم فعلا بضم مناطق في الضفة الغربية، كما أعلنت مرات عدة، لما احتاجت لجنتها المركزية الى اتخاذ قرار الضم الجديد.

وفي واقع الامر، لا وجود لعملية حقيقية من طرف الحكومة ترمي إلى إيجاد حقائق ثابتة على أرض الواقع.  كما أن دولة إسرائيل لا تستغل وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض للمضي قدما في تنفيذ الأيديولوجية اليمينية. وفي أحسن الأحوال، قامت الحكومة فقط بإخماد بعض المظاهرات قرب مستوطنة بيت ايل، وغطّت على نفسها عبر الإعلان المتكرر عن نفس الوعد بإنشاء (300) منزل في بيت ايل.

ولهذا، فان الكلام الصادر عن الوزير السابق جدعون ساعر كان صحيحا، حيث قال انه "حان الوقت للكف عن التهديدات المتكررة بإخلاء بعض التجمعات اليهودية في الضفة الغربية". ولكن، هل لذلك علاقة بقرار اللجنة المركزية لليكود؟ فقد كانت آخر مرة اتخذت فيها لجنة الليكود المركزية قرارا بشأن "أرض إسرائيل الكبرى" قبل لحظات من قرار فك الارتباط، وهي المبادرة التي اخترعها الليكود. ويبقى السؤال، ما الذي يعكسه هذا القرار على ما يحدث عمليا على الأرض؟

ليس هناك شيء عملي يمكّنك من تطبيق القانون بشكل حصري او انتقائي على لليهود دون غيرهم في منطقة ما. فالقانون يطبق على منطقة كاملة او إقليم كامل بشكل عام، وهذا امر بديهي بسيط ينبغي لأي شخص ذكي أن يفهمه. وهذا يعني انه إذا ما طبق القانون فانه يشمل كل من يعيش في تلك المنطقة او الإقليم، سواء كانوا يهودا أو عربا، مما يعني ان الجميع سيصبحون مواطنين إسرائيليين، وفق الكاتب. وهذا ما كان يمكن أن يحدث لو تم ضم منطقة معاليه أدوميم أو غوش عتصيون، كما وعد الليكود مرارا وتكرارا. الا انه لم يحدث، فإن هذا لن يحدث في المنظور القريب أيضا.

إذا، فما الذي قررت اللجنة المركزية لليكود فعله بالضبط؟ هل سنضم أراضي السّلطة الفلسطينية؟ أم سنضم المناطق (C) فقط، كما تقترح خطة زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت؟ ام ان قرارهم ذو بعد أيديولوجي لتنفيذ شعار الليكود "يوجد للأردن ضفتان: الأولى لنا، والثانية لنا ايضا". إذا لم يكن قرارهم يعني ذلك (أي أن يعني القرار ضم كلا الضفتين بشكل ضمني)، دون ان يكون هناك خطة تنفيذية لذلك، فهو يعني كلام لمجرد الكلام، وبيان لمجرد البيان.

يقول الكاتب انه قبل عدة أيام، انتقد زميله يِمني بن درور القرار الليكودي. كما وجه بن درور الانتقاد الى الوزير جلعاد أردان أيضا بسبب فشله في منع القرار، بحجة أنه سيزود نشطاء حركة "بي دي أس-حركة مقاطعة اسرائيل" بسلاح إضافي. ومن الممكن لنا ان ندفع هذا الثمن، ولكن على هدف يستحق ذلك، وليس ان يكون الامر لمجرد الغزل السياسي، وفق الكاتب.

وفي اليوم التالي لاتخاذ هذا القرار، ستبقى الضفة الغربية وغور الأردن "كمناطق مدارة" في الادبيات الاسرائيلية الرسمية. وبالتالي، سيبقى وضع مستوطنة "نتيف هافوت" وبعض التجمعات الأخرى شاذا، حيث سيتم التعامل معها وتقرير مصيرها من قبل المحكمة بدلا من الحكومة. لا توجد خطة حقيقية يمكن عرضها على الإدارة الأمريكية، ولا لعرضها على أنفسنا أساسا، وفق الكاتب.

وفي الوقت الراهن، هناك خطتان خطيرتان لدى اليمين الإسرائيلي:
أحداهما تتعلق بغزة، وتشمل تقديم بعض الجزر (أي التحسينات)، وبعض التدابير الاقتصادية التشجيعية لفصل غزة عن إسرائيل نهائيا وبكل الاوجه. وفي الحقيقة، لم ينجح الوزير الذي بادر الى اقتراح هذه الخطة، يسرائيل كاتس، في عقد جلسة نقاش واحدة في مجلس الوزراء بشأن هذه المسألة. وكلما كان يضيف أشياء محددة الى الخطة، او يضيف بعض التدابير العملية، كلما كان ينزلق بعيدا في خطته. فبقيت خطته تدور حول نفسها.

اما الخطة الثانية فهي خطة نفتالي بينيت، وتشمل ضم الأراضي غير الخاضعة للسلطة الفلسطينية، وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها، مع الاخذ بعين الاعتبار بأن أراضي السلطة الفلسطينية لن يتم ضمها، ولكن ستكون موجودة على أنها "حكم ذاتي موسع"، أو على أنها في وضع "أقل من دولة". يذكر ان نتنياهو قال عن خطة بينيت بانها "خطة غير ناضجة"، ولكنها تعتبر أساسا ممتازا لتحرك منطقي.

ربما كان من الافضل للجنة المركزية في الليكود أن تعقد الجلسة وتجري مناقشة مفيدة حول هذه الخطط، ليتم قبولها أو تعديلها أو تغييرها أو حتى رفضها. الا انهم بدلا من ذلك صوتوا على قرار لا يمكن تنفيذه. حيث انه لا توجد حكومة عاقلة ستقوم بضم مدن نابلس وجنين لمنح سكانها أموال التأمين الوطني، وميزانيات التعليم.
إذن، ما الذي اتى به قرار الليكود؟ وماذا نمتلك بين أيدينا كنتيجة لها؟

الجواب لا شيء، فهي عبارة عن عملية غزل سياسي واضح. فحزب الليكود حزب فشل في احداث حوار سياسي داخلي واسع، وفشل في التوجه الى الجمهور بخطاب سياسي من خلال منصة فعالة طيلة الحملات الانتخابية الثلاث الأخيرة.

وبالتالي، يبدو ان الليكود وجد ان من الأفضل له ان يتحرك مرة أخرى إلى منطقة الراحة التي يجيدها، وهو نوع من التقليد الذي يتبعه "البيت اليهودي"، ولكن مع مبالغات إضافية من الليكود.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية