خالد بطراوي يكتب لـ"وطن": القدس مكة

22/01/2018

استهل الرئيس الفلسطيني محود عباس كلمته أمام المجلس المركزي في الرابع عشر من كانون ثاني لعام 2018 مقتبسا من قصيدة مشهورة للشاعر العراقي مظفر النواب طربنا لها في مطلع السبعينات وصدرت عن دار صلاح الدين بالقدس ضمن مجموعة وتريات ليلية يقول فيها العبارة المقتبسة " القدس عروس عروبتكم".

وتعقيبا على من تساءل ذات يوم مشككا بالقول " هل القدس مكة" أكد الرئيس الفلسطيني ذلك بالقول " نعم ... القدس مكة" فصفق له الحضور.

وعندما سمعت هذه العبارة دمعت عيني، فكتب على صفحتي الفيس بوكية ما يفيد أن عيني قد دمعت للمقولة بأن القدس هي مكة. وعقب السيد سمير عميره بالقول " ان لم تكن مكة فهي الفاتيكان".

وهنا بالذات ومضت لي الفكرة، وتذكرت عبارة مكتوبة على قبر شيخ جليل في مقبرة البيرة هو والد الاديبة ابتسام بركات حيث ورد " القدس بوابة السماء ومهبط الديانات". وأخالني لا أكتب ما هو جديد اذا أن الجميع يعرف هذه الحقائق التاريخية والدينية.

لكننا أيها الأحبة، نحن الفلسطينيون، بطريق مباشرة أو غير مباشرة ، بقصد أم بغير قصد، صغرنا مكانة قدسنا وبيت لحمنا وخليلنا واريحنا ومغطسنا ... فالقدس كما مكة على ذات التوازي والمسجد الاقصى كما الكعبة على ذات التوازي ومكانة كنيسة المهد وبيت لحم تسمو على الفاتيكان والمغطس مغطسنا من جانبنا ومغطس اهلنا وامتدادنا في الاردن الذين نحن أيضا امتدادهم.

وموضوع القدس وبيت لحم ليس موضوعا دينيا كما يسعى الاحتلال الى حصره، لكننا في نشاطنا الدبلوماسي صغرنا من مكانة هاتين المدينتين الفلسطينيتين، فانقض الاحتلال وانقضت أمريكا وأوروبا لتنتقص من مكانتهما وتقصرها على الجانب الديني.

شكرا أبو مازن لهذه العبارة، وليس ذلك في باب "مدح السلطان" أو "مديح الظل العالي" فلكل منا رأيه ازاء اداء سلطة الكيان الوطني التي يرأسها الأخ أبو مازن، لكن ذلك يجب أن لا يحيدنا عن الامساك بالمقولة "القدس مكة" لنقلب الطاولة في وجه أمريكا والاحتلال وأوروبا وحتى كل من يسعى الى التقليل من مكانة القدس المتوازية مع مكة من العرب والمسلمين رسميين كانوا أم غير رسميين.
وأردف ألاخ أبو مازن في كلمته أمام المركزي مقتبسا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالقول " عليكم أن تذهبوا اليه (أي المسجد الأقصى) ، وأن تأخذوا له زيت ... والان نقول جيبوا زيت ... بس مش زيت زيتون ... عنا زيت زيتون .... بدنا بترول".
نعم، وبدون مواربة، وليس "منيّة" من أحد أو ما باب " تحميل الجميلة" ... كل بترول الأمة العربية والاسلامية والمسيحية ومقدراتها يجب أن يوظف لأسمى غاية وهي الوقوف في وجه محاولات تهويد القدس ( وغيرها من المدن الفلسطينية) والتصدي لعمليات التهجير المكثفة التي تهدف الى افراغ القدس من سكانها بزج العائلات المقدسية الشابة في شقق صغيرة في عمارات تفتقر الى الحد الآدنى من السلامة الانشائية ومن مقومات الحياة الاجتماعية بحيث تنتشر هذه العمارات كثيرة الطوابق والشقق في أكناف القدس في منطقة عناتا وكفر عقب وعلى تخوم جدار الفصل العنصري. 

لنلتقط هذه العبارة " القدس = مكة" أو " القدس مكة" ونترجمها على كافة الأصعدة، ولنبدأ بأنفسنا فلسطينيا، فليتفضل أصحاب رؤوس الأموال الفلسطينية لضخ الأموال الى القدس ليس استثمارا وانما واجبا وطنيا من الدرجة الأولى، فلتتفضل البنوك أيضا بمنح قروض طويلة الآجل ( أكثر من 25 عاما) وكبيرة المقدار لا تلك القروض التي لا تكفي لشراء نصف غرفة أو حتى " بيت درج"، لتعمل السلطة الوطنية الفلسطينية والفصائل ومنظمة التحرير الفلسطينية على بلورة استراتيجية تحت عنوان " عودة كل من غادر القدس اليها"، في مواجهة سياسة الاحتلال في افراغ القدس من أهلها. لتنشط الدبلوماسية الفلسطينية عبر وزارة الخارجية الفلسطينية في كل سفارة وكل موقع لاجل تكريس مقولة " القدس مكة". ولتتوقف "السرقات" باسم القدس وبأثر رجعي تحت طائلة الملاحقة القانونية بما فيها ملاحقة " الانتربول".

أريد لحبيبتي الطفلة سنابل وأترابها الذين أرغمت عائلاتهم قسرا على العيش حول القدس نظرا لشحة الشقق وارتفاع أجور السكن في القدس، أن يعودوا الى القدس ... أريد لسنابل وأترابها أن ينهضوا كما باقي اطفال العالم قليلا قبل بدء دوامهم الصباحي بدلا من أن ينهضوا في الرابعة والنصف فجرا ليتمكنوا من عبور جدار الفصل العنصر نحو مدارسهم ليصلوا هناك حول الساعة الثامنة صباحا، أريدهم أن يعودوا الى منازلهم في القدس مبكرين ليتسنى لهم أن يلعبوا .. لا أن يعودوا منهكين الى النوم مباشرة.