خيمة على رصيف اخر مآوى للمواطن فضل الديري واطفاله

13/02/2018

كتب عبد الله أبو كميل: على قارعة طريق حي الرمال وسط قطاع غزّة، ينصب المواطن فضل الديري خيمته الصغيرة منذ عشرة أيام، وقد أحِيطت بِقطَعٍ قماشية تعدّدت ألوانها الباهتة والمثقوبة كالغربال، بالإضافة إلى أجزاء مُهترِئة من اللوحات الجلدية والنايلون المتَصل بسلك معدني، لتبدو كقطعة واحدة تلتف بها الخيمة لتقِ ساكنيها صقيع الليل القارص.

11 طفلًا يمكثون في خيمة لا يتجاوز عرضها  الأربعة  أمتار، افترشوا ارضها بلوحات كرتونية للنوم عليها، بينما مدخل خيمتهم ممر لعموم السيارات، وبالجوار من خيمتهم تقع أرض فارغة تتجمع فيها مياه الأمطار، وكذلك شجرة عُلقت عليها ملابس الأطفال، بعد ان ربطوا فيها أوتاد الخيمة، ومن أغصانها المتيبسة توقد نار الدفء مساءً.

يقول رب الأسرة فضل الديري  (53 عامًا) من سكان بلدة بيت حانون شمال قطاع غزّة: "لم أكن أتوقع  أن الأيام  ستعصف بي بعد قصف الشقة التي كنت أتأجرها قبل العدوان الإسرائيلي عام 2008، ممّا جعلني مضطراً لاستئجار منزل لأكثر من عشرة أعوام، ما زاد عبء المعيشة عليّ في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها القطاع".

وأضاف لوطن: "لم أجد عمل مناسب لي، فأنا مريض بالغضروف ولا أستطيع العمل لإعالة أطفالي، وحتى لقمة العيش لا أستطيع توفيرها، فوضعي الصحي متردً جدًا، وكذلك أطفالي يعانون من الأمراض بشكل مستمر".

وتتعدّ أشكال المعاناة فإلى جانب الفقر يشتكي فضل المكنى (أبو بلال)، من عدة أمراض منها السكري وضغط الدم و ضعف في الرؤية والسمع، كما ويعاني من عدم صرف بدل الايجار، وبحسب فضل فإنّه تقدم لجميع المؤسسات المعنية من أجل صرف مستحقاته، فكانت الردود أحلام وردية، على حد قوله.

ويتابع فضل: " قرّرت أن أتخذ الشارع مبيتًا للسكن، لأنني طُردت لأكثر من مرة ولا أريد أن يتكرر طردي مرة أخرى أمام أولادي، كل ما أريده توفير مكان يضمن لي معيشة كريمة لأطفالي ولو كانت كرفانة مصنوعة من الصفيح، فلم أعد أحتمل المزيد من الذل والمعاناة".

ويوضح فضل أنّه توجّه للمؤسسات الحكومية المعنية في توفير منزلٍ له، أو إعالته في استئجار شقة يتكفلون بدفع إيجارها، لكنهم رفضوا التجاوب معه على مدار العشرة أعوام المنصرمة.

ويردف فضل: "اضطررت لفصل أطفالي من المدراس، لأنّ التعليم بحاجة لمصاريف كبيرة أنا لا استطيع توفيرها، مثل الكتب والأوراق وبعض البحوث، نحن لا نجد الطعام ولا المسكن كيف لي أن أعلم أطفالي؟".

وبيّن فضل أن بعض الأشخاص والمؤسسات الخيرية قدموا له مساعدات مؤقتة لعدة أشهر، لكنه رفضها كونها مؤقتة وغير دائمة، متخوفًا من تكرار الطرد لأنه عاطل عن العمل ويعتمد على مساعدات الشؤون الاجتماعية المقدمة من قبل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتي تقدر بحوالي 200 دولار كل 3 أشهر.

وفي وسط الخيمة المهترئة التي باتت الملاذ الوحيد لفضل وأسرته بعد أن غادر المنزل الذي كان يستأجره، لعدم تمكنه من تسديد الأقساط الشهرية المتراكمة عليه يجلس طفله يتلاعب بالرمال الترابية، وفي زوايا الخيمة تتعلق صرة قماشية وضع بها أثاث مطبخه.

وأوضح فضل أنّه يعاني من تراكم الديون عليه، ولا زال أصحابها يطالبونه بتسديد المبالغ.

وطالب فضل وزارة الأشغال العامة والاسكان بضرورة التدخل لحل مشكلته، كونها الاساس في حل مثل هذه القضايا، كما مؤسسات حقوق الإنسان، ومكتب رئيس الحكومة، والسيد الرئيس محمود عباس، علّه يخرج وأسرته من مأزق البحث عن سكن.

وبصوت طفله الذي لا يكاد أن يسكت عن البكاء وبتلك العلامات الحمراء المرتسمة على يده أثر لدغات بعض الحشرات التي تنتشر مع حلول الظلام، تمنى فضل أن يُنظر لمعاناته وأن تأخذ على محمل الجد،  بتوفير مأوى يحفظ كرامة أطفاله.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2016، فإن 7% من سكان قطاع غزة يسكنون في شقق للإيجار، بينما 21% يسكنون في شقق دون مقابل -أي في بيت العائلة-، لتكون نسبة 72% ممن يمتلكون مسكنًا، وبعد البحث والتتبع فإنّ ثمن أجار الشقة في مدينة غزة شهريٍا يتراوح ما بين 150 - 250 دولار أمريكي.