تعليقات ترمب القاسية تدفع أوروبا لمراجعة الاتفاق النووي مع إيران

08/03/2018

ترجمة خاصة- وطن للأنباء: يبدو ان القادة الأوروبيين بدأوا بالاستجابة لتهديدات رئيس الولايات المتحدة الامريكية، ترمب، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. حيث يسعى الامريكيون الى صياغة صفقة جديدة من شأنها عرقلة البرنامج الإيراني للصواريخ البالستية، بالإضافة الى فرض قيود دائمة على انتاجها من المواد النووية، وفق للكاتب، نقلا عن نيويورك تايمز.

وكرر ترمب، مرارا وتكرارا، تهديداته بالانسحاب من الاتفاق النووي، وانه وقع على تجميد العقوبات، وللمرة الأخيرة، من اجل اعطاء واشنطن، وحلفائها الأوروبيين، فرصة لتصحيح "العيوب الفظيعة" في الاتفاق النووي الموقع في العام 2015، والذي كان سلفه باراك أوباما قد وقع عليه في ذلك الحين.

ومن جهتها، كررت إيران رفضها لتهديدات ما وصفه ترمب مرارا بانه "اسوأ صفقة"، قائلة انها لن تقبل بإجراء اية تغييرات على الاتفاق سواء أعجب ترمب ام لم يعجبه.

وقال قادة أوروبا انهم سيجدون أنفسهم مضطرين لاتخاذ اجراء ما او تعديل الاتفاق بحلول 12 أيار 2018، في محاولة منهم للحفاظ على الوجود الاميركي ضمن الاتفاق النووي مع طهران.

وقد أعرب هؤلاء القادة عن استعدادهم لاعادة النظر في الاتفاق النووي، بشرط ان يقدم ترمب ضمانة بانه سيحترم ويلتزم باي ملاحق او تعديلات تتم على الصفقة، وان لا يرفضها لاحقا تحت اية ذرائع أخرى.

وقد أكد ترمب على تحذيراته، خلال كل خطاب من خطاباته، وخصوصا الأخيرة منها. حيث اعتاد القول بان "الولايات المتحدة ستلغي توقيعها عن الاتفاق النووي مع إيران، ما لم يتم التعامل مع الملاحظات والعيوب التي طرحتها الادارة الامريكية الجديدة حول الاتفاق".

وكان وزير خارجية الولايات المتحدة، ريكس تيلرسون، قد خاطب نظراءه الأوروبيين من خلال رسالة موحدة قائلا لهم انه "في ظل غياب التزام واضح من جانبكم لمعالجة نقاط الإدارة الامريكية، فاننا لن نجمد العقوبات مرة أخرى، كما فعلنا سابقا من اجل الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران".

ويفيد تقرير ل "نيويورك تايمز" ان تيلرسون دعا القادة الأوروبيين في نقاطه الى الموافقة على ادخال ثلاثة تغييرات محددة وجوهرية على الاتفاق النووي مع إيران، وهي: الالتزام بإعادة التفاوض على مدى اختبار ومدى إطلاق الصواريخ الإيرانية، وضمان وصول المفتشين دون قيود إلى القواعد العسكرية الإيرانية، وتمديد تاريخ انتهاء الاتفاق الى ما بعد 2030، لمنع إيران من استئناف إنتاج الوقود النووي الى ابعد فترة ممكنة".

وفي ردهم على الطلبات الأمريكية، استجاب الدبلوماسيون الأوروبيون بخصوص عمليات التفتيش عن الصواريخ، حيث عبروا فورا عن استعداد بلدانهم لإعادة النظر في هذه المسالة. غير انهم رفضوا تقديم التزام فوري للأمريكيين بخصوص تعديل تاريخ انتهاء الاتفاق، حيث أصروا ان القيام بتعديل كهذا سيشكل بحد ذاته خرقا للاتفاق، ليس مع الإيرانيين فحسب، ولكن مع روسيا والصين الذين وقعا على الاتفاق أيضا. وقد قدر الأوروبيون ان خرقا كهذا لن يفضي الا الى نقض الاتفاق، وبالتالي الى فقدان السيطرة على إيران، ومن ثم تحفيز الانتشار النووي عن قصد او بدون قصد.

ورغم ذلك، فان الضوء الأخضر الذي قدمه القادة الأوروبيون الى الولايات المتحدة بشأن أي تعديلات على الاتفاق لا يمكن ضمان أن توافق عليه الصين وروسيا. بل ربما يشعلان ضده الضوء الأحمر بدلا من الأخضر.

وتبقى الخطوة الأصعب، والموافقة الأهم، هي موافقة الإيرانيين أنفسهم، والتي يبدو انها بعيدة جدا، حيث أصدر الإيرانيون تصريحات متكررة ترفض اية تعديلات، وتتحدى ترمب وادارته.

ويلزم القانون ترمب ان يقرر كل (120) يوما ما إذا كان سيتم تمديد التعليق للعقوبات الاقتصادية الامريكية على إيران، والتي تفرض الاتفاقية على واشنطن تجميدها. كما ان من المرجح ان يؤدي إعادة فرض العقوبات على إيران الى تراجع إيراني كامل عن الاتفاقية.

وفي شهر ايلول 2017، اختبرت إيران بنجاح صاروخا متوسط المدى، تمت اضافته حديثا الى الترسانة الإيرانية. ويشكل هذا الاختبار تحد واضح لتحذيرات واشنطن من انها ستتخلى عن الاتفاق النووي بذريعة الصواريخ الإيرانية.

وفي التعقيب الأمريكي على هذا الاطلاق، قال مسؤول اميركي ان الاختبار الصاروخي الإيراني لا يفسر أمريكيا الا كونه استفزاز لترمب. فيما أشار المسؤول الأمريكي الى ان هذا يعتبر الاختبار الإيراني الثاني للصواريخ البالستية في الأشهر الأخيرة، عقب قيام إيران بإطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى، انفجر على بعد (360) ميلا (أي 580 كيلومتر). وقال المسؤول الأمريكي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، ان إطلاق الصاروخ تم من موقع عسكري قرب منطقة "سِمنان".

وعلى الرغم من غضب ترمب، الا ان الاوروبيين امتنعوا عن التعامل مع موضوع تطوير واختبار الصواريخ البالستية العابرة للقارات، ولم يلزموا انفسه بالطلب الأمريكي، على اعتبار ان الصواريخ الإيرانية لم تكن جزءا من الاتفاق النووي مع إيران.

غير ان الخارجية الامريكية عادت وأكدت على ان برنامج الصواريخ الإيراني يرتبط ارتباطا وثيقا بالاتفاق النووي، وهو ما حدا بتيلرسون الى ادراج نقطة خاصة بالصواريخ الايرانية لمناقشتها مع الأوروبيين، مع قرنها بالعقوبات المشددة.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية