مسيرة العودة تقود الفلسطينيين الى النصر في معركة الرأي العام العالمي

11/04/2018

ترجمة خاصة-وطن للأنباء: نشر موقع "واي نت" بالإنجليزية مقالا لروني شاكيد تنقل فيه واصفا الابتكارات الاحتجاجية للفلسطينيين في غزة بين "جمعة مسيرة العودة" و "جمعة حرق الإطارات"، معتبرا ان وسائل الاحتلال لمواجهة ذلك تعتبر تقليدية ولا تتناسب مع الطبيعة "الابتكارية" للتظاهرات على السياج الحدودي.

وتساءل، انه لا خلاف على ضرورة منع المتظاهرين الفلسطينيين من عبور السياج الحدودي بكل الوسائل. ولكن في ذات الوقت، أين هو التطور الإسرائيلي المقابل لذلك؟ ولماذا لا يظهر في هذه الأيام؟

من المتوقع ان تستمر الأوضاع في قطاع غزة على ما هي عليه، وربما تتصاعد. ولهذا، فان من المنتظر اندلاع (5) جولات أخرى من الاشتباكات، والمظاهرات، والاحتجاجات الفلسطينية، على مقربة من السياج الحدودي في غزة، خلال الفترة من الان الى تاريخ 15 أيار 2018.

فبعد ان تحولت "جمعة مسيرة العودة" الى "جمعة حرق الإطارات"، من المؤكد انه سيكون هناك وسائل جديدة للتحايل من قبل الفلسطينيين الأسبوع المقبل، وما بعده. فهم يخططون لحمل أغصان الزيتون، والزهور بأنواعها، وجلبها بكميات كبيرة الى السياج الحدودي.

ومن المؤكد ان الفلسطينيين سيبحثون عن حيل أخرى بعد ذلك. ولهذا ينتظر الجميع ان يقوم الفلسطينيون بابتكارات جديدة من جمعة الى أخرى، الى حين الوصول الى المظاهرة الاحتجاجية الكبرى في ذكرى النكبة، بالإضافة الى الاحتجاج على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حيث قرر الامريكيون نقل سفارتهم في ذات التاريخ، أي 15 أيار.

وتقول الرسالة العامة، على لسان سكان قطاع غزة بمجملهم: "نريد أن نعيش مثل البشر". ويقول الغزيون ذلك، بينما يدركون تمام الادراك ان الاثمان الكبيرة التي يدفعونها، والخسائر البشرية التي يفقدونها، والاصابات القوية التي يتعرضون لها، خلال المظاهرات، لن تغير او تحسن الوضع الدبلوماسي والسياسي لهم، ولا لقطاع غزة.

ولكن، سيتمكن الفلسطينيون في نهاية المعركة من التمتع بمدة أطول من إيصال الكهرباء الى منازلهم، والحصول على مياه شرب أفضل، وربما تدفق للأموال الى داخل مدن القطاع، والتي من شأنها إيجاد بصيص من الأمل بحدوث تنمية اقتصادية في القطاع، ولو على نطاق محدود. وفي الوقت الذي يتدهور فيه الوضع العام في قطاع غزة نحو انهيار اجتماعي-اقتصادي، فإن مثل هذه الإنجازات المحدودة قد توفر مهلة للفلسطينيين في غزة، قبل حدوث "الانفجار النهائي".

ويضيف، بالنظر الى ميزان القوى بين الجيش والفلسطينيين، من المفترض ان يتفوق الجيش على الاحتجاجات، فهي تعتبر في مقاييسه "مشكلة تكتيكية، او ظاهرة "إزعاج أمني". وبالتالي، لا تشكل مظاهرات الفلسطينيين تهديدا امنيا، كما انه بإمكان أي شخص ان يدرك ان هذه ليست مواجهة عسكرية، وإنما معركة "واعية" تهدف إلى إنهاء الحصار الخانق على غزة. كما ان التظاهر على الجدار يمثل "صرخة" عالية، لا تستهدف إسرائيل فحسب، وانما رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والولايات المتحدة، ومصر، ومن ثم تستهدف العالم العربي بأكمله.

ويصر سكان غزة على مظاهراتهم، وعلى تصعيدها وتنويعها، لأنهم يشعرون انه ليس لديهم ما يخسرونه.
وبالنسبة لإسرائيل، تعتمد معركة الرأي العام على التعامل الخشن، والرد العسكري على المتظاهرين. ولهذا، فان من العار أن يستخدم الجيش الإسرائيلي تدابير شديدة العدوانية تجاه المتظاهرين، مما خلف حتى الان (32) شهيدا، ومئات الجرحى. وقد يرتفع عدد الضحايا خلال الأسابيع المقبلة، وقد يخلف ذلك عواقب وخيمة على الرأي العام، وقد يؤدي إلى احتجاجات دولية.

ويضيف، انه لا خلاف على ضرورة منع المتظاهرين الفلسطينيين من عبور السياج الحدودي. ولكن في ذات الوقت، أين هو التطور الإسرائيلي؟ ولماذا لا يظهر في هذه الأيام ونحن بأمس الحاجة اليه؟

ففي الانتفاضة الأولى، اخترع الجيش "السيارة راشقة الحجارة"، وهي أداة لتفريق الحشود وتجمعات المتظاهرين من خلال قذف الحجارة الى مسافة تصل الى مئات الأمتار. وفي حالة قرية بلعين، وفي مواجهة مظاهرات الفلسطينيين في القرية ضد الجدار، اخترع الجيش جهازا ينتج أصواتا عالية ومرعبة لتفريق المتظاهرين وابعادهم. ومن ثم، اخترع الجيش "ماء الظربان"، الذي ساعدت رائحته الكريهة والقوية على تفريق المتظاهرين بسهولة.

وبخصوص "متظاهري السياج الحدودي" في غزة، وإذا لم تكن لدى الجيش براءات اختراع أخرى تناسب هذا الوضع، لماذا لا يتم اخراج هذه الأجهزة من المستودعات؟

ويضيف، بينما ننتظر ان يقوم الجيش بإيجاد الحلول المناسبة، ترافق ذلك مع بعض الأنشطة الدبلوماسية السخيفة من جانب المسؤولين الإسرائيليين، مثل النداء الذي وجهه منسق اعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، الى رئيس منظمة الصحة العالمية حول حرق الإطارات. حيث قال في خطابه ان حرق الفلسطينيين للإطارات قد يتسبب في "احداث كارثة بيئية، من شأنها الإضرار بصحة السكان، والتسبب بأجواء غير مسبوقة من التعكير والتلوث". اما السفير الإسرائيلي في مجلس الامن، فوجه الى المجلس رسائل يائسة ومكررة حول "استخدام حماس للنساء والأطفال في المظاهرات".

وفي المحصلة، فشلت إسرائيل في معركة الرأي العام مع الفلسطينيين على الساحة الدولية. وان اعلان الحكومة الإسرائيلية عن منع دخول الإطارات الى قطاع غزة ما هو الا حركة "صبيانية" صغيرة وغير مؤثرة.

بعد الإطارات، ربما تمنع إسرائيل دخول الأزهار الى غزة
تبرع إسرائيل دائما في ميدان استعمال القوة، حيث لا يستطيع الفلسطينيون مجاراتها. اما الفلسطينيون، فيبرعون في استعمال الأدوات التي تلفت انتباه الناس. ولهذا فهم الرابحون في معركة الرأي العام. وربما تقرر حكومة إسرائيل حظر دخول الأزهار الى قطاع غزة الأسبوع المقبل.

وعليه، لا بد انه قد حان الوقت لأخذ المصلحة الإسرائيلية في الحسبان، من خلال التوصل إلى استراتيجية جديدة وفعالة بشأن غزة، بحيث لا تقتصر على الردود العنيفة، امنيا وعسكريا. بل ان على الاستراتيجية ان تتضمن، بالإضافة الى ذلك، استجابة اقتصادية-اجتماعية-دبلوماسية، وفق الكاتب. كما يجب تنفيذ هذه الاستراتيجية بالتعاون مع الدول العربية (ولدينا فرصة لذلك الان)، والتعاون مع الدول الغربية، ومع الأمم المتحدة، ووكالاتها.

والى ان يحين ذلك، يمكننا البدء بأنشطة سريعة، مؤقتة او تجريبية، مثل وضع سفينة تحمل محطة توليد كهرباء قبالة شواطئ غزة لتوفير الكهرباء. علما انه كان هناك مبادرة كهذه في السابق، الا انها لم تحظى بموافقة إسرائيل في ذلك الوقت. وفي حال قامت إسرائيل باي نوع من هذه المبادرات، فان الوضع الحالي الذي تعيشه حماس، لا يسمح لها بالاعتراض، او الرفض، او التعطيل لأية خطة "اقتصادية" من هذا النوع، وفق الكاتب.

على الاحتلال التفكير خارج الصندوق الأمني
ويخلص الكاتب: ان الأسوار، والاسلاك الشائكة، والجدران الأرضية، والموانع البحرية، والأنفاق، والقناصة، والدبابات، والقصف الجوي، والقوة، والمزيد من القوة، كل ذلك، لا يتعدى كونه رد فعل عسكري وأمني تكتيكي. وان التفكير في اننا سنجد الفلسطينيين مهزومين في اليوم التالي لذكرى النكبة ما هي الا أوهام.
لقد انفصلت اسرائيل عن غزة، غير ان غزة لم تنفصل عنا، شئنا ذلك ام ابينا. فهذه مشكلتنا، والمصلحة الإسرائيلية تتطلب منا التفكير خارج الصندوق الأمني، والا سيبقى الفلسطينيون هم المنتصرون في معركة الراي العام على الاطلاق.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية