اقتصاد ورق الفراغ

15/04/2018

كتب: أيمن محمد رشيد الزغير

جدل كبير يدور في أوساط مجتمعنا حول قضية الشيكات المعادة وكثيرًا ممن يعانون من هذا الحجم من الشيكات يعزون السبب لكثير من الأمور. وهناك أمور تقبل من ضمن الأسباب وهناك أمور لا تقبل كتفسير لأسباب رجوع هذه الشيكات والتي لم يسبق لها مثيل في بلادنا.

ولو عدنا قليلاً إلى الخلف لمناقشة هذا الموضوع نرى أن موضوع الشيكات ليس وليد يوم وليلة وإنّما هو نتاج تراكم زمني امتد منذ أكثر من عشرين عامًا من التراكم السلبي لدى التجار وأصحاب المعارض وكانت كل سنة تزداد عن ما سبقها، وذلك بسبب فقدان البضائع لديهم لقيمتها الحقيقية نتيجة ارتفاع منسوب "ستوك" البضائع (المضروبة) والتي كانت تزداد كل سنة عن ما سبقها وبالتالي أصبح وبالتدريج تزداد مدة تاريخ صرف الشيكات ولا ننكر أن جزءًا من هؤلاء التجار كانوا يتصرفون بفائض النقد لديهم في مشاريع جانبية أو شراء عقار أو سيارة مثلاً كما كانوا معتادين فيما سبق من الزمن.

ولكن على من يدرس مثل  هذا الموضوع ألا يأخذ بالتخصيص وإنّما يجب أن يأخذ بالعموم على واقع السوق المنهار كما تحدثنا في أكثر من مقالة فالسبب المباشر لما نحن فيه الآن هو سبب واحد  وهو حالة الإغراق التي تعاني منها أسواقنا بحيث لو اخذنا الموضوع بشكل منطقي وافترضنا أن قيمة البضائع الموجودة بأسواقنا تساوي ما قيمته مليار دولار بسعر التكلفة وأصبحت الآن تساوي نصف مليار بسبب الكساد الموجود  فحسبة بسيطة نعرف أن البضائع قد فقدت نصف قيمتها فمن أين ذهب هذا المبلغ . ألم يذهب من اقتصاد البلد بكامله فكيف لمبلغ كهذا أن لا يؤثر على واقع السوق.

فمن هنا يجب أن نبدأ بدراسة أمورنا من جديد ويجب الفصل بين من أعاد شيكاته بهدف النصب والاحتيال وبين من تعثر نتيجة واقع السوق المضطرب ولا يجوز لنا أن نحاسب هذا كمثل هذا.

ويجب أن نعرف أيضًا أن تراكم عشرين عامًا من سوء أو تراجع الوضع الاقتصادي من الممكن أن يحل بيوم وليلة فتراكم عشرين عاماً يحتاج لخطة خمسية على الأقل لمعالجته إن بدأنا بالعلاج الصحيح من أجل الوصول إلى حالة استقرار جديدة تحقق للجميع وضعًا أفضل.

والحل لا يأتي عبر سلطة النقد وحدها بتحديد الأمور بل يجب العودة إلى قطاعات الوطن التي تأثرت بهذا الوضع لأخذ الأمور والأسباب وكيفية العلاج لما نحن فيه في هذا الوقت العصيب على اقتصادنا.