من صلبوا كل نبي صلبوا الليلة شعبي

15/05/2018

كتب:حمدي فراج

أراد "بيلاطوس" العصر ، بعد الفي سنة من صلب المسيح ، ان يصلب مدينته ، فمنحها لعلية القوم من الاثرياء اللصوص التي لم تفرغ بعد محاكمهم من محاكماتهم ، غير آبه بأناسها الساكنين بين جدران أزقتها ، ولا بدياناتهم على تنوعها ، على اعتبار انها جميعها ديانات الاله الواحد ، فتتحول في لحظة المصالح الى ديانة الصالبين والمصلوبين على حد سواء .

و يمعن بيلاطوس العصر في جريمته الجديدة صلب المدينة بعد الفي سنة على صلب صاحبها ، ان يوعز بمنع المساجد محاورة ربها ودفع الكنائس ضرائب للهيكل ، يمعن ان يكون الاحتفال في ذكرى نكبة شعب ، رغم انه كان بإمكانه تبكير الامر او تأخيره كثيرا او قليلا ، معتمدا على حاكم عربي (سوريا انذاك) لكي يتم الصلب على انقاض نكبة الشعب قبل سبعين سنة ، امعانا في التلذذ بدم الضحايا ومتعة الصلب .
 

"آه يا بيلاطوس – قالت له زوجته عشية الصلب – ان شرا مستطيرا ينتظرك ، اذا لم تسمع من امرأتك ، إخش من قوة السماء" ، لكنه لم يستمع اليها بل الى نبرة الشعب الحادة : اصلبه اصلبه ، الموت للناصري ، جدف على الله ونادى بتدمير الهيكل وملّك نفسه علينا واسمى نفسه ابن الله" .

 بيلاطوس العصر ارسل ابنته وزوجها ومعهما حمولة طائرة ، للاحتفال بعملية الصلب ، لا نعرف بالضبط لماذا غير رأيه بالقدوم مع زوجته للاشراف على عملية الصلب الحديثة  ، لا يظنن احد انه اعتبر من بيلاطوس الاول الذي وصف المشهد "أعتم النهار و تمزق الهواء ،
ووقفت انا، حاكم الولاية المتمردة، مستندا الى احد الاعمدة في القصر، افكر في الاعمال الفظيعة لهؤلاء الابالسة الافظاظ، الذين كانوا يجرّون يسوع البريء الى الاعدام ، وكان جو من الحزن والاسى يلفني . هبطت غيوم سود وغطت جانب الهيكل، وألقت ظلها على المدينة التي بدت وكأنها متلفعة بحجاب قاتم. وكانت مخيفة تلك العلائم التي ظهرت حينذاك كما في السماء كذلك على الارض... اما ان الكون يتمزق واما ان خالق الطبيعة يتألم" .

 وقام المسيح بعد بضعة ايام من قبره الذي وجد فارغا ، لكنه ظل معلما لملايين البشر بعد ما يزيد على الفي عام ، وظلت مدينته خالدة ، في القيامة والجلجلة وطريق الالام وباب السلسلة ، في حين ان الحاكم بيلاطوس دخل التاريخ عبر عملية الصلب رغم عتبات قصره الى جوف المزبلة وعار الزمن واللعنة المطلقة .

 وعلى بعد ليس ببعيد ، يخرج أطفال يطيرون طائرات ورقية ، يعتبرها بيلاطوس اسلحة ارهابية تحرق الزرع ، لكن طائراته النفاثة من نوع اف 35 تزرع السلام والاستقرار والامان . 

المجد لهؤلاء الاطفال .. " يقفون كشجر الزيتون / كجذوع الزمن يقيمون / كالزهرة كالصخرة في ارض الدار يقيمون / المجد لاطفال آتين / الليلة قد بلغوا العشرين / لهم الشمس ، لهم القدس ، والنصر وساحات فلسطين " .