كارثة صحية: مستشفيات غزة بالكاد استطاعت التعامل مع الخسائر الفادحة في الأرواح

17/05/2018

 ترجمة خاصة وطن للأنباء: نشر موقع وكالة "ايه بي نيوز" مقالا للكاتب فارس أكرم، حول الاحداث الأخيرة في قطاع غزة، وكيف ان المرضى الذين يعانون الإصابات بالرصاص ملأوا اجنحة وممرات المستشفيات في غزة، والتي لم تكن مجهزة تجهيزا كافيا، فضلا عن العشرات الذيم ما زالوا بانتظار عمليات جراحية. فيما يلي ترجمة المقالة:

أدى قيام جنود الاحتلال الاسرائيلي بإطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين على حدود غزة الى استشهاد أكثر من (60) فلسطينيا، واصابة المئات، معظمها إصابات بالغة وخطيرة.

وقد أثارت الخسائر المرتفعة في الأرواح ردود فعل دبلوماسية ضد إسرائيل، واتهامات لها بالاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين العزل. كما بدأ مجلس الامن الدولي جلسته الخاصة حول غزة بدقيقة صمت للشهداء الفلسطينيين. وفي كلمته، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى الشرق الاوسط انه "لا يوجد مبرر لكل هذا القتل الذي جرى في غزة".

غير ان إسرائيل قالت ان لها الحق في حماية حدودها، وتجمعاتها السكنية المجاورة لها. ووجهت الاتهام لحركة حماس في غزة بانها تقوم بتنفيذ هجمات تحت ستار الاحتجاجات. كما تولت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، نيكي هالي، الدفاع عن إسرائيل قائلة انه "لا يوجد عضو في الأمم المتحدة يمكن ان يضبط نفسه أكثر مما تقوم به إسرائيل"، وفق هالي.

كانت المواجهة الحدودية التي جرت بتاريخ 14 أيار تتويجا لحملة احتجاجات امتدت لعدة أسابيع بهدف كسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر منذ العام 2007. وقد قادت حماس الاحتجاجات، التي اججها اليأس المتزايد بين حوالي (2) مليون شخص في غزة، يواجهون الفقر المتفاقم، والبطالة، وانقطاع التيار الكهربائي لمدة (22) ساعة يوميا، فضلا عن حظر السفر والتجارة.

كما كانت الاحتجاجات مدفوعة بالغضب الكبير جراء نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، المدينة المتنازع عليها، والتي يسعى الفلسطينيون إلى ان يكون جزؤها الشرقي عاصمة لدولتهم المستقبلية.

والى ما قبل الجولة الدامية الأخيرة، فإن نظام العناية الصحية في غزة، والمكون من (13) مستشفى عاما، و (14) عيادة تديرها منظمات غير حكومية، عانى من النقص المستمر في الأدوية، والمعدات الجراحية، نتيجة الحصار.

وقد توقعت كبرى مستشفيات القطاع، وهي مستشفى الشفاء، حدوث تدفق كبير من الإصابات في يوم مسيرة العودة الكبرى بتاريخ 14 أيار. ولهذا قامت المستشفى بإنشاء محطة فرز وطوارئ للجرحى من خلال تجهز (30) سريرا في فناء المستشفى.

وفي قسم العظام بالذات، بلغت الأمور ذروتها، وتوترت الأعصاب في أقسى أيام المواجهات، حيث كان الأقارب في غاية القلق بشأن أفراد عائلاتهم الجرحى، وسط مخاوف من أن تتدهور حالاتهم الصحية.

ففي احدى الغرف، استلقى المصاب إبراهيم رحمة، وكان ملفوفا بضمادات على ساقيه، حيث أصيب بشظايا في كلتا ساقيه. في حين كانت والدته وشقيقته تبكيان في الردهة.

وفجأة، بدأت شقيقته بالصراخ على الممرضات، في موجة حادة من الإحباط. وصرخت، "ساقه تتعفن". هل تنتظر أن تتعفن حتى تتمكن من بترها؟ وحاول شرطي من حماس، في المستشفى تهدئتها، الا انه لم يفلح بذلك.

وقالت الفتاة للشرطي، عن شقيقها والآخرين الذين أصيبوا على يد قناصة الاحتلال، بالقرب من السياج الحدودي: "إذا كنتم غير قادرين على معالجتهم، فلماذا تسمحون لهم بالذهاب إلى مناطق التظاهرات؟"
وقال نيكولاي ملادينوف، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، في جلسة خاصة لمجلس الأمن، أن المستشفيات في غزة "تشير الى أزمة فقر في الإمدادات الطبية الأساسية، والأدوية، والمعدات اللازمة لعلاج الجرحى". وقال ملادينوف، الذي زار غزة قبل ايام قليلة: "لقد شاهدت مباشرة جرحى ومرضى يتم نقلهم على نقالات، وقد تركوا في فناء المستشفى لعدم توفر اسرة شاغرة داخله".
وقال ملادينوف: "لا يوجد مبرر للقتل، وليس هناك أي عذر"، مضيفا أن "إسرائيل تتحمل مسؤولية ارتفاع منسوب استخدام القوة". وفي الوقت نفسه، قال ملادينوف ان "رسائل وتوجيهات حماس كانت تشير إلى نية استخدام الاحتجاجات الجماهيرية للتسلل إلى إسرائيل".

وكان يوم 14 أيار اليوم الأكثر دموية في غزة منذ حرب العام 2014، حيث قتلت إسرائيل (63) فلسطينيا وأصابت (1300) منهم. وادعى جيش الاحتلال ان (14) شهداء يوم 14 ايار كانوا متورطين في زرع متفجرات أو إطلاق النار على جنود الاحتلال قرب السياج الفاصل.

ردود الفعل الدبلوماسية ضد إسرائيل كانت سريعة، في أعقاب المشاهد الدراماتيكية لحمل الجرحى إلى سيارات الإسعاف، بين سحب الدخان الأسود، والاطارات الملتهبة، ورشق الحجارة على جنود الاحتلال من قبل النساء اللواتي يرتدين الجلباب وحجاب الرأس.
فقد طردت تركيا سفير إسرائيل، وردت إسرائيل بالمثل. واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، الرئيس التركي بالرياء، قائلاً "ان اردوغان تتلطخ يديه في دماء عدد لا يحصى من المدنيين الأكراد في تركيا وسوريا، وهو آخر شخص يمكن له أن يقدم لنا المواعظ في الأخلاق العسكرية".

كما استدعت ايرلندا وبلجيكا السفراء الإسرائيليين لديها لاستجوابهم حول العنف في غزة. ودعت الدولتان، بالإضافة الى ألمانيا، إلى إجراء تحقيق، في الوقت الذي دعت فيه الصين إسرائيل الى ضبط النفس.

كما أمر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مبعوثه إلى واشنطن بالعودة إلى الضفة الغربية، في مظهر احتجاجي اخر ضد نقل السفارة الأمريكية الى مدينة القدس، المتنازع عليها.

وفي هذه الأثناء، لم تكن هناك أي مؤشرات بعد 14 أيار على أن حماس حققت اختراقا في كسر الحصار. وقالت حماس إن الاحتجاجات ستستمر أسبوعيا، لكنه ليس من الواضح الان ما إذا كانت حماس ستستطيع الحفاظ على الزخم الجماهيري خلال شهر رمضان الذي يبدأ بتاريخ 17 أيار.

أما أحد المنظمين البارزين للاحتجاجات، فقال إن المسيرة الجماعية المقبلة ستجري بتاريخ 5 حزيران المقبل، في الذكرى السنوية لحرب العام 1967، العام الذي احتلت فيه إسرائيل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والضفة الغربية.


ترجمة: ناصر العيسة، عن: وكالة "ايه بي نيوز"