تمارا حداد تكتب لـ"وطن": مرحلة ما بعد "أبو مازن"

21/05/2018

المجتمع الإنساني لا ينتظم أمره إلا بوجود سلطة، تتبع من حاجته إلى الإستقرار والأمن والديمومة والسلام، هكذا يحدثنا تاريخ البشرية، فمبدأ التداول السلمي للسلطة، وهو ما يعبر عن أحلام وأشواق وتطلعات المجتمع بكافة تكويناته إلى مستقبل يصنعه بيده، ويتحمل مسؤولية خياراته، وهو في الوقت ذاته تجسيد صادق عن مشاعر ورغبات البشرية في التحرر من الرتابة والجمود والتخلف المتمثل بحكم الفرد، وديمومته، ورغم ميل الطبع الإنساني إلى احتكار السلطة، فإن ثمة نزوعا ليس إلى السلطة باعتبارها مفسدة فحسب، إنما إلى السلطة المطلقة التي تعد، كما قال منظرون وفلاسفة (مفسدة مطلقة ) .

تداول السلطة من اهم الادوات التي تؤدي الى التخفيف من الصراعات بين الافراد والشعوب، حيث ان وصفة التداول السلمي للسلطة من انجع الادوية من اجل التخفيف من الصراعات على الكراسي، والتداول السلمي سبب رئيسي للتنمية وارساء قواعد الديمقراطية ضمن الكفاءات والنزاهة والعدالة واحترام المؤسسات والانظمة القائمة، والانتقال السلمي للسلطة يمكن أن يُعتبر خطوة أولى لضمان التنمية الديمقراطية والاقتصادية في البلاد.

الحالة الفلسطينية الان ضعيفة جدا، ولكن الحالة ستسوء لتصبح اكثر تشرذما وهوانا ما بعد مرحلة ابو مازن، الوضع الحالي يتميز باستقرار من الناحية الامنية ولكن لا يوجد استقرار سياسي او اقتصادي ولا يوجد حالة وطنية تعيد النظر للحالة الفلسطينية واسترجاع قوتها.

ما بعد ابو مازن هو الموضوع البارز الذي يحتاج الى الوقوف عنده، كون فترة ما بعد ابو مازن غير مخطط لها ولا يوجد حتى الان وصفة للتداول السلمي للسلطة، مرحلة ما بعد ابو مازن قد تشهد عدة سيناريوهات:-

1.   اجماع الدوائر السياسية على تعيين شخص يتفق عليه الجميع وكافة الفصائل لا يشمل احادية دكتاتورية، عنصر المشورة يكون واضحا يتقبله الجميع.

2.   انتخابات بحيث يقرر الشعب مصيره من خلال صناديق الاقتراع السري، وبالتالي تصبح فكرة "إرادة الشعب" عملية.

3.   ترسيخ مبادئ العمل المؤسسي وإرساء تداول السلطة السلمية وتغليب قوة المنطق بدل منطق القوة، حيث ان السيناريو الثالث ما بعد ابو مازن هو تغليب منطق القوة على التداول السلمي، بحيث يبقى الاقوى والذي يحمل سلاحا هو المقرر والوالي، هذا امر في غاية الخطورة وسيهدد السلم الاهلي والامن.

4.   تداول السلطة والانتقال السلس من (ابو مازن) والى(؟) يكشف الأبعاد المتقدمة، ولكن حالتنا لا نعول عليها كثيرا بالتداول السلمي، فالصراع قائم بين عدة شخصيات خوفا على مصالحهم الشخصية والتي استمرت مدة عقدين كاملين.

علينا ان نتذكر اننا تحت سيادة اسرائيل ونرزح تحت الاحتلال، اليوم بعض الخبراء العسكريون الاسرائيليون يصفون حالة ما بعد ابو مازن بأنها مرحلة قد تنهار بها السلطة في ظل عدم توافق الفلسطينيين والقيادة السياسية، وقد تحل بدل السلطة امارات محلية في الضفة ودويلة في غزة ترتبط بمصر، هذا يؤكد ان اسرائيل ستتفرج على صراعات القيادات على السلطة ولن تتدخل حتى ترى من الذي سيفرض قوته بعد الاقتتال ما بين الاطراف.

الحل العمل وفق اجندة وطنية ديمقراطية مهنية ومؤسسات تعمل بشفافية وان يكون تداول السلطة بشكل سلس نزيه.