بعد نقل السفارة والاتفاق النووي: الاعلام الأوروبي "ينحاز" ضد أمريكا والاحتلال

29/05/2018

ترجمة خاصة-وطن للأنباء: نشرت صحيفة "ذي جيروزالم بوست"" مقالا لكاتبين يعملان في "المنظمة الإسرائيلية لمراقبة وسائل الإعلام"، تناولا حجم الضغط  الإعلامي في شتى الدول الأوروبية، ضد الولايات المتحدة الامريكية، ورئيسها ترمب، عقب انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران وقراره نقل السفارة الامريكية الى القدس، وضد إسرائيل وعنفها على الحدود مع غزة . فيما يأتي ترجمة المقالة:

يترك لمستهلك المادة الإعلامية الانحياز لذوقه، والحكم عليها وفق السياق الأخلاقي الذي ينطلق منه، وبالتالي يبقى القارئ هو من يقرر ما هو أخلاقي، أو غير أخلاقي، من المواد الإعلامية/ في حال أراد زنة الامور بهذا المقياس.

بدأت بعض الدراسات العلمية في مجال الصحافة والاعلام، في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، تدفع بالفكرة القائلة بأن "التقارير غير المنحازة لا يمكن الدفاع عنها.

وبالتالي، اوصت الدراسة بانه ينبغي التوقف عن اعتبار عنصر "التحيز" كأداة قياس للإنتاجات الإعلامية، بما فيها الاخبار. وقد استشهد هؤلاء الباحثون بالأداء الإعلامي خلال حرب لبنان الأولى. حيث قالوا إن المثال اللبناني يعتبر آلية أخرى ومختلفة في العمل. وهي أداة الإدراك الاجتماعي، التي يطلق عليها "ظاهرة الإعلام العدائي". فقد ارتبطت التقارير الإعلامية، وفق هذا المبدأ، بالأزمة التي يغطيها التقرير، مما ادخل مفاهيم من "التحيز الإعلامي" في التغطيات الإخبارية.

وفي النهاية، يبقى المستهلك الإعلامي (القارئ/ المشاهد) قادرا على تمييز ما هو أخلاقي، وما هو غير أخلاقي.
وكانت هذه العوامل، بما فيها الانحياز، واضحة جدا في تغطيات الأخبار المركزية التي شهدتها الاسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك: قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وتغطية وسائل الإعلام لنقل السفارة الأمريكية الى القدس، بالإضافة الى الأحداث الأخيرة في حدود غزة.

وفي سياق متصل، ذكر الباحث في الاعلام، والأستاذ الجامعي والتر وليامز، أحد أوائل الباحثين في الاعلام، واستاذ الاعلام في اول كلية للإعلام في أميركا، في جامعة ميسوري، ان الصحافة "عقيدة". وقد روج لهذا المبدأ (أي ان تكون الصحافة عقيدة) في كتاب "ممارسة الصحافة" الذي نشره وليامز في العام 1911. وقد فسر "العقيدة" بالقول "ان على الصحفي ان يكون مستقلا بشكل قوي، ويجب ان يكون ساخطا على الظلم".

وعلى الرغم مما سبق، ومن أهمية "العقيدة" في مدرسة الاعلام الامريكية، الا انه ليس هذا هو الحال في الاعلام الأوروبي. حيث يرى روي غرينزلاند، أستاذ الصحافة في جامعة "سيتي" في لندن، ومحرر "ديلي ميرور"، والكاتب في "الغارديان"، انه لا يجب على الصحفي ادخال آرائه الشخصية في تقاريره باي حال. محذرا من ان أحدا من القراء لن يقرأ المقالات في حال لاحظ ان الكاتب يؤثر بآرائه الشخصية ومواقفه السياسية على المحتوى".

فبالنظر الى قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.

هتف معظم الشرق الأوسط للقرار الأمريكي، وروجت صحافة المنطقة في معظمها، ولا سيما تلك الدول "المعتدلة"، للقرار الأمريكي.
اما على الجانب الأوروبي، فقد روجت وسائل الإعلام الغربية للآراء المعاكسة لقرار ترمب. وتم التركيز على الالتزام الأوروبي بالاتفاق وعدم الانجرار وراء الخطوة الامريكية.

فعلي سبيل المثال، في 8 أيار 2018، علقت الصحف الألمانية على قرار ترامب، بعناوين قوية مثل: "عمل ترمب المدمر"، و "قرار ترمب بفرض عقوبات على إيران سيكون له عواقب وخيمة"، و "القرار بخصوص إيران ما هو الا عمل تافه، من قبل رئيس تافه، هدفه الرئيسي في الحياة هو إلغاء أعمال سلفه أوباما"، و "ترمب لم يقل كلمة واحدة عن مصالح الناس الذين يعيشون في المنطقة".
وتابعت الصحافة الأوروبية موقفها تجاه ترمب بهجوم موحد، فقد عبرت في معظمها عن "الاشمئزاز من الرئيس الأمريكي". فقالت احدى الصحف ان "قرار دونالد ترمب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران هو قرار قاتل، وهو قرار يزيد من الخطر، وعدم الاستقرار، والحروب الجديدة. وهذا كله على عتبة أوروبا وليس على عتبة الولايات المتحدة".

وفي إسبانيا لم يكن الوضع أفضل، فقد كتب خافيير سولانا في صحيفة "ألباييس" الرائدة مقالا تحت عنوان "خروج ترامب من الاتفاق النووي مع إيران خطأ ملحمي". وأضاف يكتب: "ما يهم الرئيس الأمريكي أكثر من غيره في قرار الانسحاب هو حقيقة أن الاتفاق تم توقيعه في عهد أوباما".

ليس من المستغرب إذا أوروبا ككل لا تدعم ترمب؟

وبالنسبة الى الأوروبيين فان الوضع في الشرق الأوسط خارج عن السيطرة، وانه خطير على إسرائيل أكثر من غيرها.
وقد أدرك الإسرائيليون ذلك، وانه يتوجب عليهم مراجعة العديد من القنوات الإخبارية الأوروبية الهامة في محاولة لثنيها عن "التحيز" ضد ترمب، والذي يشبه إلى حد كبير الكتابات والآراء المناهضة لنتنياهو في صحيفة "هآرتس".
وترى اسرائيل ان اتساع الحملات الإعلامية يشير إلى أن إسرائيل تفتقر للعلاقات العامة، ولا تستطيع التعامل مع "اللاسامية"، التي تتصدر صفحات الصحافة الأوروبية.

ويخلص الكاتبان الى ان التحيز المعادي لأمريكا، والمناهض لإسرائيل، في الصحافة الأوروبية هي حركة إعلامية جارفة، وهو حقيقي للغاية، ويجب على إسرائيل مواجهته، والا، سيكون قاتلا.

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"