خالد بطراوي يكتب لـوطن: التراث المادي الثقافي

11/06/2018

وأخيرا صدر قرار بقانون رقم (11) لسنة 2018 بشأن التراث الثقافي المادي. وأخيرا أصبح هناك تحديثا للباب الخامس من قانون الآثار القديمة لعام 1929، ولقانون الآثار القديمة المؤقت رقم (51) لعام 1966. ذلك إنجاز تاريخي هام في منظومة التشريعات الفلسطينية، ذلك إنجاز يسجل لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية ولكل من ساهم في أن يرى هذا القانون النور.

عرّف القانون التراث على أنه " الممتلكات الثقافية الثابتة أو المنقولة والموجودة على سطح الأرض أو في باطنها أو المغمورة في المياه كليا أو جزئيا ويعود تاريخها الى ما قبل سنة 1917 أو الى تاريخ أحدث من ذلك وفقا لاحكام القانون رقم (11).

وعرّف القانون التراث المقيد على أنه ذلك التراث الذي أصدرت له وزارة السياحة والآثار شهادة قيد في السجل.

وضّحت المادة (3) أن الهدف من القانون هو حماية التراث في الدولة والحفاظ عليه للأجيال القادمة والتعريف به وإدارته بالشكل الأمثل بغية الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية.

نصت المادة (4) على أن الممتلكات الثقافية الثابتة أو المنقولة تعد تراثا إذا كان تاريخها يعود الى ما قبل عام 1917 أو بعد ذلك شريطة أن يتحقق في تلك الممتلكات ( إي تلك التي ما بعد عام ) 1917 أهمية ثقافية كالقيمة التاريخية والنادرة والجمالية والفنية والاجتماعية والعلمية والدينية والمعمارية والروحية والرمزية والتمثيلية والتفاعلية للتراث الثقافي بالنسبة للأجيال القادمة، أو أهمية إقتصادية لها ارتباط بالتراث الثقافي أو أهمية طبيعية.

قضت المادة (5) بإعتبار التراث ملكا عاما بإستثناء ذلك التراث الذي يثبت أصحابه ملكيتهم له بسند قانوني. إلا أن هذه الملكية لا تكسب صاحبها حق التصرف بالتراث أو حق التنقيب إلا ضمن ضوابط فصّلها القانون، ولا يجوز بيع تراث الدولة أو إهداءه أو وقفه أو التنازل عنه.

وكي لا تكون المرجعية فيما يتعلق بالتراث لمن هب ودّب، حسمت المادة (6) ذلك بالقول أن المرجعية السياسية والقانونية والادارية للتراث هي لوزارة السياحة والآثار التي يقع عليها أولا التعريف بالتراث ونشر التوعية بأهميته، وثانيا حماية هذا التراث وصيانته وترميمه وثالثا حصر هذا التراث وجرده وتصنيفه وتسجيله في السجل ورابعا الإشراف على متاحف التراث وخامسا وذلك مهم تحديد مناطق التراث وحدودها وإدراجها على الخرائط والمخططات الهيكلية والتفصيلية بالتعاون مع وزارة

الحكم المحلي وسادسا إدارة مواقع التراث وسابعا إعداد الملفات اللازمة لترشيح وإدراج مواقع التراث ذات القيمة العالمية المميزة على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي.

وإشترطت المادة (7) من القانون أن يحصل أي شخص يرغب بتنفيذ أية أعمال متعلقة بالحفاظ على التراث أو ترميمه أو صيانته أو التنقيب عنه على رخصة من الوزارة.

وفرضت المادة (8) على وزارة السياحة والآثار إنشاء صندوق خاص لحماية التراث وأحد أهدافه تقديم القروض والمساعدات المالية لتنفيذ أعمال الترميم وإعادة الإعمار.

كما أعطت المادة (9) من القانون لوزير السياحة والآثار صلاحية تحديد أولئك الموظفين في الوزارة الذين يتمتعون بصفة الضبطية القضائية وذلك لضبط التراث المحاز حيازة غير شرعية ولإجراء الكشف والمعاينة لمواقع الآثار والمضبوطات التراثية ولوقف أية أعمال أو إعتداءات على مواقع الآثار وحتى التحفظ على الشخص المسؤول عن الاعتداء على التراث وإحالته للجهات المختصة.

أما الفصل الثاني فقد شكل المجلس الاستشاري للتراث المؤلف من ثلاثة عشر عضوا برئاسة وزير السياحة والآثار وعضوية كل من وكيل الوزارة والوكيل المساعد للتراث والوكيل المساعد للسياحة وممثلا عن وزارة الحكم المحلي والأوقاف والشؤون الدينية وسلطة الأراضي وسلطة جودة البيئة وإثنين من المؤسسات الأكاديمية وإثنين من المؤسسات الأهلية العاملة في مجال التراث وممثل من ذوي الخبرة في التراث.

أما الفصل الثالث فانفرد للحديث عن حماية التراث الثابت وحددت المادة (13) المقصود بالتراث الثابت من المواقع الأثرية والمعالم ( الصروح) والمناطق التاريخية والمباني المنفردة والمشهد الثقافي. وألزمت المادة ( 14) حائز التراث بمعايير فنية تحددها الوزارة للحفاظ على التراث.

وحظرت المادة (15) على حائز التراث طمس أو تشويه أو تخريب أو تغيير أو تدمير أو التأثير على أي عنصر من عناصر التراث، أو حتى نزع أو تحريك أو نقل أي مكون من مكونات التراث، أو إلقاء النفايات والمخلفات في موقع التراث أو بيع أو شراء أو تداول أي مواد منتزعة من التراث الثابت أو إجراء حفريات أو النبش بحثا عن الدفائن الذهبية أو غيرها.

وحددت المادة ( 16) من القانون الحالات التي يفقد فيها حائز التراث حيازته إذا ثبت عدم قدرته على تلبية متطلبات الحفاظ على التراث وحمايته أو إذا أهمل بواجباته حسب نص القانون.

منعت المادة (17) أي جهة أن تصدر تراخيصا إلا بموافقة وزارة السياحة والآثار سواء كانت هذه التراخيص لوضع لافتات أو إعلانات تجارية أو تركيب هوائيات أو أنابيت على واجهات التراث الثابت ، او إنشاء الأبنية أو هدمها أو تجريفها أو الاضافة لبناء قائم ، أو تنفيذ أعمال بنية تحتية في مواقع التراث أو بيع أو شراء التراث الثابت أو تنفيذ أية أنشطة زراعية أو إستثمارية أو صناعية أو تجارية ليس فقط في موقع التراث بل والمنطقة المحيطة، أو نقل ملكية التراث الثابت المقيد في السجل أو هدم موقع التراث الثابت بشكل كلي أو جزئي.

وحددت المادة (20) من القانون عملية بيع التراث الثابت من قبل الحائز عليه بإعطاء أولوية الشراء الى الوزارة.

جرى تكريس الفصل الرابع من القانون لحماية المناطق التاريخية والمشهد الثقافي فقد منعت المادة (22) من القانون أي شخص من إزالة أو هدم أو تشويه أي من العناصر المكونة للنسيح المعماري في المناطق التاريخية أو المباني المنفردة أو المشهد الثقافي، أو البناء في ساحات وأحواش وممرات وأزقة وشوارع المنطقة التاريخية. بينما سمحت المادة (23) من القانون ببناء أبنية إضافية حديثة في المناطق التاريخية بعد الحصول على إذن خطي من الوزارة ضمن ضوابط محددة.

إنفرد الفصل الخامس من القانون بالحديث عن التراث المنقول والذي يشمل المنحوتات والفخاريات والتحف الفنية والمسكوكات والطوابع البريدية والصور والنقوش والمخطوطات ووثائق الارشيف والمنسوجات والعملات والأختام والحلي والألبسة التقليدية والأسحلة والمصنوعات، بالاضافة الى اللقى الاثرية وبقايا المدافن والبقايا البشرية أو الحيوانية أو النباتية والتي يرجع تاريخها الى ما قبل (200) سنة ميلادية والأعمال اليدوية والحرفية كالمطرزات والخزفيات واللوحات، بالاضافة الى المجموعات التراثية المتحفية والخاصة.

حددت المواد (26 و 27) من القانون الممنوع في الاتجار بالتراث المنقول الفلسطيني وألاجنبي من وإلى فلسطين وبضمن ذلك عمليات تهريب الآثار، وضحت المواد اللاحقة ( من 28 الى 30) الجهود العالمية لاعادة التراث الى منشأه.

تحدثت المادة (31) عن التراث أو المواقع التراثية المغمورة وبضمنه حطام السفن حيث يطلب تركها في مكانها.

إعتبرت المادة (32) أن متحف الآثار الفلسطيني في القدس المتحف الوطني للدولة، وحددت المادة (33) واجبات الوزارة تجاه التراث في حالة نشوب نزاع مسلح.

إختص الفصل السادس بالحديث عن خطط حماية التراث وتحدث الفصل السابع على السجل الوطني للتراث وإصدار شهادات التراث. أما الفصل الثامن فقد حدد الضوابط لعمليات المسح والتنقيب وفصّل الفصل التاسع مهام الترويج للتراث وحدد الفصل العاشر العقوبات وبضمنها عقوبة السجن التي قد تصل الى عشر سنوات وجاء الفصل الحادي عشر ليستعرض بعض الأحكام الختامية.

بصدور قانون بشأن التراث الثقافي المادي نستطيع أن نقول أننا على الطريق الصحيح ونضع بذلك اللبنة الأولى للحفاظ على التراث المادي الثابت والمنقول وعلى المشهد الثقافي الفلسطيني في مواجهة تلك الأيدي الخفية وخفافيش الليل التي بطريقة أو بأخرى تخدم الاحتلال في طمس مشهدنا الثقافي التراثي.

لعلني أتفق مع شاعرنا الراحل محمود درويش الذي قال ذات يوم معرفا " التطبيع" على أنه " القبول براوية الآخر حول التاريخ".

إننا بإصدار هذا القانون نكون قد قلنا للمحتل أننا لا نقبل روايتكم حول التاريخ فكل موقع أثري ... كل تراث ثابت أو منقول ... كل مشهد ثقافي أو معماري، كل خربة أو بقايا قرية فلسطينية مدّمرة تشكل الراوية الحقيقية حول التاريخ.