نادية حرحش تكتب لـوطن.. صفقة القرن أم صفعة القرن

03/07/2018

عريقات يحذر من تمريرها، والرئيس عباس يمتنع عن لقاء كوشنر بسبب تلك الصفقة "صفقة القرن"، يعتلي الشيوخ منابرهم  رافعين أصواتهم بصيحات الرفض والتهويل من مغبة تلك الصفقة. حملات وطنية تطالب بالتصدي لها، وتحذيرات عربية خجولة وغير رسمية  منها ، حسن نصرالله يعلن على شاشته "المنار" أن صفقة القرن قد بدأت بالتنفيط متقطعة.

تحليلات تقول بأن السعوديون يريدون تلك الصفقة ، والمصريون والأردنيون صامتون، و تكثر التصريحات بالتحذيرات.. صفقة القرن هي الوحش المتربص أمام المرحلة القادمة.

ولكن ... ما هي صفقة القرن؟

بالتأكيد ليس لدي إجابة

فما يرشدنا إليه "جوجل" بمحركاته البحثية عن صفقة القرن لا يتعدى تحليلات لا أعرف من هو الخبير وراءها وكيف حصل على معلوماته. ما نعرفه عن صفقة القرن هو تسريبات من مواقع إعلامية اجنبية، وتحليلات محلية وإقليمية.

ولكن، لماذا لا يخرج علينا أصحاب السلطة الفلسطينية الذين ينددون ويحذرون ولا يلتقون وينعزلون ويعزلون بسبب هذه الصفقة ويقولون لنا ما هي .؟ لماذا يجب أن تبقى هذه الأمور في صفحات الأسرار بينما يتداولها العالم الأشرار . ؟

ألسنا نحن أصحاب الشأن ؟ أليس من حقنا كشعب لديه رئيس، ويتصارع على خلافته تقريبا كل الشعب والذي يجد بنفسه قائد ومخلص  قادم ، ولدينا من الوزارات أكثر من شرعية هذه السلطة ولدينا أيضا نواب ومجلس تشريعي وبدل الحكومة حكومتان . ألا يوجد من هؤلاء السادة الأفاضل من يمثل تلك السلطة ليخرج علينا بفحوى ما هذه الصفقة ؟ لنقرر بعدها ان أردنا الشجب ام فضلنا السكوت  ربما  الخنوع كالعادة بتمرير قادم  لا محاله.

لماذا لا يقول لنا أحدهم ما هي صفقة القرن ؟

لماذا لا تنشر صحيفة وطنية معتمدة من الحكومة " كوفا " مثلا تفاصيل هذه الصفقة لنفهم ما لنا وما علينا. لنمشي مع الحكومة بحملاتها الحقيقية والوهمية على نور على الأقل. لنعرف عن ماذا نندد وماذا نرفض.

اتركونا نفكر.. نفهم...

القدس تباع ...ولقد بيعت... العاصمة أبو ديس ، فرام الله عاصمة فعلية منذ أوسلو.

غزة الكبرى تمتد الى سيناء، اقتصاد مدعوم قادم...

ربما نريد دولة كبرى في سيناء . ما المشكلة بسيناء ؟ فالواد المقدس هناك . تتوسع مساحة الخنق لشعب الله المقموع في غزة ويتنفسون بعض الهواء ولو كان صحراويا.

الأردن الكبرى في الأفق... لما لا ... على الاقل في الأردن حكومة وحراك واعتراض يرجيمنه أمل في ارتقاء الشعوب.

يطبقون حكما عسكريا ومكاتب تنسيق أمني وتجاري لتصريف أعمال تجار الوطن. ما الجديد في كل هذا ؟

أم هل هناك في طيات هذه الصفقة ما لا يناسب حراس مغارة علي بابا؟

بينما تمر صفقة القرن التي لا نعرف عنها الا اسمها ، يستمر إلهاءنا في صغائر الأمور التي تحولت إلى أهمها . فكيف لا ونحن نواجه الموت يوميا في ظل انفلات اخلاقي واجتماعي وتربوي بينما يتم الإعلان عن المزيد من الأفق في المجالات المختلفة وتنشغل الوزارات والمؤسسات في سباق المراكز والترقيات، ويمتد أصحاب الزموال كالأخطبوط ليتحول هذا المجتمع إلى مشهد بائس من ملهاة البؤساء.

حوادث السير التي تودي بحياة الشباب بلا هوادة..من المسؤول عنها ؟

اللحوم الفاسدة والمواد التموينية التي يدك فيها الدود... من ينشغل بها ؟

الإنفلات الأمني واستخدام السلاح وحوادث القتل التي تكاد أن تصبح يومية.. من يقف وراءها؟

الطوش والمشاحنات والضرب والسحل بين فرح وعزاء ... من أوصلنا إلى هنا؟

الرقص في الحفلات بينما هناك ندب في البيت المجاور على فقيد شهيد ... متى أصبحنا هكذا بلا حياء؟

حراك وطني من أجل رفع عقوبات عن أبناء الشعب في الجهة المقابلة ... كيف انطفأ بعد عبوات ماء تم توزيعها من قبل الأمن الذي نكل بالمتظاهرين أياما قبل هذا؟

بينما يستمر القمع في مدن أخرى بلا ماء والإعلام في سبات أكثر من عميق.

نرفض صفقة القرن وندعي الشجب ونتدلل على المعونات الأمريكية، ونتأهب باستقبال الأمير البريطاني الذي جاء من أجل الاحتفال بسبعين عام على قيام دولة الاحتلال.

رفض الامير التكلم بالسياسة ، ولم يفكر اولي الامر المطالبة حتى بمطالبته بكلمة اعتذار عن مصاب فلسطين بسبب الانجليز.

الخلل كبير....

السوس ينخر في جسدنا الفلسطيني ، وما يجري يشبه عملية التحلل للجسد بعد الوفاة...

ولكن يبدو أن فعلنا أشد قبحا لننال مآل أفعالنا بينما عيوننا تنظر جسدنا المبتلى المتحلل أمامنا .

نحن لسنا أمام صفقة قرن. نحن نعيش صفعة تتردد في صداها، يبدو أننا أدمننا عليها. فلا نعرف من العيش الا الصفعات ، نتيجة الصفقات ، وما أكثرها ... فكيف يمكن لنا ان نفهم صفقة يقال انها صفقة القرن.

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

عندما نمشي بالشارع ونفهم أن نظافته من نظافتنا 

عندما نخاف ان نبيع اللحوم وان نعذب الحيوانات وان نؤتمن ما نبيع للناس كأنه داخل الي بيوتنا واحبتنا .

عندما نقود السيارات ونعرف ان الموبايل يقتل وان التهور يقتل وان عدم الانتباه يقتل وان هناك من سيقتل وجدانيا وجسديا لعدم اكتراثنا .

عندما تصبح الالفة هي عنواننا، والتباهي بالخير والنجاح هو طريقنا .

عندما يعود الجار ليكون للجار .

عندما يقف على المنابر من ينادي لحب الله والوطن.

عندما تصبح السلطة مضمومة بالسين لا مفتوحة بسلطة مكوناتها تشترى من تجار التموين الفاسدين وتعد من قبل مستهتر شارد.

وقتها ألف صفقة لن تؤثر فينا وستكون صفعة لهم .