عالم متخبطة اعضاؤه !

10/09/2018

كتبت: مها أبو عين

ما هي الطيبة ؟ ولماذا اصبحت تقترن بالهبل ؟ كيف تكافأ ؟ وهل يحق لفصيلة الطيبين اي مكافأة أصلا ؟ وهل الطيبون معترف بهم انسانيا ودوليا ؟ هل الحياة بكل معالمها الجديدة – التكنولوجيا التي تغزو العالم اصبحت تلغي كل شيء وتغيّر كل شيء لدرجة التلاشي او العدم ؟ . نعم فمشاعرنا الانسانية اصبحت مؤجّرة جدا في هذا الزمان مزيفة معلّبة محقّنة بمزيد من الالوان غير النقية لتتنافى وروح الانسان روح البشر روح العمل ---- روح الصداقة – حتى انها تتنافى مع روح الرفق بالحيوان وبكل ما هو جميل . هل ما زلنا نحتفظ نحن بني البشر بمقاييس الجمال والتقدير لنا وللآخرين من حولنا ؟ أم هو الضباب اصبح يغزونا دون ان ندري ؟ اصبحنا نلتحم مع الفراغ من اجل انانيتنا وأنا الشاهقة التي لا تضاهيها سوانا سوى مصلحتنا الخاصة التي لا يروق لها اي عنوان سوى النفخ في مشاعرنا ازاء اولوياتنا نحن ونحن فقط دون اي اعتبار مقدس حتى لأغلى الاشياء على قلوبنا وضمائرنا ومبادئنا .

لماذا تجمدت احاسيسنا الى دون الصفر لتفوق الجليد في اقصى اقطاب الارض ؟ لماذا هذا الجفاف الروحي وهذا التسابق الماراثوني في امتلاك المادة والأنفاس ؟ ! لماذا – حقا – هذه الحلبات من مصارعة العداوات واختلاق وتأليف مزيد من الأقنعة البعيدة كل البعد عن الحقيقة ؟! ألهذه الاسباب قاطبة أرى كل من حولي من البشر يدمنون متابعة حلقات المصارعة العالمية – جون سينا وأمثاله عبر فضائية أم . بي . سي آكشن ، حتى الاطفال لا يريدون سوى التشبه بهولاء " الابطال " يتباهون بارتداء ملابسهم الخاصة الدعائية . نعم – يبدو انهم يتهيأوون اكثر للغة اشد عداوة واشد قسوة مع اقرب المقربين اليهم ( الاب – الام – الاخ – الاخت --) وذواتهم ايضا وما يحبون . انهم يستعدون لمعارك اشد سخطا على انفسهم وعلى الاخرين دون ادنى اهتمام او مسؤولية .

اصبحوا هم يكتفون بما يريدون فقط ، دون ان يأخذوا بالحسبان رغبة اي طرف . يريدون الحب –العطف – الحنان – وفي ذات الوقت يريدون ان يستحوذوا على كل ما يتمنون المال والمال فقط . وإن لم يكن فلا هم يعترفون بقريب او بعيد او بسلالاتهم . هذا العالم المتخبطة أعضاؤه اصبح مجردا من اي رصيد  في مشاعره لا يعرف كنفها وما يريد ، الفرد فيه اصبح مكتفيا ذاتيا من كل شيء ما دام ان التكنولوجيا وما تحويه من معارض جميلة توفر له كل ما يريد ويهوى وتلبي له طلباته الشخصية وامنياته في كل احواله وعبر حالاته المزاجية والعاطفية المتعددة .

نعم لفت انتباهي  وعبر قراءاتي لمعلومات دونت عبر الفيس بوك موقع التواصل الاجتماعي ، هذا العنوان : الصين ستطرح قريبا في الاسواق العالمية وسادة على هيأة ذراع رجل لتشكّل حضنا اصطناعيا ستحلّ به مشاكل العنوسة في كل ارجاء الارض !! . ألهذه الدرجة أصبحت مشاعرنا تباع وتشترى في السوق وعلى مرأى من كل بصير ! ألهذا الحد ألغيت لتختفي معها قيمة الآخر سواء أكان ذكرا ام انثى ! بالطبع لا يهم في هذه الحالة ما دام الأمر بعيدا عن اي طبيعة وعن اي نبض انساني يمنحك العطاء قبل الحب والدفء . ترى هل هذه الذراع الساكنة المصنوعة من المطاط سترضي عروق العانس ؟ ام هذه الفتاة التي فقدت العثور على الحب او ربما لم تجد ما هو مناسب لها بتاتا – هل اصبحت هي الاخرى تتمنى ان تجد اي شيء خاص بها يمنحها الأمان حتى لو كان جماد ؟! فما دام ان المجتمع حولها اطلق عليها هذه الصفة دون إذن منها والسبب انها لم تعثر على نصفها الآخر المكمّل لها ، إذن فلا بد لها في هذه الحالة ان تتقمص دور الفتاة التي ستتزوج بطريقتها الخاصة جدا عبر لمسات من حضن وانفاس لا تنطق ! خلايا لا تتكلم سوى برائحة المادة المصنعة وهي البلاستيك حسب ما ذكره الخبر بتفاصيله .

بكل الاحوال قد يعتبرون هذا انتصارا وتتويجا للفتاه "العانس " لقد حققت ذاتها بذاتها التكنولوجية السرطانية حققت لها ما تريد دون ان تدري او ربما تدري ولكنها تداري (بضم التاء ) – كل ما لا يتوافق مع فكرها . هل اصبحت المداراة لغة العصر إذن ؟ هل هي جزء من سياسة عزل الحقيقة ؟ هل هي اسلوب الحياة الامثل لنفوز بكل ما نريد ؟ ام هل هي مجرد لعبة اطفال سنلهو بها لحظة ثم سنكتشف لعبة جديدة أبهى منها بكثير ؟ ربما سيسعدن الفتيات بهذه الذراع – اللعبة البراقة ، ربما سيتذكرن لحظات المراهقة وربما سيقلن : يا ليت المراهقة تدوم وتدوم – يا ليت البلاستيك لم يعرفه الانسان قط .

كم هو شعور قاسي جدا ان نحيا حبا بلاستيكيا من العظم دون ان نعي حقيقته او دلائله . وكم بنو البشر- إن بقي بشر- اصبحوا جدا ( طيبين ) لعشقهم الازلي للأرقام ويا ويل من يجهل كل هذه المعادلات حقا انه "اهبل " وبامتياز .