القيادة الإستراتيجية توجه نحو نافذة الضوء..

10/09/2018

كتب: فادي محمد الدحدوح
باحث دكتوراه وخبير في البحث العلمي ومتخصص في الدراسات العليا 
Email:[email protected]

اليوم في البيئة العالمية المحاطة بالغموض والتعقيد وتشابك وتضارب المصالح، فإن التحول بفاعلية والتوجه نحو الحاجة للقادة الاستراتيجيون للمجتمعات يتطلب تركيز الانتباه على "المشهد السياسي" الذى تحدده الوظيفة والسلطة، ويستدعى إيجاد فهم مشترك بين القائد وأفراد المجتمع، حيث يشكل المشهد السياسي عنصراً واقعياً في حياة القائد الاستراتيجي، لما تمثله السياسة كآلية ضرورية يمكن للأفراد والجماعات في المجتمع التوصل عبرها إلى إتفاق حول القرارات المعقدة، وربما يرجع ذلك بالأساس إلى أن طبيعة القيادة الإستراتيجية تشمل إحداث التغيير في خضم الآراء المتباينة والمتناقضة في أغلب الأحيان، حيث تسود حالة من الغموض وعدم اليقين.

وإن المجتمعات العربية لها تكويناتها الخاصة بها، ولها خصائصها ومميزاتها، ولها مراحل للبناء والتطور المعتمدة على الظروف التي مرت وتمر بها، وإن القيادة في أي مجتمع من المجتمعات بالغة الأهمية؛ لأنها بمثابة حلقة الوصل بين الأفراد والقيادة، وبين تصوراتهم المستقبلية، وهي البوتقة التي تنصهر بداخلها كافة المفاهيم، والسياسات والاستراتيجيات، وكما أنها ضرورة لتدعيم القوى الايجابية في المجتمعات، وتقليص الجوانب السلبية  قدر الإمكان، وهي القادرة على حل المشكلات التي تواجه الناس  ووضع الحلول اللازمة لعلاجها، ومن ثم فإن القيادة هي المسؤولة عن تنمية وتدريب ورعاية الأفراد، ومواكبة التغيرات والمستجدات التي تحيط بالمجتمع، وتعمل على توظيفها لمصلحة المجتمع ككل.

فالقيادة الاستراتيجية المؤثرة هي التي تساعد الأفراد والجماعات على إدراك احتياجاتهم ومواجهتها، والقيادة الحكيمة الواعية تعمل على ترشيد سلوك الأفراد وحشد طاقاتهم وتعبئة قدراتهم وتنسيق جهودهم وتنظيم أمورهم وتوجههم الوجهة الصحيحة نحو تحقيق الأهداف والغايات المرجوة.

إن الأفراد يطبقون القيادة الإستراتيجية حين يفكرون، ويتصرفون، ويؤثرون في الآخرين بطرائق تشجع على الميزة التنافسية المستدامة، على أساس أن بؤرة تركيز القيادة الاستراتيجية تتمثل في تحقيق الميزة التنافسية المستدامة أو النجاح الدائم للمجتمعات، أي  أن عمل القيادة الإستراتيجية يتمثل في دفع وتوجيه المجتمع بحيث تحقق الازدهار والنجاح على المدي البعيد، من خلال السعي الدائم إلى امتلاك مجموعة من القدرات التي توفر قيمة مميزة للأفراد على المدي الطويل.

وتعرف القيادة الإستراتيجية بأنها القيادة التي تعتمد على التحليل والتخطيط الاستراتيجي بالاستناد إلى منطق التفكير الاستراتيجي، وتتميز بوضوح الرؤية المستقبلية المبنية على استشراف المستقبل وتسعى لتحقيق الفاعلية والكفاءة المستندة إلى العلاقة بين الأهداف والفرص المتاحة، ودعم الابتكار والإبداع للوصول إلى تحقيق الأهداف لوضع المجتمع في الصدارة.

كما يمكننا أخيراً القول بأن أن القيادة الاستراتيجية هي قدرة كافية على التوقع والرؤية والمحافظة على المرونة، وتمكين الآخرين من إحداث تغيير استراتيجي متى اقتضى الأمر ذلك، وإنها تعني الإدارة من خلال الآخرين، ولعل موضوع القيادة الاستراتيجية أصبح من أكثر الموضوعات إثارة في عالم الإدارة، حيث أصبح المعيار الذي يحدد نجاح أي تنظيم، فغالباً ما يعزى نجاح أو فشل التنظيم في تحقيق الأهداف إلى كفاءة قيادته أو عدم كفاءتها.