نادية حرحش تكتب لـوطن: أوسلو.. المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية

14/09/2018

ها هو يمر ٢٥ عاما من المهزلة المعاشة بما يسمى اتفاقية أوسلو التي رمت علينا السلطة الفلسطينية، والتي تحولت الي ظلمات تعم على الشعب الفلسطيني، فلم يعد يفرق ليلا من نهار. أيام سوداء بعتم الليالي تتغير علينا وتكتم كما الآن انفاسنا.

بعد ٢٥ عام من أوسلو، اهتراء في النسيج الاجتماعي الثقافي التعليمي الفلسطيني يمكن تسميته بالكارثي.

جاء يوم على القدس مثلا، أن يقف ناشئ في مدرسة عريقة أمام باب المدرسة وفي مواجهة لمدير، في زمن لم يكن بعيد، كانت الدنيا تقام ولا تقعد امام هيبة المعلم، يتخاصم شابان من مدرستين.. لا يهم السبب، لأن أي سبب لن يكون مهماً في المأساة التي حدثت فيما بعد.

تخيلوا اننا في القدس يصبح الشرطي الإسرائيلي هو من يفض "الطوش" الدامية التي يبدأها الناشئ ويكملها ولي الأمر والجار والعشيرة ومن يمكن استئجاره للغيث على متن الباصات من كل اتجاه.

مشهد مؤسف ومبكي! قتال بين كل طرف، أبناء المدرسة بين صياح وبكاء. بين خوف وهلع. والمسألة ليست غارة من احتلال ولا اقتحام.

طلاب يشتبكون مع جنود الاحتلال، غاز مسيل للدموع، والهدف ليس صبي رمى حجرا على جندي وحاول الاختباء.

محلات تكسر ويحطم ما فيها وتستمر المعركة حتى ينجح شرطة الاحتلال الإسرائيلية أخيرا بفض المعركة!

كل يوم مشادة تصل الى اقتتال وعطوات ودم ومستشفيات، عائلة ترحل من يطا إثر اقتتال عائلي، طعن وإطلاق رصاص، مخدرات متفشية بين تجار ومزارع حشيش.

نظام تعليم رديء لدرجة مخزية، فكما غابت التربية منه، غاب التعليم، مناهج غير مدروسة، مشتتة، معلومات خاطئة، ومسح ممنهج للذاكرة الجمعية الا من التخلف.

النداء بعلمانية وتشديد على الدين بلا وعي لما في الدين قيم، بل تشديد على ما في الدين من سيطرة على العقول.

مرشح لانتخابات البلدية في دولة الاحتلال يقيم مؤتمرا امام الحشود الإسرائيلية ويناشد بوقاحة ان الهوية والمحافظة عليها تبدأ بالمطالبة بالاستحقاقات، متناسيا، اننا في حالة سلب واستلاب.

ينادي البعض بالتقدم والتخلي عما يمسك بنا من تراث ديني من جهة، ثم نمسك بالفتاوي الدينية كمنفذ لريائنا المجتمعي.

بعد ٢٥ عاما على أوسلو، وضخ ملايين الملايين في قوى الامن، نعيش حالة من الفلتان الأمني غير مسبوقة، عصابات وفتوات وزعرنة وقبلية وحزبية في معظمها لها مسميات سلطوية تحميها، كل له ظهر من المحسوب عليه او له في سلطة أوسلو المهترئة الا من المناصب والتعيينات.

بعد ٢٥ عاما على أوسلو، كنا شعب تهز له الكتاف وتنحني له الرؤوس ويتداول مقاومته وبسالته كل مؤمن بحق وكل ساع لحرية، وصرنا شعوب مقسمة بين إسرائيلي الجنسية واسرائيلي الولاء واسرائيلي التمني. انقسامنا مخزٍ، وتقدمنا الى الوراء، وارضنا اقتلعت على مرأى أعيننا ورضينا بتقسيمات وتنازلات وصلت الى حضيض الحضيض.

بعد ٢٥ عام من أوسلو، صارت القوة والزعرنة والقبلية هي الحق.

بعد ٢٥ عام من أوسلو، سحبت إسرائيل وامريكا وحلفائهم الستار الأخير عن العري المخزي لمشهد السلطة الفلسطينية، التي رحب فيها الشعب على أمل الخلاص من الاحتلال، فكانت يد الاحتلال في الخفاء والعلن تحت كل ما يمكن ان يكون من مسميات.

كان لنا كيان مستقل عنوانه التحرر من الاحتلال، صرنا شعبا (بضم الشين) من المناصب والمسميات والبنايات، نلتقي في مطاعم وفنادق نجري التوقيعات لما تبقى من ارض باعها او تنازل عنها كل متنفذ ليصبح من هذا الوطن وطنا له ولعائلته وللمقربين من عشيرته الصغيرة.

بعد ٢٥ عام يسدل الأعور الدجال في هيئة ترامب الستار عن قضية، كانت النكبة عنوانها ولا تزال...