الصلاة المرعبة ؟!

03/10/2018

كتب: وليد الهودلي

وصف امام المسجد الاقصى المخضرم الشيخ عكرمة صبري الصلاة في المسجد الاقصى بانها أصبحت مرعبة ..

كنا قبل مرحلة التفاوض وفتح العلاقات والسلام المزعوم وقبل أن تحل علينا بركات أوسلو ، إذا أردنا الصلاة في المسجد الاقصى ننطلق الساعة الحادية عشرة لنصلي الجمعة ظهرا وهذا متاح لكل من أراد الصلاة ذكرا أو أنثى طفلا او شابا أو مسنا ، وكنا ننطلق من رام الله في رمضان بعد الافطار وصلاة المغرب لنشهد صلاة العشاء والتراويح ، ثم نعود أدراجنا ، قد يعترضنا حاجز عسكري وبعض المضايقات ولكن يتم تجاوزها  ، أما هذه الايام فان من أراد الصلاة فعليه بالاتي :

• أن يكون قد تجاوز الخمسين وأن ينتظر يوم الجمعة في رمضان ثم يمر بعملية الغربلة على حاجز قلنديا حيث نصبت عدة مفارز، إن نجى من واحدة لا ينجو من الثانية حتى اذا وصل " المعّاطة " وهو مصطلح فلسطيني يعبر عن حالة الدوران مع الباب الدوار ذو المقاطع الحديدة التي تشبه ماكينة نتف ريش الدجاج . اذا كنت نظيفا أمنيا وفق معاييرهم السوداء تمر من براثن المعاطة واذا كنت ممن شابتك شائبة من سوابقك الامنية معهم كان حظك عظيما ان أعادوك دون اعتقال أو احتجاز لساعات .. يفتح لك باب كهربائي ثم تؤمر بدخوله عبر مكبرات الصوت ثم يغلق خلفك لتجد نفسك محتجز معتقل تنتظر رحمة الجلاد .

• ممكن الدخول لمن ملك الهوية الممغنطة وتصريح الدخول وذلك بعد الفحص والتمحيص بشريا والكترونيا ولكن من يُعطى مثل هذا؟ وكم هي نسبتهم من جمهور المصلين ؟! لا أحد يعرف الا اننا نلحظ حالة المرمرة التي يمرون بها وكانهم يدفعونه الى عدم تكرار التجربة مرة ثانية .

• ومن حظي بتجاوز حاجز قلنديا سيجد قطاع الطرق داخل مدينة القدس يتربصون به على أبوابها ، يشهرون سلاحهم ويضعون المواطن الفلسطيني الاعزل في حالة رعب ، إذ لو ان جنديا أحب أن يتسلى أو أن يعمل "أكشن" في عمله الروتيني الممل ما عليه الا أن يدعي على أحد المارة بأنه حاول طعنه او الاعتداء عليه ، حينها تقوم معفرة لها أول وليس لها آخر وتنتشر حالة من الفزع وينتشر الجنود بكل شراسة وتتحول طرق القدس العتيقة الى جبهة حرب بين لحظة وأختها ، يفر الناس وتداس النساء وضعاف الخلق تحت الاقدام فلا يحترم كبير ولا يرحم ضعيف أو صغير  .

• واذا حالفك الحظ ووصلت ساحة المسجد حيث يخيب ظنك بالشعور بأمن وحرمة المسجد ، ستجد حرابهم مصوبة الى صدور المصلين وستجد قطعان المستوطنين بكل خسة ونذالة وتحت حراسة قوات معززة بالسلاح يقتحمون الساحات جيئة وذهابا ، فوجا بعد فوج وأنت لا تدري كيف تؤدي الصلاة والخطر محدق بك من كل جانب وهو يغرقونك بالشعور بالذل والمهانة والقهر ، يملؤون صدرك غيظا وغضبا ويحرقون كل مشار الحياة والامل في قلبك ..

• تتشاهد على روحك مرات ومرات ثم تنطلق بعد الصلاة وقلبك من أعماقه يصرخ : ما هذه الصلاة المغمسة بالذل ؟؟ واذا انقضت جمع رمضان عليك الانتظار سنة كاملة ليسمح لك مرة ثانية هذا ان لم تزدد الاوضاع سوءا وزادوا من شروطهم كما هو دأبهم .

والسؤال الآن لماذا وصلنا الى هذه الحالة وتدرجت بنا الامور الى هذه الدرجة ، الاجابة السريعة : هي سياسة الاحتلال ، ولكن ما هي سياستنا نحن وأين كانت مع خمس وعشرين سنة من التفاوض ؟ كيف حصل هذا ولماذا ؟ وعلى ماذا كنا نفاوض ؟ ثم هل قبولنا وانصياعنا لسياساتهم اتجاه قدسنا كان صحيحا ؟ لنعلن ما هي سياستنا وما هي خطتنا ؟ هل فقط ان نعلن استنكارنا وشجبنا ورفضنا ثم لا نفعل شيئا ؟ او ان نذهب فرادى لندبر تصريحا وممغنطا ؟ أو أن ننتظر اجراءاتهم القادمة ؟!

الامر بحاجة الى رؤية وطنية وخطة ننتهجها بحيث تكون مختلفة تماما عن ردات الفعل والاستجابة الى شروطهم والسعي في الاجراءات التي يجيدون جعلها وكأنها حقائق على الارض ..