تحقيق استقصائي لوطن: بالتصوير السري: المحظور يملأ الاسواق

23.04.2017 11:52 AM

وطن تفتح ملف الشرائح الاسرائيلية
الشرائح الاسرائيلية.. آفة تضرب قطاع الاتصالات الفلسطيني.. كيف نواجهها؟
الحراك يوجه صرخة عبر وطن لشركات الاتصالات: نريد حوارا

وطن- وفاء عاروري: انتشار 400 الف شريحة اسرائيلية في الأسواق الفلسطينية، وتسريبات اعلامية حول نية شركات الاحتلال تقوية محطات البث التابعة لها في الضفة الغربية، في ظل وعود قدمها نتنياهو للادارة الامريكية الجديدة بمنح تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين، وانتشار حراك على مواقع التواصل يطالب الشركات الفلسطينية بتخفيض الاسعار، هذا التسلسل الكبير من الاحداث المترابطة، دعى وطن الى الخوض في هذه القضية.

فقررنا اعداد تحقيق استقصائي حول هذا الموضوع، وانطلق العمل..

ثبتنا الكاميرا السرية، وانطلقنا في جولة داخل مدينة رام الله، دخلنا احد المحال التجارية المتخصصة بالاجهزة الالكترونية، وطلبنا شريحة اسرائيلية، فسرعان ما لبى التاجر طلبنا، ليس هذا فحسب، بل دلنا أيضا على شرائح تتبع لشركة اسرائيلية اخرى، يبيعها جاره في المبنى ذاته.

خطة غير معلنة

المتابع للشأن السياسي لا بد انه سمع عن وعود نتنياهو للادارة الامريكية الجديدة، بتسهيلات اقتصادية للفلسطينيين، وهو ما يتناقض تماما مع تسريبات حول نية شركات الاحتلال تقوية محطات البث في الضفة الغربية، فهل هي خطة لتوجيه ضربة كبيرة لقطاع الاتصالات الفلسطيني؟!

المختص في الشأن الاسرائيلي، عصمت منصور، أكد لـ وطن صحة هذا الخبر، موضحا أن عددا من المواقع العبرية نشرته منذ فترة قصيرة.

وأضاف منصور أن الخبر يتزامن أيضا مع طرح وزير المواصلات الاسرائيلي مخططات لبناء بنية تحتية قوية في المناطق المصنفة "ج"، والخاضعة لسيطرة الاحتلال.

وأكد منصور أن كل هذه المؤشرات تدل على ان اسرائيل تسعى فعليا الى ضم الضفة الغربية بطريقة غير معلنة.

وطن تسائل وزارة الاتصالات

سهولة الحصول على هذه الشرائح  في ظل الخطة الاسرائيلية المذكورة، دفعت وطن للتوجه للجهات المختصة لمساءلتها، فبدأنا بوزارة الاتصالات.

وكيل الوزارة سليمان الزهيري، أكد لـ وطن أن الوزارة تبذل قصارى جهدها بالشراكة مع كافة الجهات المختصة وعلى رأسها الضابطة الجمركية، من أجل منع تسويق هذه الشرائح في أسواقنا، ولكن من الصعب جدا مهما كانت الاجراءات مشددة، الوصول إلى منع تام لهذه الخدمات، كونها خدمات الكترونية يمكن بيعها وشراؤها من خلال الانترنت.

الاحتلال لا يدفع!

وأكد الزهيري أن منافسة الشركات الاسرائيلية لمثيلاتها الفلسطينية في هذا القطاع غير عادلة على الاطلاق، موضحا أن الشركات الاسرائيلية لا تدفع اية التزامات للسلطة الفلسطينية، بالتالي باستطاعتها توفير أسعار زهيدة جدا للفلسطينين.

وأضاف: وذلك على عكس الشركات الفلسطينية التي تدفع التزامات مالية للسلطة، بالتالي فهي بحاجة إلى رفع اسعارها لتستطيع تحقيق هامش ربح معين دون خسارة.

توجهنا في وطن للضابطة الجمركية، لمعرفة الاجراءات الرقابية التي تتخذها للحد من انتشار هذه الشرائح، فأكد لنا الرائد لطفي ناصر، مدير دائرة المكافحة والتفتيش انه في حال تم ضبط أية شرائح اسرائيلية أو حتى أجهزة خلوية تحمل بث هذه الشرائح، يتم التحفظ عليها ومصادرتها، واحالة القضية او المخالفة للجهة المختصة وهي وزارة الاتصالات الفلسطينية.

بيانات الضابطة تثبت ضعف الرقابة

واطلعت وطن على البيانات السنوية للضابطة الجمركية، والتي توضح حجم ما تم ضبطه من الشرائح و"الكروت" الاسرائيلية، خلال الاعوام الثلاثة الأخيرة، وكذلك عدد القضايا المرفوعة على التجار في المحاكم، لأسباب متعلقة بالمتاجرة بهذه الشرائح، والتي بلغت خلال العام 2016، 55 قضية.

وحسب الضابطة فإن مجموع ما تم ضبطه من شرائح اسرائيلية خلال الثلاث سنوات الماضية، لم يتجاوز 10 الاف شريحة، أي  2.5% من عدد الشرائح المستخدمة فلسطينيا وعددها قرابة 400 الف شريحة، حسب وزارة الاتصالات، وهو ما يعني ان الرقابة على هذا القطاع لا زالت ضعيفة.

حراك يطالب بتخفيض الاسعار

وأثناء مساءلتنا للجهات المختصة حول هذا الموضوع، انطلق حراك واسع على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "بكفي يا شركات الاتصالات"، يوجه العديد من المطالب لشركات الاتصالات الفلسطينية، ممثل الحراك جهاد عبدو، قال لـ وطن إن مطالبهم تتمثل إجمالا في  تحسين أسعار وجودة خدمات الاتصالات، والغاء بعض رسوم الاشتراك المفروضة على المستهلك.

صرخة عبر وطن

وأكد عبدو ان شركات الاتصالات الفلسطينية تعتبرهم غير شرعيين، موجها صرخة عبر وطن لشركات الاتصالات الفلسطينية، قائلا: نريد حوار جدي حكيم مبني على التفاهم والاحترام، وتقبل وجهات النظر.

توجهنا في وطن لشركات الاتصالات الفلسطينية، لأخذ ردها على ذلك.

الوطنية موبايل: نحترم الحراك وأسعارنا عادلة

مدير أول الاتصالات التسويقية والعلاقات العامة في الوطنية موبايل، شادي القواسمي، فند ادعاء الحراك برفض الوطنية فتح باب الحوار معهم، مؤكدا ان الشركة استضافت ممثلين عن الحراك  في مقرها واستمعت لمطالبهم، كما طلبت منهم ان يتوجهوا برسالة واضحة ومحددة لوزارة الاتصالات، من أجل تسهيل معالجتها.

ورفض القواسمي ايضا قول الحراك إن اسعار الوطنية موبايل مرتفعة، وأضاف: شعارنا "بنعطيك أكبر وفيك بنكبر"، ونحن ما جئنا في الوطنية موبايل بهذا الشعار إلا إيمانا منا بأننا نعطي المواطن أكثر، ولدينا العديد من البرنامج التي توفر أسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود.

الاتصالات الفلسطينية: المنافسة غير عادلة

بدوره صرح الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية، عمار العكر، خلال مقابلة خاصة مع وطن، باحترام الاتصالات للحراك ومطالبه، مضيفا: ما أزعجني حقيقة هو محاولة الترويج للشرائح الاسرائيلية، كبديل عن الشركات الوطنية.

وقال: نحن مهما اختلفنا بيننا لا يجب التفكير مطلقا بالبديل الاسرائيلي كبديل عن المنتج الوطني، مع ترحيبنا بأية ملاحظات يقدمها المواطن.

وطالب العكر المواطنين مراعاة المنافسة غير العادلة مع شركات الاحتلال.

وتعقيبا على هذا الأمر تحديدا، أكد ممثل الحراك جهاد عبده، أن الحراك لا يروج للشريحة الاسرائيلية، ويلتزم بالمقاطعة، لكن على الشركات المحلية مجددا، ان تقدم خدماتها باسعار مناسبة.

المواطنون: لا غنى عن شركاتنا ونتوقع منها الافضل

وكانت وطن نفذت جولة ميدانية، واستطلعت آراء المواطنين في هذا الموضوع، حيث أكد المعظم تأييدهم القاطع لمقاطعة البضائع الاسرائيلية وبينها الشرائح، موجهين رسائل للشركات الفلسطينية بضرورة تخفيض الاسعار وتحسين الجودة.

الجيل الثالث سيسد الفجوة

وفي خضم هذه الاحداث وافق الاحتلال أخيرا على منح الشركات الفلسطينية ترددات الجيل الثالث، بعد مد وجزر استمر نحو عشر سنوات، لكن هذا الاجراء يبقى بصيص امل للشركات الفلسطينية بسد الفجوة الالكترونية التي تعمد الاحتلال خلقها، حيث تتوقع الشركات الفلسطينية أن ينخفض عدد الشرائح في المستقبل القريب.

ولعل احد اكبر التحديات التي تواجه شركات الاتصالات الفلسطينية هو عجزها عن العمل في 60% من المناطق المصنفة "ج"، الخاضعة لسيطرة الاحتلال امنيا ومدنيا، وفي زيارة ميدانية نفذها طاقم وطن الى احدى تلك المناطق، أكد التجار ان معظم زبائنهم من الضفة الغربية، ما يساهم تلقائيا في ارتفاع عدد الشرائح المنتشرة في أسواقنا.

خسائر فادحة

ويقدر تقرير البنك الدولي حجم خسارة الاقتصاد الفلسطيني، نتيجة هذه الشرائح نحو مليار دولار امريكي، حيث تسيطر اسرائيل على 20% من حصة الاقتصاد الفلسطيني في هذا القطاع،  ما دعى النائب العام مؤخرا الى اصدار قرار يقضي بمنع حيازتها وتداولها.

بدوره قال المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان، د. عمار دويك، ان هذا القرار من ناحية قانونية هو سليم 100%، ويتوافق مع سياساتنا الوطنية.

مشيرا الا ان الحل من أجل تخفيض عدد الشرائح ليس بسن هذه القوانين، ولكن بإعادة ثقة المواطن بشركات الاتصالات مرة أخرى، وهذا لا يتم الا من خلال الشركات ذاتها.

وخلصت وطن من خلال مقابلتها لكافة الاطراف المتعلقة  بهذا الموضوع الى عدد من المحاور:

- سهولة الحصول على الشرائح الاسرائيلية حتى من مراكز المدن.
- صعوبة السيطرة التامة على هذا القطاع لكون خدمات الاتصالات الكترونية، مع ضرورة تشديد الرقابة.
-  وجود خطة اسرائيلية غير معلنة لضرب قطاع الاتصالات الفلسطيني وفقا للمحللين.
- وعود نتنياهو بتقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين، كاذبة.
- حراك بكفي يا شركات الاتصالات يوجه صرخة عبر وطن: نريد حوارا.
- شركات الاتصالات الفلسطينية تحترم الحراك ومستعدة لفتح حوار معه.
- شركات الاتصالات الفلسطينية تتوقع ان ينخفض عدد الشرائح الاسرائيلية في الضفة الغربية بعد الحصول على ترددات الجيل الثالث.

وكانت النيابة العامة امهلت التجار حتى العشرين من الشهر الجاري للتخلص من هذه الشرائح، مشيرة إلى أنها بعد هذه المدة ستتخذ اجراءات قانونية، بحق  المخالفين، فيما اكد الحراك انه سيتخذ خطوات تصعيدية خلال الايام القادمة، إن لم يكن هناك حوارا.

 

تصميم وتطوير