ندوة حوارية حول واقع التربية البيئية المدرسية

28.04.2018 02:31 PM

رام الله - وطن: نظمت مجلة "آفاق البيئة والتنمية الصادرة عن مركز العمل التنموي/معا ندوة حوارية ناقشت من خلالها واقع التربية البيئية المدرسية في ظل حذف مبحث "الصحة والبيئة" من المنهاج الفلسطيني العام الماضي، حيث شارك في الندوة لفيف من ممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية ونشطاء وخبراء في البيئة ومساهمون في تأليف مباحث الصحة والبيئة التي طُبقت في المنهاج الفلسطيني.

تناولت الندوة التي عقدت في مقر مركز معا في رام الله برعاية إعلامية من تلفزيون وطن ووكالة وطن، أسباب إلغاء منهاج الصحة والبيئة المدرسية والبدائل للتربية البيئية والصحية التي ارتأتها وزارة التربية والتعليم، ومدى انخراط المدارس في السنوات الأخيرة في أنشطة صحية وبيئية وتفاعلهم في النوادي البيئية، كما تم نقاش مدى جاهزية المعلمين لتمرير أنشطة تفاعلية ذات صلة، وجرى التطرق إلى الدليل المرجعي في التربية البيئية الصادر عن مركز معا بمشاركة خبراء وباحثين وبحث أسباب عدم التعاطي معه بشكل واسع في المدارس.

تطرق رئيس المناهج في وزارة التربية والتعليم ثروت زيد إلى أن التعاطي مع البيئة "حاضنة التغيير" هو مفصل أساسي في المنهاج الفلسطيني لأنه ينسجم مع مفاهيم الوطنية والتحرير والتنمية. وتحفّظ على وصف ما جرى بـ "الإلغاء" مدافعاً عن فكرة دمج المبحث مع مواد العلوم والاجتماعيات والمباحث الأخرى من صفوف الأول وحتى ال12 بدلاً من حصرها كما السابق في الصفوف الإعدادية فقط، أي أن الدمج، وفق زيد، جرى ضمن نظرية الانتشار أي على شكل مباشر كوحدة أو درس في المباحث، أو يكون الموضوع البيئي محمولاً على شكل مفاهيم وعادة تكون تطبيقية، ويرى أن دمج المبحث مع المباحث الأخرى زاد من الزاميته لدى المعلم، مؤكداً أن المنهاج الجديد قائم على الأنشطة التفاعلية وليس تلقيني بحت كما السابق. 

فيما أشار رئيس وحدة الدراسات في مركز معا جورج كرزم إلى تحدي تأهيل المعلم اليوم لينتقل من ثقافة التلقين إلى أسلوب التعليم التفاعلي، وما يحدث حالياً وبحكم المشاهدة والخبرة هو إهمال العديد من المعلمين للتطبيقات والتركيز على الجوانب النظرية الجافة، ورأى كرزم بأننا نحتاج إلى نقل مفاهيم تربوية بيئية لطلابنا، حتى تترجم إلى سلوك عملي في حياتهم، وترتبط بشخصيتهم، وهذا لا يتأتى من خلال مقررات هامشية في المناهج، وإنما عبر منهاج مستقل بالتربية الخضراء أسوة بالتربية الرياضية والفنية والدينية؛ حتى ننمي فيهم مهارات وكي يمارسوا تطبيقات عملية.

فيما تطرق أمجد حميدات مدير دائرة البيئة والتغذية في التربية والتعليم إلى اهتمام الوزارة بإنشاء نظام داخلي لتأسيس نوادي تحقق بيئة مدرسية سليمة وصحية تستند على تنظيم فعاليات مستمرة. مؤكداً أن تلك النوادي قائمة منذ سنوات وبدأ دورها يبرز من خلال مشاريع تدوير للنفايات الصلبة، بيوت بلاستيكية ومشاريع الطاقة الشمسية ومبادرات بيئية لدعم المجتمع المحلي، ويرى أن هناك حراك جيد داخل المدارس فيما يتعلق بالتربية البيئية، لكن الإشكالية في الحاضنة والبيئة الخارجية من بيت ومجتمع ما يؤثر سلباً على ما يتعلمه الطالب في مدرسته، مشدداً على أن الجهود عليها أن تتكاتف من مختلف المؤسسات لرفع مستوى الوعي البيئي عموماً.

فيما أيدت لبنى الصدر مديرة دائرة التثقيف الصحي في وزارة الصحة عودة مبحث مستقل للصحة والبيئة، لأنها بحكم عملها تدرك كم تواجه هذا الجيل من قضايا وتحديات صحية (التدخين، المراهقة، النظافة العامة) بحاجة إلى لقاءات إرشادية توعوية مكثفة قد لا تتناسب مع فكرة الدمج إلّا في حال وفّر المساحة الزمنية المتاحة.

أما زغلول سمحان مدير دائرة السياسات والتخطيط في سلطة جودة البيئة، فأكد على أن التعليم البيئي احد أهم الأدوات في الإستراتيجية الوطنية البيئية الخاصة بالوزارة، ورأى أن أحد أهدافها "التعليم البيئي" ضمن منهاج قائم على أنشطة، فالقضية من وجهة نظره ليست فصل أو دمج المبحث مع المنهاج، بقدر ما هي التعليم بالممارسة ليصبح السلوك البيئي نهج حياة.

فيما شددت الخبيرة البيئية ريم مصلح على أهمية تأهيل معلمين قادرين على تمرير المفاهيم البيئية بحيث يملكون المعرفة الكافية والإيمان بالقيم البيئية، مستشهدة بأمثلة من خلال عملها بمعلمين معرفتهم البيئية "صفر"، فيما أشار مدير مركز التعليم البيئي "سيمون عوض" وبحكم عمله إلى أن المبحث حين كان مستقلاً لم يتم التعاطي معه بشكل فاعل؛ بل تم التعامل معه وكأنه مادة اختيارية في ظل غياب كوادر مؤهلة.

وشدد أحد مؤلفي الدليل المرجعي للتربية البيئية الصادر عن مركز معا "عزمي بلاونة" على أهمية الدليل في ترسيخ التوجهات والأبعاد البيئية ليس فقط عند الطالب بل المعلم أيضاً. فيما دعا مدير متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي مازن قمصية إلى ضرورة تقييم عملية الفصل أو الدمج من خلال دراسة النتائج وعمل تقييم مستمر عبر تشكيل لجنة مصغرة يتم انتقاؤها من مؤسسات وهيئات محلية لتقييم التجربة والنهوض بواقع تعزيز الوعي البيئي في المدارس.

وانتقد محمد سعيد الحميدي أحد واضعي الخطوط العريضة لمبحث الصحة والبيئة تأخر تأسيس "مجلس تنظيم التعليم" على غرار مجلسي تنظيم المياه والكهرباء، والذي سيكون مؤثراً وناظماً ومقيماً لأداء المناهج والتعليم عموماً. أما المهندس الزراعي سعد داغر فانتقد غياب التركيز على الزراعة في المنهاج، مشيراً إلى توقف مشروع المزارع الصغير والذي بُدئ العمل فيه قبل سنوات، وأضاف إلى أنه وبحكم خبرته فالزراعة والمعرفة البيئية في تراجع.
ومن الجدير ذكره الإشارة إلى أن الندوات الحوارية هي جزء من أنشطة مجلة آفاق البيئة والتنمية التفاعلية والتي تهدف إلى نقاش القضايا البيئية التي يتم تغطيتها إعلاميا أولاً في المجلة وتلقى اهتماماً شعبياً وإعلاميا، وذلك عبر نقاش بعض القضايا العالقة وتبادل الأفكار ووجهات النظر بهدف إيجاد حلول مع الجهات ذات الصلة.

وقد شارك في الندوة كل من  أ. ثروت زيد/ رئيس مركز المناهج في وزارة التربية والتعليم، أمجد حميدات /مدير دائرة البيئة والتغذية وزارة التربية والتعليم، أ. زغلول سمحان/المدير العام للسياسات والتخطيط في سلطة جودة البيئة، أ. لبنى صدر/مدير دائرة التثقيف الصحي في وزارة الصحة، أ. محمد سعيد الحميدي/. مؤلف مساهم في مبحث الصحة والبيئة، عزمي بلاونة مدير التربية والتعليم في نابلس وأحد مؤلفي الدليل المرجعي للتربية البيئية، أ.سيمون عوض مدير مركز التعليم البيئي، د. ريم مصلح/خبيرة بيئية، أ. سعد داغر/خبير وناشط بيئي، د. مازن قمصية، أستاذ علوم حيوية في جامعة بيت لحم ومهتم بالبيئة، أ. لينا اسماعيل/ناشطة بيئية، أ. فيفيان صنصور/ناشطة بيئية، أ. عبير البطمة/منسقة شبكة المنظمات البيئية، أ. جورج كرزم/مدير وحدة الدراسات والإعلام البيئي في مركز معا، أ. ربى عنبتاوي/صحفية بيئية وميسرة الندوة.

تصميم وتطوير